عن ليلى خالد المرأة المُناضِلة

البداية عندما توجّه الدكتور وديع حداد، أحد أبرز القيادات التاريخية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بسؤال إلى المُناضِلة الفلسطينية ليلى خالد: مُستعدّة تموتي؟ أجابت: بالطبع فالفدائي مُستعدّ دوماً للموت. سألها: ليس هذا هو المطلوب.. مُستعدّة تنحبسي؟ أجابت: أجل. سألها: أيضاً ليس هذا هو المطلوب، مُستعدّة تشاركي بخطف طائرة؟ ضحكت وهي تُجيب: أنا على استعداد للقيام بأيّ عمل.

المناضلة ليلى خالد

كانت البدايات لشخصية فلسطينية مُناضِلة ضد الاحتلال الإسرائيلي، اتّخذت الإسم الحركي (شادية أبو غزالة) تيّمناً بأول مُناضِلة فلسطينية ترتقي شهيدة بعد حرب 1967. هي من مواليد مدينة حيفا شمال فلسطين العام 1944 وعضوة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تُعتَبر أول امرأة تقوم بخطف طائرة، في آب/ أغسطس 1969 حيث قامت بخطف طائرة شركة العال الإسرائيلية وتحويل مسارها إلى سوريا، ذلك بهدف إطلاق سراح المُعتقلين في فلسطين، ولَفْت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية.

البداية جاءت في 15 من عُمرها عندما انضمّت مع أخيها إلى حركة القوميين العرب المؤسَّسة من طرف جورج حبش، والتي أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سنة 1968. في بداية 1969 انضمّت إلى معسكرات تدريب تابعة للجبهة الشعبية في الأردن. في 29 آب/ أغسطس 1969 قامت ليلى بمُساعدة سليم العيساوي بخطف طائرة ركاب أميركية للرحلة رقم 840 التي تصل خط لوس أنجلوس/ تل أبيب. حيث قاما بالصعود إلى الطائرة لدى توقّفها في روما وبعد مرور نصف ساعة من صعودهما للطائرة قاما بتغيير مسار الرحلة إلى دمشق في سوريا حيث قاما بإخراج الركاب الـ116 ثم فجَّرا الطائرة.

نعم لاحقاً حاولت ليلى خالد خطف طائرة أخرى في 6 أيلول/ سبتمبر 1970، حيث توجَّهت إلى فرانكفورت مع المُناضِل النيكاراغوي باتريك أرغويلو والذي كان يحمل إسماً مُستعاراً (رينيه)، استقلّت ليلى خالد ورفيقها طائرة "العال" الإسرائيلية كجزءٍ من عملية مُركَّبة لخطف ثلاث طائرات، واحدة في زيوريخ وأخرى في أميركا. انتهت العملية بكارثة، تخلّف رفيقان لليلى عن الحضور، قتل أرغوليو بإطلاق رصاص حرّاس الطائرة خلال هبوط الطائرة إضطراراً في مطار هيثرو في لندن، فيما سقطت هي أسيرة لدى سكوتلانديارد. أطلِق سراحها في عملية تبادُل بعد حوالى شهر إثر خطف رفاقها لطائرة Pan American.

تبدأ سارة إرفينج، كتابها "ليلى خالد أيقونة التحرّر الفلسطيني"، بقولها: "جلست شابّة جميلة ترتدي بدلة بيضاء وقبّعة خفيفة بالإضافة إلى نظّارة شمسية داكِنة تغطّي جزءاً كبيراً من وجهها، في مطار روما بتاريخ 29 آب/ أغسطس عام 1969، الفتاة التي تشبه أودري هيبورن استطاعت تهريب مُسدّس وقنبلة يدوية، وكانت تجلس في قاعة الانتظار مُتجاهِلة رجلاً يجلس في الطرف الآخر، سنعرف في ما بعد أنه سليم العيساوي، وأن الفتاة هي ليلى خالد، وكلاهما رفيقان في وحدة كوماندوز تشي جيفارا التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكانا في طريقهما لاختطاف طائرة تي دبليو أي 840 وإجبارها على تغيير مسارها"·

في حوار مع "خالد" كيف تردّين على مَن يعتبر اختطاف طائرة عملاً إرهابياً؟ جاء الردّ أن المقاومة حق مشروع للشعب الرازِح تحت الاحتلال، ومن حق الشعب ابتداع أشكال المقاومة، ومنها خطف الطائرات من أجل إطلاق سراح المُعتقلين والمُعتقلات في سجون الاحتلال، بالإضافة إلى لَفْت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية، وقد نجحنا في ذلك. إن الاحتلال هو الإرهاب بعينه أما المقاومة فهي المُعادِل الطبيعي للاحتلال.

