فندق "إمبريال" تفوح منه رائحة الإمبريالية

الإيراني والسعودي في قاعة واحدة وعلى طاولة واحدة. الوليمة أيضاً واحدة، الأزمة السورية التي أتخمت الجميع على ما يبدو. ما جعل ممثلي ١٩ بلداً ومنظمة دولية يجتمعون في فيينا. هذا هو الاختراق الأكبر. لكن هل سيؤدي إلى حلّ سريع، بل إلى حلّ أساساً؟

بُعد المسافة بين ظريف والجبير على الطاولة يعكس تباعد المواقف بين طهران والرياض
الإيراني والسعودي في قاعة واحدة وعلى طاولة واحدة. الوليمة أيضاً واحدة، الأزمة السورية التي أتخمت الجميع على ما يبدو، ما جعل ممثلي ١٩ بلداً ومنظمة دولية يجتمعون في فيينا، على الرغم من التفاوت الكبير في الشهيات والأذواق. هذا هو الاختراق الأكبر. لكن هل سيؤدي إلى حلّ سريع، بل إلى حلّ أساساً؟ ليس بالضرورة.

بُعد المسافة بين محمد جواد ظريف وعادل الجبير على الطاولة، يعكس تباعد المواقف بين طهران والرياض ليس من الأزمة السورية فحسب، وإنما من القضايا الإقليمية برمتها. أليس ثمة رمزية في هذا الجلوس؟ ورمزية أيضاً في جلوس الجبير على حافةِ الطاولة؟ وكأنه كان متأهباً في أي لحظة للانسحاب من اللقاء. إتضح من تصريحات حسين أمير عبد اللهيان في ما بعد، أن ظريف ردّ بقسوة على الإتهامات التي كان يكيلها الجبير لإيران أثناء حديثه في القاعة. لكن لنعد إلى المناسبة التي التأم من أجلها لقاء فيينا، وما تمخّض عن هذا اللقاء. لا خلاف على البنود التسعة التي تضمنها البيان الختامي، لكن ما هي الآليات؟ وما هي المدة الزمنية الممنوحة لوضعها؟ وهل سيمنح ستافان دي ميستورا مطلق الحرية لوضعها؟ والسؤال الاكبر: مع بقاء الخلاف الجوهري حول دور الرئيس السوري بشار الاسد. كيف ستتدحرج عجلة لقاءات فيينا الموعود استمرارها؟ وفي أي مرحلة سينضم إليها ممثلو الحكومة والمعارضة؟

ثمة رأي يقول إن الكبيرين (روسيا والولايات المتحدة) إتفقا على تقسيم سوريا مؤقتاً إلى مناطق نفوذ بينهما. ليست سايكس بيكو جديدة، وإنما هدنة مؤقتة لحين التوصل إلى قواعد جديدة للإشتباك، على غرار ما كان قائماً في زمن الحرب الباردة. وهنا سؤال طبيعي يطرح نفسه: هل سنشهد مثالاً جديداً لألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية بعد دحر النازية، ودور النازية اليوم يمثله تنظيم داعش، أم سنشهد كوريا جديدة - ثمرة الحرب الباردة بين الشرق والغرب؟

الآراء والإفتراضات كثيرة. لكن ما نراه في ميدان المعركة في سوريا أن المتحاربين يحاولون فرض واقع جديد على الأرض لكي تكون حجج من يتفاوض نيابة عنهم في فيينا أكثر قوة. 

المقلق في هذه اللقاءات مكان انعقادها، أي فندق "إمبريال" الذي تفوح منه رائحة الإمبريالية، ولأنه يذكر بحقبة الإمبريالية والاستعمار وتقسيم المنطقة العربية. فهل لهذا المكان رمزية؟