مهرجان خطابي عالمي لأممٍ غير مُتحدة

مَن يتابع خطابات زعماء وقادة دول العالم من على منصّة الجمعية العامة للأمم المتحدة يستطيع القول إن هذه الهيئة الدولية تقيم مهرجاناً خطابياً عالمياً مرة كل عام، يشارك فيه أكبر عدد من أصحاب القرار في العديد من دول العالم، إذ أن كل زعيم يُدلي بدلوه في القضايا العالمية العديدة، وبعد المهرجان الخطابي تقوم هذه الجمعية العامة بمناقشة مشاريع قرارات عديدة، تُصادِق على بعضها، وتُسقِط بعضها الآخر.

المطلوب أن يجري تعديل رئيسي على تركيبة وهيكلية هذه المنظمة

يُعتبر هذا اللقاء السنوي الـ 73 منذ تأسيس هذه الهيئة الدولية مهرجاناً لأن قرارات الجمعية العامة غير مُلزِمة لأحد، ولأن صاحب القرار هو مجلس الأمن الدولي الذي هو تحت سيطرة وسيادة خمس دول دائمة العضوية التي تستطيع أي منها إسقاط أيّ مشروع قرار يُقدّم اليها اذا أرادت ورغبت في ذلك!.

 حتى أن قرارات مجلس الأمن التي تصدر وبموافقة غالبية الأعضاء لا تطبّق إلا بصورة انتقائية.. فكم من قرار صدر عن مجلس الأمن منذ 70 عاماً، ولم يُطبّق  حتى الآن لأنه يتعلّق بالقضية الفلسطينية، ولأن إسرائيل فوق القانون الدولي، وهي لا تكترث بالعالم كله.. أما إذا كان هناك قرار يتعلّق بدول ضعيفة سواء أكانت عربية أو إفريقية أو من الدول النامية الصغيرة، فإن قرار المجلس يُطبّق كاملاً وبقوة السلاح استناداً للفصل السابع من أنظمة مجلس الأمن الدولي.

 وحتى أن هذه الخطابات التي تُلقى من على منبر هذه الهيئة الدولية تكون في غالب الأحيان بعيدة عن الواقع وعن الحقيقة. وخير مثال على ذلك إن الرئيس الأميركي ادّعى أنه يحارب الإرهاب الدولي، وأنه حقّق الانتصار على داعش في العراق، وفي الشرق الأوسط، ولكنه في الواقع والحقيقة يدعم تنظيم داعش الإرهابي في شمال شرق سوريا، ويحاول إطالة أمد معاناة الشعب السوري. وهو يتحدّث عن رفضه لتعاظم النفوذ الإيراني في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط، ويسعى ويدعو لإسقاط النظام الإيراني والعديد من الأنظمة في العالم لأنها لا تساير ولا تواكب السياسة الأميركية، هي التي تتصدّى لها وتفشل مخطّطاتها، وهو في الوقت نفسه يتدخّل في شؤون العديد من دول العالم بصورةٍ مُناقِضة لأنظمة وقوانين الأمم المتحدة!، فبعض هذه الخطابات تأتي من أشخاص فاسدين وهم في الوقت نفسه يتحدّثون عن الشفافية والعفّة والطهارة وأحياناً القداسة.

 إن هيئة الأمم المتحدة هي منظمة مشلولة، وهي ألعوبة بيد الإدارة الأميركية، وبعض الدول الغربية، وما هي إلا منبر إعلامي لعرض القضايا أمام الرأي العام العالمي، وتبقى معظم هذه القضايا معلّقة من دون أيّ حل!.

المطلوب أن يجري تعديل رئيسي على تركيبة وهيكلية هذه المنظمة، وإذا لم يجر ذلك، فإنها ستبقى منظمة لأممٍ ودولٍ غير متحدة.. وهذا بحد ذاته مُخالف لميثاقها الأساسي الذي يدعو إلى تحقيق الأمن والسلم والعدالة في العالم، ويمنع التدخّل في شؤون وسيادة الدول!.