لبنان أمام تركيبة حكم جديدة لا تمس جوهر الكيان

الأيام المقبلة ستشهد مشاورات جدية سيكون حزب الله طرفاً أساسياً فيها وستتركز على تقريب وجهات النظر بين عون وبري، فيما تستبعد هذه الأوساط نجاح الجهود لإعادة إحياء طاولة الحوار التي كان يرعاها رئيس البرلمان.

بري هدد بالانتقال الى صفوف المعارضة في حال انتخاب عون رئيساً
إعلان رئيس تيار المستقبل في لبنان سعد الحريري دعمه ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة البلاد أدخل لبنان المتاخم للأزمات مرحلة جديدة لم يعهدها مذ تأسيس الكيان قبل نحو قرن من الزمن.

لكن هل إعلان الحريري دعمه لحليف حزب الله كاف لعودة الجنرال الى القصر الرئاسي بعد 26 عاماً على مغادرته السلطة بموجب إتفاق الطائف الذي وقعه اللبنانيون في المملكة العربية السعودية في العام 1989 .

تصعب الإجابة راهناً ولكن عون بات يحظى بغالبية نيابية مريحة وكفيلة بإنتخابه رئيساً للجمهورية في الجلسة البرلمانية المقررة في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل وليس في الجلسة المحددة أصلاً في 31 تشرين الأول/ أوكتوبر الحالي. 
ووفق معلومات خاصة للميادين فإن تمديد المهلة يأتي بطلب من قوى وازنة في تحالف 8 آذار (الداعم لدمشق والمقاومة) من أجل إعادة الوئام إلى صفوف هذا الفريق بعد إصرار رئيس البرلمان نبيه بري على رفض التصويت لحليف حليفه حزب الله، ونظراً لسفر الأخير إلى خارج البلاد للمشاركة في اجتماعات برلمانية وعدم تمكن حلفائه من إقناعه بتبني ترشيح عون في الوقت الضيق المتاح قبل جلسة نهاية الشهر الحالي، عدا عن أن حزب الله لن يسمح بكسر بري تحت أي ظرف كان، وبالتالي فإن تأجيل الجلسة الإنتخابية يبقى الحل الأفضل على الرغم من معارضة عون لهذا الخيار.

"تركيبة حكم جديدة "

في حال سارت الأمور وفق الأجواء التوافقية فإن العماد ميشال عون سيكون الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية ورابع قائد عسكري يتبوأ سدة الرئاسة بعد كل من فؤاد شهاب عام 1958، وإميل لحود عام 1998، وميشال سليمان عام 2008 .

لكن التفاهم بين التيار الوطني الحر الذي أسّسه عون وتيار المستقبل برئاسة الحريري يتضمن إعادة تكليف الأخير رئاسة الحكومة وهو الأمر الذي كان أول من ألمح إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في 13 آب/ أغسطس الماضي وبالتالي ستشكل عودة الحريري إلى السراي الحكومي نصراً غير عادي لتيار المستقبل الذي استبعد من السلطة التنفيذية في كانون الثاني/ يناير عام 2011 بعد تفاقم الخلاف مع حزب الله وحلفائه.

التفاهم ينص أيضاً على تأليف حكومة وحدة وطنية تضم التيار الوطني والقوات اللبنانية إضافة إلى المستقبل وحلفائه، ولكن عودة القوات إلى السلطة التنفيذية تأتي بعد استبعادها عن الحكومة عام 2011 ومقاطعتها الحكومة الحالية برئاسة تمام سلام والتي تألفت في شباط / فبراير عام 2014 .

وسط هذه المتغيرات يلوح رئيس البرلمان بالإنتقال إلى صفوف المعارضة وعدم رغبته تسمية الحريري لرئاسة الحكومة وعدم رغبته أيضاً إسناد أي حقيبة وزارية لفريقه السياسي. هذا المشهد يشي بمزيد من التعقيد وسيرخي بظلاله على الحياة السياسية اللبنانية.

أما الحديث عن صفقة بين عون والحريري فإن الأوساط السياسية ومنها حلفاء عون تنفي جملة وتفصيلاً وجودها وتعيد التذكير بموقف السيد نصر الله في آخر ليلة من عاشوراء ومفاده أن "لا وجود لصفقات وإنما تفاهمات، والجنرال (عون) صادق في ما يقول".

وعليه فإن الأيام المقبلة ستشهد مشاورات جدية سيكون حزب الله طرفاً أساسياً فيها وستتركز على تقريب وجهات النظر بين عون وبري، فيما تستبعد هذه الأوساط نجاح الجهود لإعادة إحياء طاولة الحوار التي كان يرعاها رئيس البرلمان ولا يزال غاضباً من تعليق جلساتها بعد تهديد التيار الوطني الحر الإنسحاب منها ما دفعه إلى تعليق الحوار.