الإمارات الخاسر الأكبر في المناورات البحريّة المشتركة

يعلم متابع المناورات الإسرائيلية السابقة أنَّ هناك مشاركة عربية سابقة في عدد من المرات خلال السنوات الماضية لقوات تابعة لدول عربية، لكن بشكل سري وغير معلن.

  •  مشاركة الإمارات كانت سريّة وفق الاتفاق مع
    مشاركة الإمارات كانت سريّة وفق الاتفاق مع "إسرائيل"

لا يكاد الإعلام الإسرائيليّ يخلو من الإشارة إلى الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بشكل يوميّ، كهدف يمثّل خطراً كبيراً تُجيَّش لأجله جهود المستويات السياسية والعسكرية والأمنية في "إسرائيل". وقد كان آخرها التركيز على المناورات البحرية المشتركة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة ودول عربية – لأول مرة بشكل معلن - هي الإمارات والبحرين.

التركيز الإسرائيلي على إيران يُفهم هذه المرة في سياقات عدة، فرغم أنّه يحمل دلالات تهديدية واضحة لها ولمحور المقاومة في المنطقة بمشاركة عربية، فإنّ إخراجه بهذا الشكل يشير إلى مقدمات لإعلان تحالف إسرائيلي عربي كمرحلة متقدمة من التطبيع، ترسيخاً لاتفاقيات التطبيع التي وُقعت خلال الأعوام الأخيرة.

يعلم متابع المناورات الإسرائيلية السابقة أنَّ هناك مشاركة عربية سابقة في عدد من المرات خلال السنوات الماضية لقوات تابعة لدول عربية، لكن بشكل سري وغير معلن. وفي بعضها، وصلت إشارة، لم يتم التأكد من دقّتها، إلى أنَّ طيارين إماراتيين نفذوا عمليات قصف لأحد مواقع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أثناء مناورة عسكرية مع الاحتلال، مستغلّين الجولات القتالية المحدودة التي كانت تجري في قطاع غزة بعد عمليات إطلاق الصواريخ منه.

ما تريده "إسرائيل" من هذا الإعلان هو توجيه رسالة واضحة ببدء تشكيل هذا الحلف بشكل فعليّ، ليتطور بشكل أكبر، ويوفر الحماية للدول العربية التي تشترك مصالحها مع الاحتلال في المنطقة، ما يزيد من التحديات أمام محور المقاومة الذي يواجه "إسرائيل" في المنطقة.

الخطورة في هذه الحلف الناشئ تزداد بشكل واضح في ضوء حملات ممنهجة لتغيير وعي الشعوب في المنطقة العربية وقلب المفاهيم بشكل سافر، ليصبح الاحتلال الصهيوني الذي يقتل الفلسطينيين ويسرق أرضهم ومقدراتهم صديقاً، ويصبح الظهير المسلم، "محور المقاومة"، عدواً تجب محاربته.

بموازاة ذلك، تعدّ المناورات العسكرية المشتركة بين الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة والإمارات والبحرين في البحر نوعاً جديداً من المواجهة، التي تسعى هذه الأطراف من خلالها لوقف التموضع الإيراني البحري في المنطقة،  ما يطرح تساؤلات حقيقية: هل تعتقد الإمارات والبحرين أنّ "إسرائيل" والولايات المتحدة تعتبرانهما حقاً ضمن حلفهما؟ وهل ستدافعان عنهما في حال قررت الجمهورية الإسلامية توجيه ضربات قاسية تؤثر في اقتصادهما؟ كلّ الإجابات المنطقية تقول إنَّ هاتين الدولتين أكثر وضاعةً من أن تدخل واشنطن و"إسرائيل" حرباً لأجلهما.

لا تدرك الإمارات والبحرين أنَّ "إسرائيل" التي تعاني مشكلة حقيقية في عمقها الاستراتيجي وتخشى من الحرب، ترى من خلال ضمّهما إلى الحلف أنها سيمثلان طرفاً يمكن للإيرانيين التصويب عليه بعيداً عن المصالح الإسرائيلية والأميركية في المنطقة. ولأنَّ "إسرائيل" تدرك أن اللعب مع الإيرانيين مكلف، فهي تسعى لإدخال الإمارات والبحرين في هذا المأزق، لتحقيق مصالحها ومعالجة مشكلة عمقها الاستراتيجي الضعيف.

من الواضح أنّ مشاركة الإمارات كانت سريّة وفق الاتفاق مع "إسرائيل"، إلا أنَّ الإعلان الأميركي عن هذه المشاركة فضح الإماراتيين ووضعهم أمام مأزق المواجهة المباشرة مع الجمهورية الإسلامية، فبعد أن تراجعت الإمارات خطوات في اليمن بعد استهداف شركة "أرامكو" السعودية خوفاً على مصالحها الاقتصادية، ستجد أبو ظبي نفسها أمام المعضلة نفسها أمام الجمهورية الإسلامية.

ويدلّ حديث ضابط رفيع المستوى في قوات الاحتلال أمام الصحافيين مؤخراً أن "إسرائيل" لم تكن على علم بالإعلان عن مشاركة الإمارات والبحرين، إذ قال: "هذه هي المرّة الأولى التي تُرسل الإمارات فيها قطعاً بحرية إلى هذه المنطقة، وهذا يُعَدّ تدريباً هجوميّاً"، مضيفاً: "إسرائيل فوجِئت جداً" بإعلان المناورة من جانب الأميركيين، وفضّلت عدم كشفها في المرحلة الحالية على الأقل، وخصوصاً أنّ بالإمكان إخفاءَها عن الأعين، لكنّها سلّمت بالأمر، لأنّ الأميركيين هم الَّذين يقودون المناورة.

وحتى الوقت الحالي، لم تعطِ الولايات المتّحدة الأميركيّة و"إسرائيل" الإمارات أيّ ضمانات لتوفير الحماية لها في حال استهدفت إيران مصالحها، الأمر الذي أعتقد أنه ما زال يرعب الإماراتيين بشكل كبير.