مناورات الأردن و"الأسد المُتأهّب"

مع مذكرة أستانة ومناورات الأردن والسلال الأربع، مكافحة الإرهاب والحكم والدستور والانتخابات، تعود الوفود إلى جنيف (16- 18 أيار/ 2017) في نسختها السادسة المُختصرة والمركّزة. هدف هذه الجولة بحسب دي ميستورا هو تعميق المحادثات في بعض العناوين، ومحاولة إحراز تقدّم في بعض السلال. وطلب المبعوث الأممي إلى سوريا، من المجتمع الدولي بتحويل مذكرة أستانة حول "مناطق تخفيف التوتّر" إلى واقع، معتبراً في الوقت ذاته بأنّه لا يمكن لأي شكل من أشكال التهدئة أو تخفيف التوتّر أن يستمر من دون "أفق سياسي".

حدّد الرئيس الأسد موقفه ورؤيته لجنيف والأستانة والعلاقات بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية
للسنة السابعة على التوالي، واعتباراً من (7 – 18/ أيار/ 2017)، يتأهّب النظام الأردني في مناورات عسكرية مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ودول مجلس التعاون الخليجي كلها، باستثناء سلطنة عُمان المُعتادة على الخروج عن "التأهّب الخليجي"، إضافة إلى دول أخرى بينها العراق ومصر ولبنان. ويتضمّن برنامج مناورات هذا الحشد المتأهّب، عمليات حول "مكافحة الإرهاب" و"أمن الحدود" و"عمليات البحث والإنقاذ."

 

في الواقع، كان النظام الأردني، تاريخيا،ً نظاماً متأهّباً دوماً، لخدمة المشاريع المُعادية للأمّة العربية، متفانياً في تبعيّته للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية. وحين سئل عن تقارير إعلامية تقول بأن النظام الأردني يخطّط لنشر قواته في سوريا بالتنسيق مع الولايات المتحدة بذريعة محاربة "داعش"؟، ردّ الرئيس الأسد بأنه يمتلك تلك المعلومات من مصادر مختلفة وليس من وسائل الإعلام فقط، وأضاف بأن الأردن ليس بلداً مستقلاً، وهو جزء من المخطّط الأميركي منذ بداية الحرب في سوريا، وختم جوابه بأن "الأمر لا يتعلّق بالأردن، ونحن لا نناقش الأردن كدولة، بل نناقشه كأرض في تلك الحال، لأنّ الولايات المتحدة هي التي تحدّد الخطط وتحدّد اللاعبين." فالمناورات الأميركية و"شركائها الدوليين" التي تتمّ على الأرض الأردنية، هي محاولة "المجتمع الدولي" في البحث عن "أفق سياسي" ما، يسمح بإنقاذ ما تبقّى من أهداف "الربيع" في سوريا، بعد أن نجحت الدولة السورية مع حلفائها بتحرير مناطق واسعة من الإرهاب الدولي، وبعد سلسلة المصالحات التي سمحت باستعادة العديد من المناطق إلى كنف الدولة.

 

في لقاءاته الأخيرة، حدّد الرئيس الأسد موقفه ورؤيته لجنيف وأستانة والعلاقات بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية. وقال بأنه لا تتوفّر حتى هذه اللحظة متطلّبات نجاح جنيف وأستانة، لأن "الكتلة الغربية مع حلفائها في المنطقة ووكلائها، يستخدمون هذه المبادرات كمظلّة سياسية للإرهابيين، وليس للتوصّل إلى حل سياسي." جنيف هي مجرّد لقاء إعلامي غير مُنتج حتى الآن، وهي عملية تهدف أساساً لتقديم التنازلات. واعتبر الرئيس الأسد بأن الجانب الأهم في مذكرة أستانة بخصوص مناطق تخفيف التصعيد، هو "تخفيف نزف الدماء في تلك المناطق ريثما تكون هناك خطوات سياسية محلية بيننا وبين المجموعات الموجودة." وأنّ المذكرة فكرة صحيحة ونتيجتها تعتمد على التطبيق، مذكراً بفشل المبادرات السابقة بسبب تدخل الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية، لإعادة تصعيد الموقف عسكرياً.  وحول إمكانية حدوث أي تحسّن  في العلاقات الثنائية بين سوريا والولايات المتحدة، قال الرئيس الأسد بأن المسؤولين الأميركيين لا يلتزمون بوعودهم أو بكلماتهم. وأضاف بأن مصلحة الشعب السوري توجب التعاون مع النظام الأميركي عندما يغيّر سلوكه ومواقفه حيال احترام سيادة الدولة السورية ومنع إراقة المزيد من الدماء. مؤكداً بأن "التصعيد هو تعبير حقيقي عن واقع النظام الأميركي منذ عقود، لذلك لا بدّ من التعامل مع الولايات المتحدة كدولة عظمى، على الأقل لمنعها من إحداث أي آثار ضارة".

 

من قُربة النصر السوفياتي على النازية، شرب الرئيس الأسد ماء نبع الفيجة المحرّر، متمنياً أن تعود المياه والكهرباء والأمان إلى كل منزل في سوريا، بفضل صمود شعبها وتضحيات جيشها وحلفائه في حربهم ضدّ النازيين الجُدد وإرهابهم التكفيري الظلامي، دفاعاً عن الدولة السورية ، وعن القِيَم الإنسانية والحضارية في كل مكان.