طهران وموسكو في المحيط الهندي 2020

نعم لم تؤكّد الإدارة العسكرية الروسية بعد وجود خطط لمناوراتٍ مشتركةٍ بين البحرية الروسية والبحرية الإيرانية. لكنها مُمكنة، لأن موسكو تدعم طهران في العديد من مواقف السياسة الخارجية.

"توصّلنا إلى اتفاق في شأن تنفيذ مناورات بحرية في منطقة المحيط الهندي، ونأمل بتنفيذها بحلول نهاية السنة الإيرانية في 20 آذار/ مارس 2020. وستبدأ قريباً اجتماعات التنسيق والتخطيط لهذه المناورات. عندما نتحدّث عن المحيط الهندي، لعلّ الجزء المهم واللافت منه هو منطقة شمال هذا المحيط، وتتصل ببحر مكران ومضيق هرمز وكذلك بالخليج". هذا بعض من تصريحات قائد بحرية الجيش الإيراني الأميرال حسين خانزادي.
البداية مع ما جاء تحت عنوان "أسطول البحر الأسود الروسي يتّجه نحو الخليج"، كتب فلاديمير موخين، في "نيزافيسيمايا غازيتا"، حول مناورات (روسية إيرانية) مشتركة في بحر قزوين والمحيط الهندي. حيث جاء في المقال: "وقّع قائد البحرية الإيرانية، الأميرال حسين خانزادي، والقائد الأعلى للبحرية الروسية، الأميرال نيكولاي إفمينوف، مذكرة تفاهم من أجل توسيع العلاقات الثنائية". في الوقت نفسه سبق أن أكّدت وسائل الإعلام الإيرانية أن إيران وروسيا اتّفقتا على إجراء مناورات عسكرية مشتركة في المحيط الهندي قبل نهاية العام.
نعم لم تؤكّد الإدارة العسكرية الروسية بعد وجود خطط لمناوراتٍ مشتركةٍ بين البحرية الروسية والبحرية الإيرانية. لكنها مُمكنة، لأن موسكو تدعم طهران في العديد من مواقف السياسة الخارجية. وبالحُكم من خلال تصريحات وزارة الخارجية الروسية، فإن موسكو تُعارض تشكيل قوات التحالف البحرية التي بادرت إليها الولايات المتحدة لضمان حرية الملاحة في منطقة الخليج.
في القلب سبق أن أعلنت ناطقة باسم السفارة الأميركية أن الولايات المتحدة "طلبت من ألمانيا رسمياً الانضمام إلى فرنسا والمملكة المتحدة، للمساعدة في ضمان أمن مضيق هرمز ومواجهة العدوان الإيراني". ويُعتبر طلب واشنطن مُثيراً للجدل في ألمانيا، إذ يخشى كثيرون من ساستها أن أيّة قوّة بحرية، خصوصاً إذا قادتها الولايات المتحدة، يمكن أن تُفاقِم خطر نزاع يجرّ القوى الأوروبية إلى حرب. ويأتي هذا الطلب بعدما أمرت بريطانيا بحريتها في تموز/ يوليو الماضي بمُرافقة السفن التي ترفع عَلماً بريطانياً في هرمز، إثر احتجاز إيران سفينة بريطانية في المضيق.
نعم في سياق التوتّر في المنطقة، سبق أن كتب ترامب على "تويتر": "تذكّروا أن الإيرانيين لم ينتصروا، لكنهم لم يخسروا في التفاوض!". كذلك كشف قائد القوَّة البحرية في الجيش الإيراني، الأميرال حسين خانزادى، عن أن (إيران وروسيا) تخطّطان لتنفيذ مناوراتٍ عسكريةٍ في مياه بحر عُمان ومضيق هرمز قريباً، موضحاً، خلال زيارته مدينة سان بطرسبرغ الروسية، أن الجانبين توصّلا إلى اتفاقٍ حول إجراء مناورات عسكرية بحرية في المحيط الهندي، آملاً في أن تُجرى أواخر العام، وذلك وفق ما جاء في وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية.
