الأسد والخيارات الأميركية

"عليك أن تختار بين الإعدام بالرصاص أو شنقاً"، قال الرئيس الأسد خلال مقابلته مع مجلة «طهران لدراسات السياسة الخارجية»، في توصيفه للسياسة الأميركية التي تحاول إخضاع الدولة السورية باعتمادها على أداتين إرهابية وسياسية. وأكدّ بأن ما يحصل في سورية سيكون له أثر كبير على الخريطة السياسية العالمية. فانتصار سورية يعني مزيداً من القوة للمحور المُستقلّ في العالم، وهزيمتها يعني هيمنة غربية كاملة على العالم.

مع رياح "الخطأ الأميركي" ودخان قافلة المُساعدات الإنسانية المُحترِقة، ذهب اتّفاق التاسع من أيلول/سبتمبر وبدأت عمليات الجيش السوري لاستعادة شرق حلب من التنظيمات الإرهابية.
سيكون "يوماً سيئاً لروسيا..!"، قال السفير البريطاني وهو يدخل إلى جلسة مجلس الأمن الدولي المُخصّصة لمشروعي القرارين الفرنسي والروسي حول الأزمة السورية. لم يكن مصير القرارين مُفاجئاً، كانا محكومين بالفشل. فيدّ "الفيتو" الروسي ارتفعت مُجدداً ضدّ مشروع القرار الفرنسي، الذي بدا كخطّة إنقاذ فرنسية للتنظيمات الإرهابية، تطالب في أحد بنودها بوقفٍ فوري للعمليات الجويّة العسكرية في حلب. وهو قرار"لا يعكس الاحترام الكامل لسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا، كما قال المندوب الصيني الذي وقف إلى جانب مشروع القرار الروسي. المندوب السوري في الأمم المتحدة بشّار الجعفري قال إن مشروع القرار الفرنسي يعكس حنين هذه الدولة إلى ماضيها الاستعماري الأسود، ونيّتها بتقويض مقوّمات الدولة السورية. واعتبر الجعفري أنّ الوضع الحالي في شرقي حلب كان نتيجة مباشرة لعدم التزام واشنطن بفصل مَن تُصمّم على تصنيفهم "مُعارضة مُسلّحة مُعتدلة" عن إرهابيي "جبهة النصرة".

 

مع رياح "الخطأ الأميركي" ودخان قافلة المُساعدات الإنسانية المُحترِقة، ذهب اتّفاق التاسع من أيلول/سبتمبر وتداعت الهدنة الهشّة، وبدأت عمليات الجيش السوري لاستعادة شرق حلب من التنظيمات الإرهابية. فأعلنت الخارجية الأميركية بأنّ روسيا رفضت الدبلوماسية واختارت الحسم العسكري ضدّ فصائل المُعارضة، وأنها تستهدف مع الجيش السوري، البُنى التحتية والمشافي وتمنع وصول المُساعدات الإنسانية إلى المدنيين المُحاصَرين. وبينما كان وزير الخارجية الأميركي يشكو من انعدام التهديد باستخدام القوة في حال فشلت جهوده الدبلوماسية، كانت الـ " واشنطن بوست" تعلن بأن الخارجية الأميركية ووكالة المخابرات المركزية والهيئة المُشتركة لرؤساء أركان القوات المُسلّحة الأميركية، قد بدأت مناقشة الضربات الجويّة على مواقع الجيش السوري وخيارات التدخّل في سوريا. وزارة الخارجية الروسية اعتبرت أن تدهور الأوضاع في حلب هو نتيجة فشل واشنطن في فصل "المُعارضة المُعتدِلة" عن "جبهة النصرة"، بينما كان «لافروف» يُعلن أنّ الكثير من الدلائل تدفعه للاعتقاد بأن الخطّة الأميركية كانت، ومنذ البداية، تكمن في الحفاظ على "جبهة النصرة" لاستخدامها في الخطّة "ب". كانت المُدمّرات الصاروخية الروسية في طريقها نحو سورية، حين أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، بأن روسيا اتّخذت كل الإجراءات الضرورية لمنع تكرار "أخطاء" التحالف الدولي، مُذكّراً بمنظومات الدفاع الجوي "إس- 300" و"إس – 400" اللتين تحميان القواعد الروسية في سورية، وتتمتّعان بمدى عمل "قد يصبح مُفاجأة لأية طائرات مجهولة". ويدعو الولايات المتحدة إلى تحليل دقيق جداً للتداعيات المُحتمَلة لأية ضربات قد توجّهها إلى الجيش السوري. أما الأمم المتحدة فأعلنت بأنها مُستمرة في عملها الشاق للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية. بينما كان المبعوث الأممي، دي ميستورا، يعبّر عن استعداده الشخصي لمرافقة إرهابيي شرق حلب مع "كرامتهم وأسلحتهم"، إلى أي مكان يريدون الانسحاب إليه.

