التجديد لليونيفيل: إقرار "الفصل السابع" وصفة للحرب

في حال تمّ تحويل القرار الأممي إلى الفصل السابع، فقد يغري ذلك "إسرائيل" والولايات المتحدة للضغط على اليونيفيل للاضطلاع بمهمة نزع سلاح حزب الله، وقد تعمد العناصر المتعاملة مع "إسرائيل" إلى محاولة الإيقاع بين اليونيفيل وحزب الله.

  • التجديد لليونيفيل: إقرار
    التجديد لليونيفيل: إقرار "الفصل السابع" وصفة للحرب

في معرض النقاش السنوي للتجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان، رفض وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب مشروع قرار تم تقديمه لمجلس الأمن الدولي للتجديد لليونيفيل، ورد فيه إعادة التأكيد على ما تمّ تمريره العام الماضي من إعطاء القوات الدولية القدرة على التحرك بصورة منفردة من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، بعكس ما كانت قواعد الاشتباك التي تمّ التوافق عليها عام 2006 تنص عليه، حين تمّ تحديد مهام جديدة لليونيفيل بناءً على القرار الأممي 1701. 

وبعد وصوله إلى نيويورك، أعلن بو حبيب أن لبنان يرفض نقل ولاية اليونيفيل من الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة إلى الفصل السابع. 

1701: اليونيفيل قوة سلام معززة

منذ حرب تموز 2006 وما تلاها من محاولات وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة والنقاش بشأن القرار 1701، جرت محاولات غربية لوضع مهمّة اليونيفيل تحت إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتيح للقوات الدولية استخدام القوة لتنفيذ المهام الموكلة إليها.

وبعكس المسودة الأولى للمشروع (المسودة الفرنسية في 5 آب/أغسطس 2006) التي أكدت بشكل واضح الفصل السابع، وأعطت القوات الدولية صلاحيات واسعة في استخدام القوة لفرض السلام، أتت النسخة النهائية للقرار 1701 مخففة، وأزيلت منها الإشارة إلى الفصل السابع، وأقرّت بموجب الفصل السادس كقوة حفظ سلام معززة robust peacekeeping mission، وحصلت على موافقة الأطراف المعنية، وهي الحكومة اللبنانية و"إسرائيل"، وحتى حزب الله، واشتُرِط أن تقوم بمهامها بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني.

بعد وصولها إلى لبنان، اتسم تصرف بعض وحدات الاتحاد الأوروبي في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان بمواقف عدوانية، وذلك نتيجة تفسير واسع لقواعد الاشتباك الخاصة بالقرار 1701.

عملياً، كان البعض منهم جزءاً من تحالف الناتو في الحرب في العراق وأفغانستان، كالفرنسيين والإسبان، وحاولوا ممارسة قواعد الاشتباك نفسها في لبنان، فيما قامت الوحدة الإيطالية بفتح قنوات التعاون والحوار مع الأهالي في نطاق عملياتها.

وبعد وصولها بأشهر قليلة، تعرضت قوة اليونيفيل الجديدة للتهديد من تنظيم "القاعدة". يقول المتحدث السابق باسم اليونيفيل تيمور جوكسل: "لقد أدركت قوة اليونيفيل الجديدة بسرعة حقائق حفظ السلام في جنوب لبنان، وأدركت أن من المفترض أن تكون أكثر من مجرد قوة قتالية، بل أداة لإدارة الصراع، مع التركيز الشديد على كسب قلوب السكان وعقولهم، وأن العلاقات الجيدة مع الناس ستكون أيضاً مفتاحاً لفرض الحماية، لأن المعلومات الاستخباراتية الحقيقية والمفيدة ستأتي منهم".

وعلى هذا الأساس، وعلى الرغم من بعض الحوادث هنا وهناك، فقد تحسنت العلاقة بين اليونيفيل والأهالي، واستمرت القوات الدولية في التنسيق مع الجيش اللبناني ومع الفعاليات المحلية، وشكّلت عنصراً مساهماً في الاقتصاد والنمو في المناطق الجنوبية اللبنانية.

خطورة تحويل القرار 1701 إلى الفصل السابع

 بالرغم من أنها قوة سلام معززة، لم تقم اليونيفيل بممارسة أي نطاق للقوة خارج إطار ما تتيحه قوة حفظ السلام التقليدية.

لقد أمّنت اليونيفيل سلسلة من الفوائد في الجنوب اللبناني؛ فمن الناحية العسكرية، ومع التأكيد أنها ليست في وضع يسمح لها بإيقاف "الجيش" الإسرائيلي في حال قرر العدوان على لبنان، وهي لا تعتبر ذلك من مهماتها، بل إنَّ القوة التي راكمها لبنان عبر حزب الله هي التي تقوم بمهمة الردع... مع ذلك، قامت بمهمة مهمة في هذا الاتجاه.

أما في حال تمّ تحويل القرار الأممي من الفصل السادس إلى الفصل السابع، فقد:

 - يغري ذلك "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية للضغط على اليونيفيل للاضطلاع بمهمة نزع سلاح حزب الله في مناطق وجودها في جنوب الليطاني، ما سيؤدي إلى اقتتال بينها وبين الحزب والأهالي في الجنوب اللبناني. 

- تلجأ اليونيفيل إلى محاولة تفتيش القرى ودهم البيوت واعتقال عناصر من حزب الله، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر عناصر جمعية "أخضر بلا حدود"، التي أدرجتها الولايات المتحدة في لائحة العقوبات، مدعية أنها تقدم الدعم، وأنها غطاء لعمليات حزب الله على طول الخط الأزرق. هذا الأمر سيؤدي إلى اشتباك وتوترات بين اليونيفيل والأهالي في الجنوب، وسيضرّ بالطرفين معاً.

- تعمد بعض العناصر المتعاملة مع "إسرائيل" إلى محاولة الإيقاع بين اليونيفيل وحزب الله عبر استهداف اليونيفيل لاتهامه. حينها، سيكون من حق اليونيفيل استخدام القوة للدفاع عن النفس وعن الولاية، مع ما يستتبع ذلك من إدانات في الأمم المتحدة ومزيد من الضغوط الخارجية على لبنان بسبب سلاح حزب الله.

- قد يغري هذا الأمر "إسرائيل" للعدوان على لبنان، استناداً إلى قناعة بأنَّ اليونيفيل ستقوم بمشاركة "الجيش" الإسرائيلي أو مساندته في الحرب عليه، والتي يمكن أن تكون ذريعتها إبعاد سلاح حزب الله عن المناطق الحدودية مع فلسطين المحتلة.

في كل الأحوال، من غير المعروف موقف الصين وروسيا في موضوع تحويل القرار 1701 من الفصل السادس إلى الفصل السابع، وعلى الأرجح أن يقوم لبنان بالسعي لدى هذه الدول لرفع الفيتو في وجه ذلك التعديل.