هي تصريحات تأتي بأن إيران تهزم «غزواً وهمياً» خلال مناورات عسكرية، وأشار خانزادي إلى توقيع اتفاق تعاون عسكرى بين القوات المسلحة الإيرانية ووزارة الدفاع الروسية، تهدف إلى تطوير التعاون العسكري الثنائي، قائلاً: «هذه أول مرة يتمّ التوقيع على مثل هذه الاتفاقية، ويشكّل إبرامها مُنعطفاً في التعاون العسكري بين طهران وموسكو». وإن أعربت الإدارة الأميركية مراراً عن رغبتها في التفاوض مع السلطات الإيرانية، الأمر الذي لم تُخفِه طهران أيضاً، إذ عبَّر الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 24 من تموز/ يوليو الماضي، عن استعداد بلاده للتفاوض مع الولايات المتحدة، مُشيراً إلى أن طهران لم ولن تضيّع فرصة التفاوض مع واشنطن.
الحقيقة أن تصاعُد التوتّرات في الخليج قد لا تكون هناك نهاية قريبة لها، لاسيما بين إيران والولايات المتحدة، بعدما وجَّهت واشنطن أصابع الاتهام إلى طهران بالمسؤولية عن هجوم استهدف ناقلات نفط في شهري أيار/ مايو، وحزيران/ يونيو الماضيين، وهو ما تنفيه طهران. ومع تصاعُد التوتّر مع إيران حول مضيق هرمز، دعت واشنطن جميع السفن لتشغيل أجهزة التتبعّ بشكلٍ مستمرٍ للحد من الأنشطة غير المشروعة، وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن تعمل على خطةٍ أمنيةٍ للحفاظ على أمن الممرّات البحرية والنقل البحرى.
هي الحقيقة الواقعة على أرض الصراع أن وزير الخارجية الأميركي، سبق أن ذكر في كلمةٍ له في المعهد الاقتصادي في واشنطن، أن بلاده تحتاج إلى مُشاركةٍ دوليةٍ في تأمين مضيق هرمز. وعلى الجانب الآخر أعلن السفير الإيراني في لندن حميد بعيدي نجاد أن "إيران تعارض مُبادلة أو مُقایضة ناقلة النفط المُحتَجزة لديها مع ناقلة النفط المُحتَجزة لدى بريطانيا، وأن بريطانيا احتجزت ناقلتنا النفطية في جبل طارق بصورةٍ غير قانونية.. لكن توقيفنا لناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز لانتهاكها بعض الضوابط الأساسیة المُتعلّقة بأمن الملاحة البحرية".
يبقى في النهاية أنه تُشير وسائل الإعلام إلى أن روسيا وزَّعت مشروعها عن مفهوم الأمن الجماعي في الخليج على أعضاء مجلس الأمن الدولي، بهدف "الحيلولة دون نزاع مسلح". ووفقاً لنائب ممثل روسيا الدائِم لدى الأمم المتحدة، فلاديمير سافرونكوف، فإن الوثيقة صاغتها وزارة الخارجية الروسية، وإحدى مهامها الرئيسة "إنشاء منظمة أمن وتعاون في منطقة الخليج". ولا تخبر الخارجية الروسية عن مدى توافق المناورات العسكرية المحتملة بين روسيا وإيران في الخليج مع هذا المفهوم. عِلماً بأن موسكو تقترح، في الوثيقة، "محاربة الإرهاب والقيام بعمليات حفظ السلام- في هذه المنطقة- تحت سيطرة الأمم المتحدة حصراً".
كذلك سبق أن أعلن الخبير العسكري شامل غارييف، لـ"نيزافيسيمايا غازيتا"، عن إمكانية وصول السفن الحربية الروسية إلى الخليج وتعاونها مع البحرية الإيرانية. فمثل هذه الإجراءات، سوف تستبعد أيّ حصار مُحتَمل للسفن الحربية والتجارية الإيرانية في الخليج. ويبدو غارييف واثقاً من أن موسكو ستساعد القيادة الإيرانية في الحصول على أنواعٍ جديدةٍ من الأسلحة. بما في ذلك منظومة الصواريخ المُضادَّة للطائرات إس-400. فـ"الولايات المتحدة لا تنفكّ تُهدِّد إيران بضرباتٍ صاروخيةٍ وجوية. لذلك، "فإن فكرة تزويد طهران بصواريخ إس-400 مُلحّة". فإلى أين تمضي مناورات (طهران وموسكو) البحرية في المحيط الهندي؟. هذا بالطبع ما تأتي إجابته مع نهاية السنة الإيرانية في آذار/ مارس 2020.