تقول في النهاية أشعر دائماً بالسعادة أنني أخوض هذا النضال منذ وعيتُ الظلم الذي ألحقه الصهاينة المُحتلون مع حلفائهم بنا، وتشريدهم لنا بعد اغتصاب بلادنا فلسطين. رسالتي إلى الفلسطينيين في الوطن والشتات: نسجّل في تاريخ البشرية أن الحرية وفلسطين صنوان، والمقاومة طريقنا لعودتنا التي نتمسَّك بحقّنا بها، وتحتاج منا أن نكون أوفياء لشهدائنا وجرحانا وأسرانا وأسيراتنا، بالاستمرار بمقاومتنا ووحدتنا حتى تحرير فلسطين "كل فلسطين" ونعود إليها مُنتصرين. "ما أُخِذَ بالقوّة لا يُسترّد إلا بالقوّة". "لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات مع إسرائيل".

لقد شاركت ليلى خالد، بين سنتيّ 1973 و1977 في الدفاع عن المخيّمات الفلسطينية إبان الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك من خلال مهامها في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أو عضويّتها في الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية (مساعدة المُهجّرين والجرحى). وكانت ليلى خالد قد انتُخِبَت سنة 1974 في المؤتمر الثاني للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية كعضو في الأمانة العامة للاتحاد. ومن خلال هذه العضوية، شاركت في مؤتمرات دولية وإقليمية ومحلية، وفي العديد من ورش العمل الخاصة بالمرأة. كما شاركت، سنة 1978، مع الأمانة العامة للاتحاد بتأسيس "بيت أطفال الصمود" لرعاية أبناء شهداء مخيّم "تل الزعتر" في شمال بيروت إثر سقوطه خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

يبقى أن ليلى خالد درست بين سنتيّ 1978 و1980 في مدينتَي موسكو ورستوف. بَيْدَ أنها قطعت دراستها عندما دعت منظمة التحرير الفلسطينية الطلاب الجامعيين في الخارج للمساهمة في الدفاع عن الثورة الفلسطينية. وساهمت، خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف 1982، في إيواء المُهجّرين، إضافة إلى العناية بالجرحى في المستشفيات.

لقد أصبحت ليلى خالد عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني اعتباراً من الدورة الرابعة عشرة التي انعقدت في دمشق في كانون الثاني/ يناير 1979. وقد شاركت، بصفتها هذه، في العديد من الوفود البرلمانية الفلسطينية، كما كانت عضواً في لجنة المرأة العربية التابعة للاتحاد البرلماني العربي. بعد إعادة تنظيم الوضع في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إثر الخروج من لبنان سنة 1982، تبوّأت ليلى خالد عدداً من المواقع التنظيمية القيادية. ففي سنة 1986، تأسّست "منظمة المرأة الفلسطينية" بصفتها الإطار الجماهيري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وانتُخِبَت ليلى خالد كسكرتيرة أولى لها. وعملت هذه المنظمة على تعبئة النساء وحشدهن للدفاع عن حقوقهن وحقوق الشعب الفلسطيني من خلال البرامج والخطط التي أُعدّت لذلك، وأصبح لها فروع في عدد من البلدان العربية، كما في المهاجر.

نعم أصدرت المنظمة النسائية مجلة "صوت المرأة" وأوكلت إلى ليلى خالد رئاسة تحريرها. انتُخِبَت ليلى خالد، سنة 1993، عضواً في اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لدى انعقاد مؤتمرها الوطني الخامس. وفي سنة 2005، انتُخِبَت عضواً في المكتب السياسي للجبهة الشعبية.