 

"عليك أن تختار بين الإعدام بالرصاص أو شنقاً"، قال الرئيس الأسد خلال مقابلته مع مجلة «طهران لدراسات السياسة الخارجية»،  في توصيفه للسياسة الأميركية التي تحاول إخضاع الدولة السورية باعتمادها على أداتين إرهابية وسياسية. وأكدّ بأن ما يحصل في سورية سيكون له أثر كبير على الخريطة السياسية العالمية. فانتصار سورية يعني مزيداً من القوة للمحور المُستقلّ في العالم، وهزيمتها يعني هيمنة غربية كاملة على العالم. وفي مقابلته مع قناة « TV2» الدانماركية، قال الرئيس الأسد بأن الجيش السوري تابع اندفاعته لتحرير الجزء الشرقي في حلب من الإرهابيين، بعد فشل الاتفاق الروسي الأميركي، نتيجة غياب الإرادة الأميركية في مهاجمة «جبهة النصرة»، حليفتها في الصِراع السوري. وأكدّ بأنّه ليس لدى الحكومة السورية سياسة لتدمير المشافي، لسبب أخلاقي أولاً، ولكونها تتعارض مع مصلحة الدولة السورية، ويوفّر للمُسلّحين الحاضِنة الاجتماعية التي يبحثون عنها. وعبّر عن قلقه من جماعة "الصقور" في الإدارة الأميركية الذين "يفعلون ما في وسعهم لحدوث مواجهة مع روسيا". وأكدّ على تلازم مساري حلّ الأزمة السورية، المسار العسكري والمسار السياسي، وأنه مُستمر مع الجيش ومؤسّسات الدولة، وطبقاً لمهامهم الدستورية، بالقتال حتى استعادة كامل الأرض السورية.

 

في مناظرتهما الثانية، اعتبرت المُرشّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بأن الأنتخابات الحالية من أهم الانتخابات في تاريخ الولايات المتحدة، وأنّ قرارات حاسمة تنتظر الرئيس المُنتَخب، ستُحدّد السياسة الأميركية لسنوات أبعد من سنوات حكمه. فالرهانات الموضوعة على المحك كبيرة جدا"، قالت كلينتون. وأوضحت أنها خلال عملها وزيرة للخارجية الأميركية، كانت تؤيّد الحَظر الجوّي في سورية. وبيّنت أنها ليست مع حملات عسكرية بريّة، وأن على الولايات المتحدة الاحتفاظ بقطع من الأراضي السورية كمناطق نفوذ. وأعلنت بأنّ الكثير من التخطيط السرّي!، يتم الآن من أجل منطقة عازلة مع تركيا، وتدريب قوات البيشمركة التي ستكون أفضل الحلفاء في استعادة الموصل. وعبّرت عن أملها بأن داعش ستكون خارج العراق مع وصولها إلى البيت الأبيض، أي أنها تأمل بتجميع داعش في المنطقة الشرقية لسورية على الحدود مع العراق.

يعبّر الغرب عن خشيته من محاولة روسية لاستعادة "مجدها السوفياتي"، من رحم الأحداث في سورية وأوكرانيا. ويسعى بكل الوسائل المُتاحة إلى شيطنة موسكو، ومحاولة دفعها إلى "حدود يلتسن". أمام التوتّر في العلاقات الروسية الأميركية، يقول وزير الخارجية الألماني «فرانك شتاينماير»: "من الوهم الاعتقاد بأننا أمام الحرب الباردة السابقة. الفترة الحالية مُختلفة، أكثر خطورة". لاشكّ بأن الفترة الحالية مُختلفة، القبضة الأميركية تتراخى في كثير من مناطق العالم. ثمة دول صاعِدة تمتلك من القوة والإرادة للدفاع عن مصالحها القومية، بما لا يسمح لحكم أميركي منفرد، كما اعتادت خلال عقدين من نهاية الحرب الباردة. وكما قال الرئيس الأسد بأن ما يحصل في سورية سيكون له أثر كبير على الخريطة السياسية العالمية، فانتصار سورية يعني مزيداً من القوة للمحور المُستقل في العالم. وهو ما لن تستطيع استيعابه بسهولة "صقور" الإدارة الأميركية.