بسام الشكعة.. الرجل الذي لم يُساوِم

لقد عَرَفتُ أبا نضال بعد أن أصبح رئيساً لبلدية نابلس إثر الانتخابات البلدية التي جرت عام 1976 وتعمّقت معرفتي به، بحُكم عملي مراسلاً لصحيفة الطليعة المقدسية التي كان يترأس تحريرها الراحِل بشير البرغوثي، بعد حادثة التفجير الإجرامية التي تعرَّض لها في شهر حزيران عام 1980 وهو يهمّ بركوب سيارته ما أدَّى إلى بتر معظم ساقيه.

انتقل إلى رحمة الله أمس، بعد حياة حافِلة بالنضال والعطاء والتضحية، من أجل تحرير فلسطين، القائد الوطني والقومي الكبير الصادِق والشريف رئيس بلدية نابلس الأسبق بسام الشكعة "أبو نضال" عن عُمر يناهز ٨٩عاماً.
لقد كان بسام الشكعة عَلَمَاً من أعلام النضال الوطني في فلسطين، الذين أدركوا منذ البداية بأن تحرير  فلسطين من الاحتلال بجب أن يمرّ عبر تحرير الوطن العربي من القوى الطبقية الرجعية الموالية للاستعمار والصهيونية.
ولذلك فقد دفعه إيمانه بجدلية العلاقة بين الوطني والقومي وبالوحدة العربية كطريقٍ لتحرير فلسطين للانتساب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي الذي ظلّ مُخلِصاً لأفكاره حتى نهاية حياته. 
ولأن بسام الشكعة كان من الشخصيات الوطنية البارِزة التي خاضت الانتخابات البلدية في الضفة الغربية وقطاع غزَّة عام 1967 وفازت فيها تحت عنوان تثبيت حق منظمة التحرير الفلسطينية في تمثيل الشعب الفلسطيني ، ولعب مع زميليه آنذاك المرحوم كريم خلف رئيس بلدية رام الله وإبراهيم الطويل رئيس بلدية  البيرة، أطال الله في عُمره، دوراً بارزاً في مقاومة مشروع الاستيطان الكولنيالي الصهيوني في الأراضي الفلسطينية التي احتُلّت عام 1967، فقد كان الثلاثة هدفاً لثلاث عمليات تفجيرية استهدفتهم من قِبَل قادة الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية.
وفي تلك العملية الإجرامية فقد تمّ بَتْر ساقي بسام الشكعة وقدم كريم خلف اليُمنى فور تشغيلهما لمُحركّي سيارتيهما آنذاك، فيما نجا إبراهيم الطويل رئيس بلدية البيرة من الإصابة لأنه فضَّل أن يتوجَّه إلى عمله صبيحة ذلك اليوم المشؤوم مشياً على الأقدام.
إن تاريخ بسام الشكعة هو تاريخ ناصِع البياض فقد كان من الذين رفضوا زيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات إلى القدس المحتلة في التاسع عشر من شهر تشرين الثاني عام 1977، ومن الذين عارضوا  اتفاق كامب ديفيد الذي أخرج مصر من الصراع مع إسرائيل، كما كان من الذين عارضوا اتفاق أوسلو ورأوا فيه تفريطاً بالقضية الفلسطينية وكذلك اتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل.
لقد عَرَفتُ أبا نضال بعد أن أصبح رئيساً لبلدية نابلس إثر الانتخابات البلدية التي جرت عام 1976 وتعمّقت معرفتي به، بحُكم عملي مراسلاً لصحيفة الطليعة المقدسية التي كان يترأس تحريرها الراحِل بشير البرغوثي، بعد حادثة التفجير الإجرامية التي تعرَّض لها في شهر حزيران عام 1980 وهو يهمّ بركوب سيارته ما أدَّى إلى بتر معظم ساقيه.
وأودّ أن أسجّل  هنا شهادة للتاريخ وهي أن الإصابة التي تعرَّض لها بسام الشكعة جرَّاء العبوة الناسِفة التي وضعها قادة الاستيطان في سيارته كانت قاتِلة حيث وصل إلى المشفى وضغطه صفر ونبضه صفر.
إلا أن شجاعته النادِرة ورَباطة جأشه،كما أفاد الأطباء في نابلس في اللحظات الأولى للإصابة، هي التي ساعدتهم في إنعاشه وبالتالي في نجاته من موت مُحقَّق ، ونجاح العملبات الجراحية التي أُجربت له لاحقاً في المشافي الأردنية.
أخيراً نقول لأبي نضال نَمْ قريرَ العين،فالأفكار التي ناضلتَ وضحّيتَ واستشهدت من أجلها ستنتصر لامحال.