الدين أداةً في نشأة "إسرائيل" وحروبها

ما غفل عنه كثيرون أن ثمة خصوصية للصهيونية واليهودية و"إسرائيل"، وذلك تبعاً للخلفيتين الفكرية والتاريخية لكل منها.

  • الدين أداةً في نشأة
    الدين أداةً في نشأة "إسرائيل" وحروبها

هل كان انحدار الصهيونية من وسط يهودي، ونجاحُها في إقامة "دولة إسرائيل" كأرض ميعاد مزعوم لليهود، دليلاً على يهوديتها حصراً؟ 

اعتاد أكثر الباحثين على وضع فارق حادّ بين اليهودية والصهيونية، بل غامر بعضهم في اعتبار الصهيونية عدواً لليهودية، وتواطأوا جميعاً على اعتبار الكيان الإسرائيلي كياناً علمانياً، استخدم الدين اليهودي، أو أن ثمة محاولة لـ"إسرائيل" للسيطرة على الدين اليهودي، بعد أن فشلت المواءمة بينهما[i].

ما غفل عنه كثيرون أن ثمة خصوصية للصهيونية واليهودية و"إسرائيل"، وذلك تبعاً للخلفيتين الفكرية والتاريخية لكل منها. فالعلمانية، في الصيغة الأوروبية، لا تصلح إلاّ بصورة جزئية لتنزيل مفهومها على الكيان العبري المحتل لأرض فلسطين، وهو ما تبيّن على نحو لا لبس فيه بعد إصدار "إسرائيل" قانون "يهودية الدولة" عام 2018م. واليهودية، وفق الصبغة الدينية المعتادة، يصعب اعتبارها ديناً خالصاً بمكونات الدين، بقدر ما هي تراث ديني افتعله الحاخامات بهدف كسب النفوذ وجني المال. أمّا الصهيونية فليست حزباً سياسياً مطلقاً بانفصاله عن التراث الديني اليهودي، فهي مولود تراثي يهودي، ذو صبغة سياسية تنظيمية، وأطماع استعمارية غربية، استثمر المفردات اليهودية وبيئتها الحاضنة من دون انفصال عن خلفيتها التاريخية، في بُعدها الديني التراثي[ii].

وما ساهم في وجود هذه "الدولة"، في مسمّاها الديني التراثي (إسرائيل) نِسبةً إلى نبيّ الله يعقوب، إنما هو الخطط الغربية، وخصوصاً البريطانية، في مرحلة من مراحل تطور حركة الاستعمار ضد العالمين العربي والإسلامي، بحيث جاءت مصالح الغرب بشأن ضرورة التخلص من الوجود اليهودي في أوروبا، وما كان ينطوي عليه من مخاطر على الاقتصاد الأوروبي ونسيجه الاجتماعي، وهو ما وافق هوى بعض المفكرين اليهود وسياسيّيهم، مثل يهودا القلعي وموشي هس وباروخ متراني وتيودور هرتزل، ثم حاييم وايزمن ودافيد بن غوريون، بحيث اجتمعت مصالح الطرفين على تهجير يهود أوروبا، عبر إقامة دولة قومية لهم. وبناءً عليه، ضُخِّمت المحرقة اليهودية في ألمانيا وبولندا، على نحو يحقق الهجرة اليهودية نحو "دولة" اليهود الوليدة، والتي أجمع الغربيون على إقامتها بالتدريج في فلسطين.

شكّل التقاء مصالح الغرب مع ناشطي اليهود في أوروبا، على ضرورة قيام "دولة" لليهود، وأن تكون في فلسطين حصراً، منحنىً عالمياً كبيراً، بحيث جاء قيام الحركة الصهيونية، توطئةً لذلك، بالدعوة إلى عودة اليهود إلى أرض الميعاد كشعار استراتيجي صهيوني، وهو ما عبّر عن تشابك عميق بين الصهيونية واليهودية. فهل كان انحدار الصهيونية من وسط يهودي، ونجاحُها في إقامة "دولة إسرائيل" كأرض ميعاد مزعوم لليهود، دليلاً على يهوديتها حصراً؟ 

وكان الكاتب اليهودي النمساوي، ناثان بيرنباوم، نشر عام 1890م مقالاً في مجلة "الانعتاق الذاتي"، مُستخدِماً لفظة جديدة لقُرَّائه، لكنها لم تكن لفظة اعتباطية، إذ لم تمضِ سبعة أعوام فقط حتى تبلور هذا المصطلح في بازل في سويسرا عام 1897، على يد اليهودي النمساوي الآخر، تيودور هرتزل، الذي استخدم لفظة "الصهيونية" التي صكَّها ناثان، ليعقد المؤتمر الصهيوني الأول بعد عام واحد من صدور كتابه "الدولة اليهودية"، داعياً فيه إلى هجرة اليهود نحو فلسطين، وإقامة "أرض إسرائيل" التي ستحل مشكلة الأقليات اليهودية في الشتات[iii].

