القبطان الهندي "كومار" الذي رفض ملايين الدولارات

المحاولات الأميركية الفاشلة لرشوة قبطان الناقلة الإيرانية المحتجزة كشفت حجم انهيار أميركا الأخلاقي وفشل حصارها لإيران. فما هو الدرس الذي قدمه هذا القبطان الشريف لبعض العرب عندما رفض الملايين وتمسّك بقيمه الأخلاقيّة؟.

الأخبار وفق ما أكدت وزارة الخارجية الأميركية، وكانت قد نقلتها صحيفة "فايننشال تايمز" في وقت سابق، ذكرت أن المسؤول عن الملف الإيراني في الخارجية الأميركية، "براين هوك"، بعث برسائل الكترونية إلى القبطان "أخيليش كومار" تتضمن "أنباء طيّبة" عرض فيها ملايين الدولارات على كومار تُمكنه من العيش برفاهية في حال أبحر بسفينته "أدريان داريا 1" إلى بلد يمكن فيه احتجاز الناقلة.

لقد حضرت المتحدثة باسم الخارجية قائلة: "اطّلعنا على مقال (فايننشال تايمز) ويمكن التأكيد أنّ التفاصيل دقيقة. لقد أجرينا اتصالات مكثفة مع أكثر من قبطان سفينة وشركات شحن نحذّرهم فيها من عواقب تقديم الدعم لمنظمة إرهابية أجنبية"، في إشارة إلى حرس الثورة في إيران. واحتُجِزت "أدريان داريا 1" لمدة ستة أسابيع في منطقة جبل طارق البريطانية.

لاحقاً أطلقت سلطات جبل طارق في 18 آب/ أغسطس الماضي سراح الناقلة التي كانت تحمل سابقاً إسم "غريس 1" بعد تلقّيها تأكيدات مكتوبة بأن السفينة لن تتوجَّه إلى بلدانٍ خاضعةٍ لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

سخر وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف من مبادرة هوك، في إشارة إلى مقالة "فايننشال تايمز" وكتب على تويتر "بعد فشلها في القَرْصَنة، تلجأ الولايات المتحدة إلى الابتزاز المباشر: سلّمونا نفط إيران وتلقّوا عدَّة ملايين من الدولارات أو عرِّضوا أنفسكم لعقوبات".

السلطات الأميركية أصدرت بياناً جاء فيه "إن كومار (43 عاماً) تولّى قيادة الناقلة في جبل طارق. وبعد رفضه التجاوب مع العرض الأميركي، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على الناقلة وعلى كومار نفسه.

افتتاحية "رأي اليوم" اللندنية جاءت معبرة في هذا الإطار، إذ أوردت: "كُنّا نعتقد أنّ ما نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانيّة حول عرض مسؤول أميركي كبير رشوةً بملايين الدولارات على قُبطان الناقلة الإيرانيّة "أدريان داريا 1" مُقابل أن يُغيِّر وجهتها إلى مياهِ "دولةٍ صديقة"، ربّما إسرائيل، وبما يُؤدّي إلى احتجازها، مُجرَّد "مُبالغة" أو حتى "نكتة"، ولكنّ تأكيدها من قِبَل مُتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة، كشَف لنا، وللكثيرين غيرنا، مُستوى الانحدار الأخلاقي والقِيَمي لهذه الإدارة الأميركيّة وأجهزتها".

لقد أعلنت وزارة المالية الأميركية عن توسيع العقوبات ضد إيران لتشمل المتعاملين معها من شركات شحن وناقلات نفط، وفرضت العقوبات لتشمل مواطنين إيرانيين وإماراتيين وهنوداً ولبنانيين على صلة بشركات النقل والطاقة.

الرئيس الإيراني حسن روحاني واجه الخطوات الأميركية بالقول إنه في حال لم ترفع واشنطن العقوبات عن إيران فلن يتغيّر الوضع الراهِن. وبحسب "رويترز"، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شبكة واسعة من الشركات والسفن والأفراد التي تعتقد أن الحرس الثوري الإيراني يُديرها وأنها زوَّدت سوريا بنفط قيمته عشرات الملايين من الدولارات، فيما تعتبره انتهاكاً للعقوبات الأميركية.

هنا وسط الصراع، وفي خضمّ مساعيها لممارسة أقصى الضغوط على إيران، لا تترك الإدارة الأميركية سبيلاً إلا وسلكته. فالعرض الأميركي بملايين الدولارات على قُبطان ناقلة النفط الإيرانية لن يكون الأخير. الصِراعات تُبيح عند بعض السياسيين المحظورات، لكن أيضاً تبقى دروس وعِبَر قدَّمها الهندي "كومار" لكل الشعوب والثقافات.. دروس تقول إن الذِمَم لا تُباع ولا تُشترى يا أيها الأميركان.. ومعكم حلفاؤكم من العرب.