بغداد - أربيل.. الهواتف مُغلقة

ساعات تفصل البرلمان العراقي عن جلسة ضروس أو أنها باردة. دُعاة سحب الثقة عن وزير المال هوشيار زيباري ينتظرون إدراج البند رسمياً. مؤيّدو وزير المال يعولون حتى آخر لحظة على نسف ما اعتبروه استهدافاً للمكوّن الكردي وإن بإخلال النِصاب. لكنه هذه المرة لا يعوّل على أبناء القومية بقدر حلفاء يفترض الحزب الديمقراطي الكردستاني أنهم بوارد ردّ الجميل.

دُعاة سحب الثقة عن وزير المال هوشيار زيباري ينتظرون إدراج البند رسمياً
هَمَس العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني حازماً يحمل تخويلاً ونفوذاً "لن ندفع ثمن فاتورة غيرنا في الإصلاح وإن دُفعت رغماً عنا فسيدفع كثيرون فاتورة أكبر".

فرصة أخرى تلقى بأحضان الحزب الديمقراطي الكردستاني من بين فرص كثيرة. أزمة الاتّحاد الوطني الكردستاني الداخلية ومحاولات البرلمان الاتّحادي في بغداد إدراج سحب الثقة من وزير المال في الحكومة المركزية هوشيار زيباري، أزمة محافظي السليمانية وحلبجة. هكذا إذاً كلما اتّسعت المُعادلة وازدادت أطرافها كلما تأجّل حسم ملفات كثيرة وهي فرصة لا بأس بها لدفع ملفات لم يحسم التوافق في البيت الكردي نهايتها.

ساعات تفصل البرلمان العراقي عن جلسة ضروس أو أنها باردة. دُعاة سحب الثقة عن وزير المال هوشيار زيباري ينتظرون إدراج البند رسمياً. مؤيّدو وزير المال يعولون حتى آخر لحظة على نسف ما اعتبروه استهدافاً للمكوّن الكردي وإن بإخلال النِصاب. عين المعارضة الكردية على إحداثيات تنفيذ ضربة موجعة تفرض على "البارتيين" (الحزب الديمقراطي الكردستاني) التفاوض معهم وعدم اقتصار التفاوض على "يه كه تي" (الاتحاد الوطني الكردستاني) وكل الأطراف الكردية تُدرك أدوارها من دون إعلان مع قناعة الديمقراطي بأن هناك مَن سيصوّت بالضدّ من ممثل المكوّن في بغداد لكنه هذه المرة لا يعوّل على أبناء القومية بقدر حلفاء يفترض الحزب أنهم بوارد ردّ الجميل.
المُخيّمات الكردية لاحتضان أهل الموصل، المساعدات الإنسانية، الإسناد العسكري لأبناء عشائر نينوى، الحليف التركي المُشترك، أوراق يرصفها الحزب الديمقراطي للتذكير بدوره وأهمية دوره ولا يتوانى قادة الصف الثاني في الحزب عن وصف الوضع العربي في كركوك بأنه صناعة صانع القرار المحلّي فيها في إشارة للمُحافظ نجم الدين كريم عضو المكتب السياسي للاتّحاد الوطني .
حرب سياسية مرّر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الكرة فيها من زاوية الدور التشريعي  فأبعد عن نفسه الحَرَجَ التنفيذي والملامة. وترك لممثلي الشعب أن يكونوا في زاوية الإصلاح إن أرادوا. هكذا إذاً أعلن أن البون شاسع بين استدعاء دستوري للوزير وبين إفراغ الحكومة .

بينما أبعد العبادي الملامة عن نفسه يصل رأس الهرم التشريعي إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق في زيارة خاطفة سريعة تقول المعلومات إنها لم تؤتِ أكلها. المفارقة أن هاتف رئيس الإقليم مسعود بارزاني كان مُغلقاً. وردّت حينها الخطوط الساخنة.  

الكرد يحاولون القول إن استهداف زيباري وهو وزير المال استهداف للكرد وملف الإصلاح الذي وعد به رئيس الحكومة شأنه هو وأنهم يمتلكون استحقاقاً انتخابياً وحصة ثابتة في الموازنة وتمثيلاً دستورياً وليس من مرشّح بديل عن الوزير، أو أن الأبواب ستُغلق لإعادة ترتيب الأوراق من جديد.  لِمَ الحِراك الكردي بهذا الشكل؟ ذلك أنهم يعتبرون قرار حماية زيباري من مسؤولية رئيس البرلمان ولا خلاف سياسياً معه وبالتالي فإن تثبيت بند سحب الثقة وسحب الموضوع لأن يكون واقعاً ستترتّب عليه أزمة سياسية لن يقبلوا بنهايتها بأقل من إزاحة سليم الجبوري عن رئاسة المجلس وطبعا هذا في بغداد. أما الإقليم فإنها فرصة لترتيب الأولويات ودفع ملف رئاسة الإقليم ورئاسة حكومته ما استطاعوا .

يغمز قريب من دائرة التفاوض أن زعيم ائتلاف متّحدون أسامة النجيفي هو الرابح الأكبر من ملف علاقة أربيل بالبرلمان الاتحادي ورئيسه وهو يسعى سعيه لإثبات دوره وحلفه مع الكرد. النجيفي له تأثيره في نينوى التي تحاذي أربيل جغرافياً وهو ابنها. والجبوري ابن ديالى التي تحاذي كركوك حيث الاتحاد الوطني الكردستاني بقوة حضوره وبالتالي هو أبعد من أن يكون حليفاً. مُضافاً إلى هذا فإن رئيس البرلمان العراقي من الحزب الإسلامي لكن تركيا صاحبة التأثير في الإقليم أقرب إلى النجيفي.
من هذه الزوايا يُعيد بيت "البارتيين" ترتيب نفسه: إن سقطت قذائف المعارضة الكردية على وزير المال هوشيار زيباري فإن موعده مع رئاسة حكومة الإقليم خلفاً لنيجرفان بارزاني وهناك سيكون حاضراً مع المعارضة قريباً منها. وإن غادر ابن أخ رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني منصبه فإن خال رئيس الإقليم رئيس للحكومة. ومن هذه الزاوية أيضاً ينظر "البارتيين" إلى أن بديل زيباري إن تحقّقت الإصابة بإزاحته فهو روز نوري شاويس، عضو المكتب السياسي للحزب وحرس قديم جديد فيه، وعندها سيكون هدف الحزب رئيس البرلمان سليم الجبوري لأن البارتي يرى مقبولية في توجيه خصومه ضربة له أكثر من ضربة يمكن لرئيس البرلمان أن يوقفها.
لا ردّ على الهواتف لأن حامليها من كل الأطراف لا يمتلكون رداً على الأسئلة ولا إمكانية لقطع الوعد. فبقيت الهواتف على حالها بانتظار الجلسة وحينها إن كانت القوانين التي أزاحت زيباري نصوصاً محكمة فإن السياسة تقدير وسيعيد البارتي تقديره كما تشي التفاصيل.