الدين وأحبار اليهود أو الحاخامات

إن أدنى متابعة لحال أحبار اليهود عبر التاريخ، تُثبت، على نحو لا يدع مجالاً للشك، حقيقة ارتباط هؤلاء بالدين اليهودي منذ كان هؤلاء مجرد سادة من بني إسرائيل في قوم موسى وعلى ملّته بعد النجاة من فرعون، في رحلة التيه والضياع، في مماحكة لا تنتهي مع نبي الله موسى وأخيه هارون. فالعقل المادي كان سيد الموقف في مشاعرهم ومواقفهم وطبيعة تعاطيهم مع كل التطورات، وهذا ما أفرد له القرآن مساحة واسعة في تعرية العقلية المادية لسادة بني إسرائيل في حياة موسى، أو بعد مماته. وهو ما رأيناه في مبعث نبي الله عيسى، وكيف عاندوه وسعَوا لقتله وصلبه، في مؤامرات لا تنتهي.

والناظر إلى المِحَن التي عصفت ببني إسرائيل عبر التاريخ يجدها متصلة، في كلِّيتها، بمستوى الجشع والحرص على السيطرة والنفوذ في العقل الإسرائيلي، ممثَّلاً بأحبارهم وحاخاماتهم. لذا، فالدين اليهودي، كأداة في أيدي هؤلاء الأحبار، ظل خير وسيلة للقبض على سيادة بني إسرائيل وما يتبعها من قدرة على تنمية رأس المال. وكل حاخامات الأرض عاشوا مترَفين منعمَّين في غنى يصعب وصفه، وهو ما ظهر جلياً عند سقوط خيبر، والكنوز كانت حصراً في أيدي أحبارهم، وتحديداً حبرهم الأكبر؛ ابن أبي الحقيق[iv].

ولعل سرعة تحريف التوراة تاريخياً، على أيدي الكهنة اللاويّين والموسوييّن منذ عام 930 ق.م، تؤكد حقيقة هدف التحريف، حتى يسهل على الأحبار إحكام السيطرة على الأتباع وغير الأتباع، وليس صدق الانتماء إلى دين موسى وهارون. فالمتصفح للتوراة المحرَّف يجد تشويهاً بليغاً للأنبياء جميعاً، فهم يقعون في كل صنوف المعاصي، وكذلك حال العرب والكنعانيين وغيرهم من الأجناس، على نحو يبيح للأحبار أن يتصرفوا على راحتهم كما يشاؤون، سواء التوراة في عهد يوشيا 609 ق.م، حتى عزرا الفارسي الوراق 500 ق.م، وهو ما كشفه الحبر السابق، السموأل المغربي[v].

مع نهاية الوجود السياسي لمملكة يهوذا (586 ق.م) أصبح الرابط الحقيقي، الذي يربط بين اليهود، هو الكهنوت وممارسة الطقوس، وأصبحت الطقوس الدينية هي الإطار الذي يشكل الهوية اليهودية، وهي التي تحافظ على العلاقات الاجتماعية المتينة في ظل عدم وجود كيان يهودي مستقل. وهذا طبعاً يعني أن الحاخامات ورجال الدين هم الذين قادوا الأقليات اليهودية في معظم البلدان التي عاشوا فيها، وأصبحت لهم مكانة متقدمة بين اليهود، لأنهم كانوا المسؤولين عن فهم الدين وممارسة الشعائر الدينية، ونشأ عن ذلك طبعاً قيامهم بأدوار اجتماعية كبيرة، لكنّ الأهم هو اضطلاعهم بأدوار سياسية نتيجة أنهم كانوا حلقة الوصل بين أبناء طائفتهم وسلطات الدول التي يعيشون فيها، على نحو أعطاهم على الدوام حصانة السيطرة على الأتباع في هذا الإطار الاجتماعي/السياسي النافذ[vi].

كان الكاهن الأكبر عند اليهود في عصر الدولة العثمانية يحصل على لقب الحاخام باشا، وهو منصب جعلته الدولة العثمانية من أجل تسيير الشؤون الخاصة باليهود داخل الطوائف اليهودية المنتشرة في أرجاء الدولة. وتدلّ الشواهد على أن هذا المنصب كان يتعدى الشأن الديني إلى أعمال غير دينية، يأتي على رأسها الدور السياسي.

والأمور التي تعزز فكرة استثمار الحاخامات للدين لمصالحهم الخاصة، في بداية نشأة الصهيونية السياسية (نهاية القرن التاسع عشر)، نظر إليها بعض الحاخامات والمؤسسات الدينية على أنها تنطوي على خطيئة، فلقد وجدوا فيها تحدياً غير مرغوب فيه لزعامتهم وسلطتهم، وهو ما بدا واضحا في موقف الحاخام حاييم ناحوم، كبير الحاخامات، الذي عارض الصهيونية حرصاً على امتيازاته لدى السلطات العثمانية. لذلك، كانت مواقف الحاخامات تجاه الصهيونية تتغير عندما تصبح الظروف مؤاتية مثلما حدث مع الحاخام الأكبر ليهود تركيا، والذي حوّل عداءه للصهيونية إلى تأييد لها، بل دعا إلى عقد مؤتمر صهيوني ليهود تركيا عام 1919م، ومثله أيضاً الحاخام أهرون ساسون في بغداد.

