روسيا وأميركا و الـ S-300.. المُعادلات الجديدة

الحقيقة التي لا يمكن لأميركا أن تتأقلم معها، بأن طائراتها ستظهر وبشكلٍ جليّ على أجهزة الرادار السورية، فضلاً عن أن الطائرات الإسرائيلية باتت ضمن هدف الـS-300 ، وهذه حقيقة مُرة ، وعلى واشنطن وتل أبيب أن تتعاملا مع المعادلات الجديدة التي باتت واقعاً، فكلفة أية غارة إسرائيلية أو تهديد أميركي مستقبلي، ستكون أكبر بكثير من أية نتائج تطمح الدولتان إلى تحقيقها في سوريا.

بوصول S-300 أصاب المنظومة السياسية والعسكرية لإسرائيل وواشنطن حالة من الارتباك الاستراتيجي

ضمن إطار المُنجزات الاستراتيجية التي أفضت إلى ترسيخ قواعد اشتباك جديدة، تمكّن الجيش السوري وحلفاؤه من إعادة ترتيب أوراق الحرب على سوريا، لتظهر أوراق القوّة بيد الدولة السورية وشركائها في الحرب على الإرهاب، حيث أن التطوّرات النوعيّة لجُملة العمليات العسكرية للجيش السوري، مكّنت روسيا وبناءً على المُستجدّات الطارئة في ما يخصّ الشأن السوري، من تجاهل الاعتراضات الأميركية والإسرائيلية المُتعلّقة بتزويد الجيش السوري بمنظومة S-300 الصاروخية، فكانت الترجمة الحقيقية للقرار الروسي الذي لم يُعِرْ اهتماماً للقلق الأميركي والإسرائيلي، عبر ما ظهر على وسائل الإعلام للحظة إخراج منظومات S- 300 الصاروخية من طائرة "أن-124 روسلان" في سوريا، والتي تضمّنت 49 قطعة من معدّات منظومات S-300 بما فيها 4 منصّات لإطلاق الصواريخ.

وهنا أيضاً ترجمة سياسية وعسكرية للقرار الروسي بالحفاظ على ما تم تحقيقه من مُنجزاتٍ استراتيجيةٍ في سوريا، إضافة إلى هذه المُعطيات، فقد تواردت الأنباء عن اختبارات بدأها الجيش الروسي في سوريا تتمثّل في اختبار سلاح كهرطيسي يمكنه تشتيت وكبح إشارات GPS وWi-Fi، جاء ذلك عبر تأكيد فلاديمير ميخييف مستشار النائب الأول لمدير عام شركة راديو الكترونيكس تكنولوجي" الروسية"، إنه سيتم اختبار سلاح كهرطيسي روسي على الظروف الميدانية في سوريا وذلك بعد أن خضع هذا النظام للتطوير مؤخّراً .
تزويد الدولة السورية بنظام الدفاع الجوي S-300، لم يكن صفعة لإسرائيل فحسب، بل كان القرار الروسي في تفاصيله يحمل رسالة ساخِنة لأميركا، وبالنظر إلى أن أميركا تكاد تخسر كل أوراقها الميدانية ونقاط قوّتها في سوريا، إضافة إلى أن واشنطن تدرك جيداً أن قواعدها في سوريا مُهدّدة بشكلٍ دائم، ومن الممكن أن تتعرّض قواتها لهجمات في أيّ وقت، خاصة أن الوجود الأميركي في سوريا غير شرعي، وتعتبره دمشق احتلالاً يجب مقاومته، يبدو أن واشنطن تعاني من قلقٍ استراتيجي يتمثّل في اقتراب نهاية الماراتون بين المُنافسين الاقليميين والدوليين في سوريا، والذي انتصرت فيه سوريا وروسيا وإيران ضد الإرهاب الأميركي الرامي إلى تغيير الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، وما بين فكيّ الـ S-300 والوجود غير الشرعي لواشنطن في سوريا، بات من الواضح أن إدارة ترامب قد استشعرت الخطر الروسي المُهدِّد لواشنطن وخططها في سوريا والمنطقة، وعليه فقد أثبتت روسيا أنها اللاعب الأبرز ضمن الجغرافية السورية، وبالتالي لا يمكن لواشنطن ولعملائها الاقليمييين فرض أيّ حل سياسي أوعسكري مرتبط بالشأن السوري، من دون أن تكون الحلول مستوفية للشروط السورية والروسية.
صحيح أن موسكو أكّدت أن قرار تسليم منظومة الصواريخ الدفاعيةS- 300 ليس موجّهاً ضد أحد، لكن القرار الروسي يأتي ضمن إطار الدعم المتواصل للجيش السوري في حربه ضد الإرهاب، على اعتبار أنه القوّة الوحيدة القادرة على التصدّي للإرهاب، وزعزعة قواعده وتطهير الجغرافية السورية منه، وانطلاقاً من الخطط الأميركية الرامية إلى إطالة أمَد الصراع في سوريا، بات من الضروري وجود هذه المنظومة الدفاعية بيد الجيش السوري، وتأتي هذه الضرورة في ظلّ استمرار النهج الأميركي المُهدِّد للاستقرار في سوريا.

وبوصول S-300 إلى الجيش السوري، فقد أصاب المنظومة السياسية والعسكرية لإسرائيل ومن خلفها واشنطن حالة من الارتباك الاستراتيجي والشلل العسكري، فقد أعلن رئيس تحرير مجلة "ناتسونالنيا أوبورونا" الدفاع الوطني، إيغور كورتشينكو، "إن منظومات S-300 التي أرسلتها روسيا إلى سوريا ستكشف المُقاتلات الشبح الأميركية F-22 إذا استُخدِمت"، وقال كورتشينكو لوكالة سبوتنيك الروسية إن" منظومات S-300 و S-400 تكشف المقاتلات الشبح، وسيتم رَصْد طائرات F-22 أو F-35 في حال ظهورها في سماء سوريا، ولا توجد مقاتلات مخفية"، وأضاف إنه" بإنشاء أنظمة دفاع جوي فعّالة، تضمن سلامة سوريا، والرادارات تراقب المجال الجوي وترصد أفعال أية طائرة حربية، وسيتم كشف الطائرات الأميركية، وعليه ستتّخذ القيادة الروسية الإجراءات اللازمة في هذه الحال".
الحقيقة التي لا يمكن لأميركا أن تتأقلم معها، بأن طائراتها ستظهر وبشكلٍ جليّ على أجهزة الرادار السورية، فضلاً عن أن الطائرات الإسرائيلية باتت ضمن هدف الـS-300 ، وهذه حقيقة مُرة ، وعلى واشنطن وتل أبيب أن تتعاملا مع المعادلات الجديدة التي باتت واقعاً، فكلفة أية غارة إسرائيلية أو تهديد أميركي مستقبلي، ستكون أكبر بكثير من أية نتائج تطمح الدولتان إلى تحقيقها في سوريا.