يوم كان العدناني في أرضنا

ثبت تنقل العدناني بين العراق وسوريا وثبت أيضاً أن له دوراً أكبر من حديث اعلامي وتعبئة وحماس. نسق لهجمات في الموصل مركز الأنبار. وجه بشن هجمات داعش في حديثة غرب الرمادي بحكم قرابة تجمعه ومصاهرة. حيا مسلحي التنظيم في الفلوجة يوم استباحوها. وكان صوته حزيناً يوم تحررت الرمادي واقتربت القوات من تخوم الفلوجة بإصدار صوتي خفت فيه صوته وضاعت حماسته واقترن حديثه بآيات الصبر وأحاديث التصبر وحكم الابتلاء.

سلسلة هزائم في العراق تلقى الناطق باسم داعش أخبارها قبل أن تنتهي حياته
كان عمره 27 عاماً يوم التحق بأبي مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. قبلها وقبل العام 2004 كان له أن التقى الزرقاوي وفق المصادر الأمنية العراقية في الزرقاء بالأردن.

هو ذاته طه صبحي فلاحة البنشي من إدلب السورية أو أبو خطاب البنشي أو حجي جابر أبو صادق من أم عراقية. اعتقلته القوات الأميركية في الأنبار في العام ٢٠٠٥ في العراق تحت اسم "ياسر نزال الراوي".

اقترن الراوي أو العدناني بعراقية من محافظة الأنبار من أقرباء والدته. اقترن أيضاً ببندقية لم يكن رصاصها لصدر المحتل بقدر أبناء البلد المحتل. ساهم وأخوة له في تأسيس "جبهة الغرباء" بمجلس شورى المجاهدين كفصيل مؤسس وساند ابتداء عملياته باسم "جيش الطائفة المنصورة". فكان قريباً من البغدادي يوم لم يكن البغدادي رقماً في قاموس الجهاديين. اعتقل في الأنبار على يد القوات الأميركية في جزيرة هيت على أنه فرد من القاعدة وليس اسماً فيها وهكذا كان.

دارت الأيام ومنح الوقت العريض في المعتقل متسعاً للتفقه جهادياً وتكفيرياً في حلقات درس القاعدة والجهاديين في سجن بوكا جنوب العراق. قضى زعيمه الزرقاوي بضربة جوية في هبهب بمحافظة ديالى شرق بغداد فضاعت مركزية وإدارة ورمزية لم يغنها بدلاً منه لا أبو عمر البغدادي ولا أبو حمزة المهاجر. فطأطأ القوم رأسهم اختياراً لا إجباراً وباشروا عمل الخلايا الانتقامية. فتحولت القاعدة إلى مطاردة على يد الصحوات نهاراً وتختم الليل بتصفيات رؤوس مناوئيها.

مراحل سريعة وسنون طويلة أبقت العدناني بغطاء الحبس حتى أطلق سراحه في العام 2010. فكان له بحكم علاقاته مع طرفي الحدود العراقية السورية أن يجهز لنقل السلاح وأهله إلى العراق بعدما أمست القاعدة تبحث عن دولتها. سنون أقصر من سني السجن تلك التي أماطت اللثام عن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وبقيت كأنها إشاعة برايات وأحداث وتصفيات كلها لم تلق بالاً أو حركت حساً أمنياً بحجم الخطر.

أطل العدناني بتاريخ غريب ووجه شوهته التقنية في حزيران/ يونيو 2014 يوم أعلن داعش "كسر الحدود" معلناً نصراً عسكرياً ناطقاً باسم زعيم داعش أبو بكر البغدادي متوعداً بمزيد من الدمار. حينها حجز مقعده سريعاً بين سلم القيادة العسكرية للتنظيم وفق المخابرات العراقية بين 44 اسماً على رأسها زعيم داعش أبو بكر البغدادي. عندها عاد الأمن العراقي إلى أرشيفه فاكتشف أن الناطق باسم داعش لم يكن يوم كان إلا معتقلاً على أساس دخول غير مشروع للعراق يخففها عنه زواجه بعراقية وأنه انضم "كما اعترف" لفصائل جهادية دون أن يثبت أنه تورط بدم أحد.

ثبت تنقل العدناني بين العراق وسوريا وثبت أيضاً أن له دوراً أكبر من حديث اعلامي وتعبئة وحماس. نسق لهجمات في الموصل مركز الأنبار. وجه بشن هجمات داعش في حديثة غرب الرمادي بحكم قرابة تجمعه ومصاهرة. حيا مسلحي التنظيم في الفلوجة يوم استباحوها. وكان صوته حزيناً يوم تحررت الرمادي واقتربت القوات من تخوم الفلوجة بإصدار صوتي خفت فيه صوته وضاعت حماسته واقترن حديثه بآيات الصبر وأحاديث التصبر وحكم الابتلاء.

كانت ضربة قاصمة سبقتها ضربات في ديالى وصلاح الدين والأنبار وأطراف بغداد. سلسلة هزائم تلقى الناطق باسم داعش أخبارها قبل أن تنتهي حياته.

أمه العراقية قد تندب ولدها، ولداً واحد أو قد لا تندب، لكن ابنها شارك يوم التحق بالقاعدة مهاجراً إلى العراق ويوم أسس تنظيما فيها ويوم أمسى ناطقاً باسم التنظيم الأكبر داعش، بعمليات قتل وبارك عمليات ذبح وأسس لمدرسة موت وأهان مجتمعاً سبيت نساؤه وحمّس انتحاريين لم يقتلوا محتلاً أبداً.
قتل العدناني أو طه صبحي فلاحة أما التنظيم فقد يكون قد خسر مؤسساً فيه. وقد يعني ذلك أن التنظيم تلقى صفعة، لكن خسارة داعش الكبرى هي خسارة الارض وخساراته لما احتل من مدن.

أمسى من الماضي لكنه قطعاً ترك جرحاً عميقاً في قلوب آباء وأمهات ضحايا قاعدة سبايكر والصقلاوية والرمادي والبو نمر والجبور في علم صلاح الدين وايزيديين ومسيحيين ومسلمين. هذا في العراق، أما في سوريا وفي غيرها فهذا بحث واسع لكنه بالتأكيد جرح عميق في قلب كل إنسان فقد عزيزاً أو كان به ضمير.