التلويح الأميركي "بالخطّة ب"

الاتّفاق الروسي ــ الأميركي في تسوية الأزمة السورية تواجهه مُعضِلات أبرزها:

الاتّفاق الروسي ــ الأميركي في تسوية الأزمة السورية تواجهه معضلات.
أوّلاً: سحب الجيش السوري جميع آلياته العسكرية الثقيلة والمتوسطة من محيط طريق الكاستيلو إلى الجهة الجنوبية وباتّجاه الشمال والشمال الشرقي في تطبيق للمرحلة الأولى من الهدنة تمهيداً لإدخال المُساعدات إلى أحياء حلب، في حين تم رَصد المجموعات المُسلّحة في مدينة حريتان المُقابلة لطريق الكاستيلو وهي ترفع السواتر التُرابية وتعمل على تحصين نقاطها مُستفيدة من وقف إطلاق النار.

ثانياً: حشود للمُسلّحين في الكاستيلو وتشكيك أميركي بانسحاب الجيش السوري وكلام دي ميستورا حول عدم تقديم دمشق التسهيلات لإدخال المُساعدات.

ثالثاً: فشلت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على مدى السنوات الأخيرة في خَلق واقع يُحقّق مصالحها عبر الهيمنة ويُحقّق لأدواتها  بما فيها «إسرائيل» الأمن والسطوة في آن.  

رابعاً: المشهد في الجنوب السوري بعدما خرجت المُساكنة السرّية بين «جبهة النصرة» وغيرها، وإسرائيل إلى تحالف علني، في مُغامرة عسكرية عَبَثية انتهت على ما يبدو بنحو 500 قتيل وجريح من المُهاجمين في 120 قرية سورية على حدود الجولان وبعمق 10 كيلومترات داخل سوريا، وعلى طول نحو 75 كلم. يبدو أن حساباتها كانت تقدّر لها أن تتوسّع شمالاً برعاية إسرائيلية مُباشرة، في تجسيد واضح لفكرة «الشريط الأمني» الذي أقامه الاحتلال في الجنوب اللبناني، بالاعتماد هذه المرّة على «جيش لحد السوري».

خامساً: واشنطن أضافت "حركة أحرار الشام" و"جيش الإسلام" إلى قائمة الفصائل الصديقة التي سيستثنيها التعاون الروسي-الأميركي العسكري في حربهما ضد "الإرهاب". وطلبت واشنطن من موسكو عدم قصف مواقع "أحرار الشام" و"جيش الإسلام"، من أجل "عدم الإخلال بالتوازن" في مناطق التماس الكبرى، خصوصاً في الغوطة الشرقية حيث "جيش الإسلام"، وجبهات الشمال حيث تُعتبر "حركة أحرار الشام الإسلامية" "شريكاً غير مُباشر" في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" بالقرب من أعزاز شمالي حلب.

سادساً: أكّدت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الحكومية السورية عادت إلى طريق الكاستيلو في حلب، مُشيرة إلى أنها الطرف الوحيد المُلتزِم وقف إطلاق النار في سوريا رغم محاولات واشنطن أن تُظهِر للعالم قدرتها على التحكّم بـ”مُعارضيها” في سوريا. وأضافت “الفشل حليف جميع المُحاولات التي يبذلها شركاؤنا الأميركيون لإظهار ولو أدنى درجات السيطرة على “معارضيهم”. ورغم أن اتّفاق وقف إطلاق النار في سوريا اتّفاق ثنائي، فلا يُطبّقه سوى طرف واحد”، والجديد ما قالته وسائل إعلام، السبت 17 سبتمبر/ أيلول، أن 5 مقاتلات أميركية أغارت على مواقع للجيش السوري في دير الزور، حسبما نقلت قناة "آر تي".

سابعاً: ترى إسرائيل أن سوريا عدوّ إقليمي رئيسي في تعزيز المصالح الإيرانية.، لذا تهتمّ إسرائيل بإضعاف سوريا وتفتيتها وتعتبر "الدولة الإسلامية" وغيرها من الجماعات الإرهابية أقل خطورة من الدولة السورية، ومن ناحية ثمة عامل آخر يوضح الموقف الإسرائيلي المُناهِض لسوريا هو هضبة الجولان المُحتلّة التي جرى الكشف فيها عن احتياط من النفط والغاز.

تهديد وزير الخارجية الأميركية جون كيري بما سمّاه “الخطّة ب” قد يكون أحد الاحتمالات المُستقبلية في سوريا في حال انهيار اتّفاق وقف إطلاق النار. وربما يصل إلى غزو برّي سعودي تركي مدعوم أميركياً، وتقسيم جغرافي وديمغرافي لسوريا. فالوزير كيري قال في شهادته أمام الكونغرس أنه لا يوجد أي ضمان لنجاح وقف “الأعمال القتالية”، بينما طالبه نظيره الروسي سيرغي لافروف بالكفّ عن الحديث عن خُطَط بديلة وعمليات بريّة ومناطق منزوعة السلاح.  ولعل وصول الطائرات السعودية المُقاتلة إلى قاعدة أنجرليك التركية، وفي مثل هذا التوقيت هو أحد مُقدماته. وقد لا تقف الولايات المتحدة وإدارتها مكتوفة الأيدي أمام الصِراع على الملفات الكبرى وأهمها :

الأول : ملف الطاقة العالمي مصادره وطُرُق إمداده .

الثاني: معركة التحدّي بين روسيا وأميركا على ملف الطاقة العالمي والقواعد العسكرية والصِراع على المناطق الاستراتيجية العالمية وكوسط آسيا والبحار الأربعة والمضائق والبحر المتوسّط والدول المُطلّة عليه.

الثالث : معركة التحدّي الصيني ــ الأميركي على الاقتصاد والطاقة وطريق الحرير والنظام العالمي الجديد والمُحيط الهادئ وموقع سوريا والمنطقة في هذا الصِراع.

الرابع: دور إيران الاقليمي وأمن الخليج ومنابع الطاقة ومساراتها .

الخامس: التدافُع بين إيران وحلفائها والسعودية وحلفائها على دور ومستقبل المنطقة.

السادس: ملف الصِراع التركي السوري والأحلام العثمانية المُتجدّدة.

السابع: ملف الصِراع بين سوريا وحزب الله من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.

الثامن: النِزاع الطائفي في العالم العربي والإسلامي وتحدياته وملف الجماعات التكفيرية المُتطرّفة.

  إن هذه الملفات المفصلية والمُعقّدة والمُستعصية حاضرة ومطروحة على نِسَب مُختلفة في أبعاد الأزمة السورية وتداعياتها على المنطقة بطريقة لم يشهد لها مثيل في العالم منذ انتهاء الحرب الباردة بين القطبين العالميين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية حتى الآن. ومن غير المُستبعّد في حدّة الصراع أن تحاول الولايات المتحدة التصعيد العسكري أملاً بتحقيق أهداف سياسية.