نتنياهو يدعو إلى شريعة الغاب...

هذه الوقاحة امتدّت إلى الاعتراف بأن سلاح الجو الإسرائيلي انتهك سيادة الأجواء اللبنانية والسورية مرات ومرات، وشنّ اعتداءات مُتكرّرة على مواقع تزعم إسرائيل بأنها مخازن أسلحة لحزب الله أو إيران، وآخرها العدوان على موقع قرب مطار دمشق الدولي.

وقاحة رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعها بنيامين نتنياهو لا تأبه لمصالح "إسرائيل" الأمنية (أ ف ب)

وقاحة رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعها بنيامين نتنياهو لا تأبه لمصالح "إسرائيل" الأمنية، ولا لمخاطر وأبعاد تصريحاته، فهو معني أولاً وآخراً بمصلحته الذاتية حتى ولو كانت فوق كل المصالح الصهيونية في المنطقة والعالم أجمع.

هذه الوقاحة امتدّت إلى الاعتراف بأن سلاح الجو الإسرائيلي انتهك سيادة الأجواء اللبنانية والسورية مرات ومرات، وشنّ اعتداءات مُتكرّرة على مواقع تزعم إسرائيل بأنها مخازن أسلحة لحزب الله أو إيران، وآخرها العدوان على موقع قرب مطار دمشق الدولي.

ولا يأخذ نتنياهو بالحسبان مخاطر وتداعيات مثل هذه التصريحات التي تأتي وتهدف أولاً وأخيراً إلى تعزيز شعبيته وخاصة في أوساط اليمين المُتطرّف، وهو معنيّ بالفوز في الانتخابات القادمة مهما كلّف الثمن.

وقد يقول بعض المراقبين بأن هذه التصريحات عن تحمّل الجيش الإسرائيلي مسؤولية هذه الغارات العدوانية على الأراضي السورية تدخل في إطار الحرب النفسية ضد سوريا، وضد محور المقاومة، في محاولة إظهار أن سوريا عاجزة عن وضع حد لمثل هذه الاعتداءات، وأن محور المقاومة غير مستعد لخوض غِمار مواجهة عسكرية مع إسرائيل في الوقت الحالي.

والواقع يؤكّد أن تصريحات نتنياهو قد تكون ضمن حرب نفسية تُشنّ ضد محور المقاومة، ولكن لها تداعيات ومعانٍ كثيرة أخرى ومن أهمها:

  • اعتراف إسرائيل بصورة واضحة ووقحة على انتهاكها للأجواء السورية، وبالتالي من حق سوريا الشرعي الردّ على مثل هذه الغارات والانتهاكات في الوقت والمكان المناسبين اللذين تقرّرهما القيادة السورية.

 

  • محاولة نتنياهو جرّ سوريا ومحور المقاومة نحو مواجهة عسكرية ساخِنة استغلالاً لمواقف الإدارة الأميركية الحالية الموالية، وليست فقط داعمة، لسياسة إسرائيل العدوانية في المنطقة، كما فعلت في حزيران 1967 عندما جرّت مصر وسوريا نحو حرب كانت هي مُعدّة لها سلفاً، ولم تكن الاستعدادات العربية كاملة لمواجهة هذه الحرب الآثِمة، لكن القيادة السورية وكذلك قادة محور المقاومة يعرفون جيّداً ما تخطّط له إسرائيل، ولذلك فإنهم هم الذين وحدهم سيحدّدون طبيعة وتوقيت المعركة الحاسِمة القادمة!

 

  • تدّعي إسرائيل بأنها لن تسمح بتواجد أية قوات وخبرات إيرانية على الأراضي السورية، وأن من "حقها" (كما تدّعي) بأن تمنع ذلك عبر استخدام ذراعها العسكرية الجوية القوية، ولكن هذا الادّعاء يؤكّد أن إسرائيل تحاول أن تتدخّل بالشأن السوري، وأن تقرّر ما هو في مصلحتها، وأنها هي صاحبة الرأي في تحديد مَن يكون على الأراضي السورية وليست الدولة السورية الشرعية. وهذا التصرّف يعني أن القواعد والقوانين الدولية الحالية يجب أن تتغيّر، وأن أية دولة في العالم تشعر بتواجد قوات أجنبية مُعادية في دولة مجاورة لها يحق لها الاعتداء عليها وتوجيه ضربات عسكرية لها.. وهذا يعني أن من حق إيران مستقبلاً أن توجّه ضربات عسكرية ضد أي تواجد أميركي في الخليج أو في أفغانستان.. وهذه القواعد الدولية الجديدة التي تشجّعها السياسة الإسرائيلية ستجرّ إلى فوضى عالمية كبيرة!

المجتمع الدولي يتفرّج على هذه التصرّفات الرعناء لقادة إسرائيل ضد الوطن العربي، وإذا لم يتّخذ القرارات الحاسمة والحازِمة في مواجهة ذلك، فإن قواعد وقوانين احترام سيادة كل دولة في العالم ستنهار، لتحلّ محلّها شريعة الغاب.