غاز لبنان... نحو التحرير الثالث
أفضت عمليات التنقيب في البحر المتوسط إلى اكتشاف نحو 57 تريليون قدم مكعب في مصر وفلسطين المحتلة وقبرص، وتشير التقديرات إلى أنّ الكمية الضخمة المتبقية موجودة في لبنان وسوريا.
للمرّة الأولى في تاريخ المقاومات في العالم، بدأت المقاومة في لبنان بتطوير الفكر السياسي، ليلحظ أهمية تداخل المسار العسكري مع الاقتصاد والطاقة لحماية حقوق البلاد. وللمرّة الأولى أيضاً في تاريخ الشعوب، نقرأ في كتاب تصنع المقاومة محتواه، حاضراً ومستقبلاً، لا بكتاب يفرضه الاستعمار.
في السنوات الماضية، حصلت استكشافات نفطية وغازيّة في سواحل البحر الأبيض المتوسّط، وقُدّرت الكميات الموجودة مبدئياً بأكثر من 122 تريليون قدم مكعب من الغاز والنفط، وذلك من قبل هيئة المسح الجيولوجي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وصندوق مارشال للاستثمارات، وقسم الدراسات في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والمجلات العلمية في أوروبا وأميركا.
حتى الآن، أفضت عمليات التنقيب إلى اكتشاف نحو 57 تريليون قدم مكعب في مصر وفلسطين المحتلة وقبرص، وتشير التقديرات إلى أنّ الكمية الضخمة المتبقية موجودة في لبنان وسوريا. كما أنّ المسوحات الثلاثية الأبعاد التي أجرتها شركات أوروبية في لبنان، إلى جانب الدراسات العلمية القديمة والحديثة، أثبتت بما لا يقبل الشك وجود عناصر جيولوجية تؤكد احتواء بحره وبرّه على كميات هائلة من الغاز.
وبالفعل، فقد ناقشت دراسات ومؤتمرات عالمية عديدة أهمية موقع لبنان وكمية الغاز التي يمتلكها وكيفية نقلها إلى أوروبا، إضافة إلى دوره المهم في أسواق الطاقة العالمية. كما سيكتشف العالم لاحقاً أنّ الحقول التسعة الموجودة في فلسطين المحتلة، من حقل تمار للغاز الذي تمّ اكتشافه عام 2009 باحتياطي يقارب 8.4 تريليونات قدم مكعب، إلى ليفيتان ونوا ومارين وداليت ودولفن وشمشون وتانين وكاريش، ليست بأهمية حقول لبنان العشرة، لا بل لا يجوز المقارنة بينها، حيث إنّ أصغر حقل لبناني سيكون احتياطي الغاز فيه أكبر بكثير من الموجود في أكبر حقل يسيطر عليه العدو الإسرائيلي.
وبما أنّ الاقتصاد هو سرّ السياسة، فإنّه يُعتبر المحرّك الأساسي لأيّ استعمار، ومن هذا المنطلق باشر الغرب، بزعامة الولايات المتحدة، عمليّة ترهيب لبنان لإجباره على التطبيع مع العدو، والتنازل عن جزء من حقوقه، فأتت معادلة المقاومة الاقتصادية - النفطية القائمة على حق التنقيب والاستخراج، بهدف تمكين لبنان من حماية ثرواته والبدء بمرحلة استكشافها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى:
1- استعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني
2- كشف الاستعمار الاقتصادي غير المباشر وكسر الحصار.
3- وقف تدهور الليرة وخفض سعر صرف الدولار.
4- تهافت الشركات الدولية للاستثمار في قطاع الكهرباء من دون شروط، ما يوفّر على الأقل 2 مليار دولار بشكل مباشر على الاقتصاد، و4 مليارات دولار بشكل غير مباشر.
5- جذب الاستثمارات في البنى التحتيّة للنفط.
6- القدرة على إنشاء مركز لتسييل الغاز وتصديره إلى أوروبا، ما يمنح مردوداً يفوق 6 مليارات دولار سنويّاً.
7- إنشاء الصندوق السيادي للاستثمار النفطي وطرح الأسهم للمشاركة فيه، ما يمثّل عامل ثقة للاستثمار في البنى التحتية والمرافئ البحرية والسياحة والطبابة والتعليم... وهذا يساعد في تكوين كتلة مالية لإعادة أموال المودعين.
وبالتالي، فإنّ المقاومة التي طردت الجيش الإسرائيلي في الـ 25 من أيار/مايو عام 2000 من لبنان، فأنجزت التحرير الأوّل، ومع اقتراب ذكرى التحرير الثاني (فجر الجرود) في آب/أغسطس، من الجماعات التكفرية، ها هي اليوم تخوض بعزم معركة التحرير الثالث، تحرير البحر.
إنّ معركة التحرير الثالث التي أطلقتها المقاومة بالإعلان عن توازن رعب جديد أساسه: "استخراج مقابل استخراج ونفط مقابل نفط وغاز مقابل غاز"، من شأنها حماية الثروات والأمن الاجتماعي وحقوق اللبنانيين وتحرير الاقتصاد، في ظلّ المتغيّرات الكبيرة التي يشهدها العالم، وإلحاق الهزيمة بمن يحاصر لبنان بهدف إفلاسه وتجويع شعبه.