تفجيرات غزة.. التوقيت والدلالات

دخول فصائل المقاومة في غزة بموجة صراع داخلية مع عناصر سلفية وتكفيرية، ستشكل أرضية خصبة للكيان الصهيوني من أجل شيطنة المقاومة الفلسطينية، واتهامها بالدعشنة، إلى جانب أن "التوترات الأمنية الداخلية في غزة، ستساهم في تراجع مكانة حركة حماس، وسيطرتها التدريجية على القطاع"، بحسب جنرال الاستخبارات الإسرائيلي ميخال ميليشتاين.

شهداء وجرحى في تفجيرين إرهابيين طالا حاجزين لشرطة المرور بغزة

مؤلمة هي الأحداث الإرهابية التي حصلت على أطراف مدينة غزة، ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى، حصيلة التفجيرين الإرهابيين اللذين طالا حاجزين لشرطة المرور بفارق زمني بسيط. لم يكن هذا الحدث الأول في خضم الصراع الدائر منذ سنوات بين قوى الأمن في غزة والجماعات السلفية بمشاربها وتياراتها المختلفة، فقد شهدت مدينة رفح قبل عامين تحديداً عملية تفجير انتحارية من قبل إحدى هذه الجماعات، بيد أن المختلف هذه المرة أن عمليتي التفجير على مداخل مدينة غزة كانتا مقصودتين وبتخطيط مسبّق، بينما تفجير مدينة رفح المذكور جاء أثناء ملاحقة هذا العنصر عند محاولته مغادرة قطاع غزة إلى الأراضي المصرية عبر الأنفاق المنتشرة على الحدود.

القناعة بوجود تخطيط مسبّق لهذا الهجوم الإرهابي، تدفع للبحث عن دلالات هذا الفعل وخلفياته، والجهات المستفيدة منه، فضلاً عن توقيته. من  المسلّم به أن أي اشتباك فلسطيني - فلسطيني، ستصب محصلته النهائية في سلة الكيان الصهيوني الذي لا يكف عن التربص بالشعب الفلسطيني وحصاره وتهويد أرضه ومقدساته. لكن تقاطع تطورات قطاع غزة زمانياً مع تطورات أخرى داخل الكيان الصهيوني ومن حوله، ستجعل من هذا الإرهاب بالتأكيد مادة دسمة تخدم المشهد الصهيوني على المستوى الآني.

من الواضح أن أداء ومستقبل المقاومة في قطاع غزة لا يزالان يلعبان دوراً قوياً في تحديد هوية الجهة الصهيونية التي ستكسب جولة الانتخابات المقبلة منتصف الشهر القادم، وبما أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو يتحسب من الدخول في مواجهة مع المقاومة في غزة، خوفاً من أن تقضي على حظوظه في العودة إلى رئاسة الوزراء، فإن انشغال المقاومة في قطاع غزة بمعالجة وملاحقة الإرهاب الداخلي، على حساب انشغالها بجبهة الاحتلال، سيمثل خدمة جليلة لنتنياهو في صناديق الاقتراع، خصوصاً وأن خسارته للانتخابات ستقوده إلى السجن بسبب قضايا الفساد التي تحيط به.

كما أن دخول فصائل المقاومة في غزة بموجة صراع داخلية مع عناصر سلفية وتكفيرية، ستشكل أرضية خصبة للكيان الصهيوني من أجل شيطنة المقاومة الفلسطينية، واتهامها بالدعشنة، إلى جانب أن "التوترات الأمنية الداخلية في غزة، ستساهم في تراجع مكانة حركة حماس، وسيطرتها التدريجية على القطاع"، بحسب جنرال الاستخبارات الإسرائيلي ميخال ميليشتاين.

على صعيد آخر، لم تفصل الا ساعات قليلة بين التفجيرين الانتحاريين في غزة عن إعلان مصدر في المقاومة الفلسطينية، جهوزية فصائل المقاومة للدخول على خط المواجهة مع كيان الاحتلال إذا قادت التطورات في شمال فلسطين المحتلة لحرب بين "حزب الله" و"إسرائيل". هذا الموقف المتقدم من المقاومة الفلسطينية يبدو أنه لم يرق لكيان العدو والجهات الإقليمية الداعمة للإرهاب، ولاسيما أنه يمثل استعداداً واضحاً لتنفيذ استراتيجية توحيد الجبهات التي لطالما طُرحت على أجندة محور المقاومة في المنطقة، الأمر الذي قد يكون دفع قادة الأمن في كيان الاحتلال للمسارعة في تبريد جبهة قطاع غزة من خلال فوضى الدم الفلسطيني - الفلسطيني، الذي بكل تأكيد إذا ما حصل سيُقدم خدمة جليلة للجيش الإسرائيلي في حال ذهب لحرب الشمال.