يرى الكاتب محمد عمارة، الباحث في الأديان والصراع العربي الإسرائيلي، أن اشتقاق "الصهيونية" (Zionism) إنما جاء استغلالاً لمشاعر اليهود وحنينهم إلى جبل "صهيون" (Zion)  المقدس لديهم، وهو ما تصادم مع قاعدة يهودية راسخة لديهم، وهي أن "أرض إسرائيل" منحة من الإله لهم على يد الماشيح المنتظر، وأن كل محاولة بشرية لإقامة دولة يهودية إنما هي كفر وشذوذ عن الطريقة التقليدية اليهودية المعروفة، وخيانة لمعنى الوعد. وهذا الذي ذكره عمارة، مقارنة بما استقرت عليه أغلبية أحبار اليهود وحاخاماتهم من تأييد مطلق للصهيونية، يؤكد أن ذلك المعتقد ما كان بداية إلاّ من باب التقية السياسية.

قد يصح أيضاً، في حالة بعض الحاخامات، أصحاب التوجه الديني المحافظ، القول إن تغيُّر مواقفهم من الصهيونية، من المعارضة إلى التفاعل الإيجابي مع أفكارها الأساسية، كان من قبيل عدم السباحة ضد التيار، إذ لم يكن في مقدور مواقفهم الرافضة صرف أنظار شبان اليهود عن الحركة الصهيونية. وهذا يشير إلى أن الصراع بين الصهيونية والدوائر الدينية المحافظة كان عادة ما يُحسَم لمصلحة الصهيونية. لكن، في المقابل، فإن حاخامات اليهود غير التقليديين كانوا يساهمون في دعم الصهيونية عندما وجدوها تحفظ مصالحهم.

هل كانت نشأة "إسرائيل" دينية أم علمانية؟

تستحيل الإجابة بواحد من الخيارين، فلا "إسرائيل" دينية، في المعنى السماوي، ولا حتى في المعنى الكهنوتي التاريخي، على الرغم من مسمّاها وطابعها التراثيَّين التاريخيَّين، وليست أيضاً علمانية، على الرغم من طبيعة طبقتها السياسية المتنفذة، منذ ديفيد بن غوريون؛ رئيس أول حكومة فيها، وهو المحسوب على اليسار، وهو أهم وأبرز شخصية في الحركة الصهيونية منذ نشوئها حتى اليوم، على الرغم من أن ثيودور هرتزل كان واضع رؤية قيام "دولة"، تكون وطناً قومياً لليهود، إلاّ أنه مات، في عام 1904م، قبل أن تبدأ الحركة الصهيونية خطوات فعلية حثيثة في أرض فلسطين تقود إلى قيام "إسرائيل" على حساب الشعب الفلسطيني.

وكان بن غوريون هو الرجل الذي قاد هذه الخطوات، من تنظيم اليهود في فلسطين، وتجنيد الدعم لقيام "دولة يهودية"، وجمع التبرعات لذلك. ووضع المخططات من أجل تنفيذ هذا الهدف، حتى إنه وضع الخطط لتنفيذ المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين.[vii]

هذا اليساري المؤسِّس، بن غوريون، كان علمانياً في البيئة الأوروبية، ويهودياً متطرفاً بالمعنى الديني، حتى وصل الأمر بالباحث أحمد الأشقر إلى أن يعتبر أن أفكاره مُستمَدّة من العقيدة اليهودية، وتحديداً من "التنّاخ"، على نحو ينفي عنه صفة "العلمانية" التي يُلصقها المؤرّخون والكتّاب العرب به، وأن الرجل كان أصوليّاً يهودياً، وأن الصهيونية ليست إلا الفقه المُعاصِر لليهودية وحركتها الأصولية، وخصوصاً إذا علمنا بدور بن غوريون الحاسِم في التنظير الأيديولوجي لأهميّة استخدام "التناخ" في إنتاج قاعدة أيديولوجية للدولة والمجتمع والجيش، ولاسيما العلاقة التي لا تنفصم عُراها بين الديانة اليهودية والمشروع الصهيوني، بل، على العكس من ذلك، يؤخذ بن غوريون في الغرب، مع ما أشاعه بعض المُثقّفين العرب نقلاً عن الغرب، على أنه علماني ديمقراطي، حتى بات مشروعه "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بحسب السردية الشائعة غرباً وشرقاً.[viii]

لكن لدى التدقيق، يتبين أن هذا "التناخي" المتشدد، بن غوريون، ليس إلاّ كاذباً يتلاعب بالدين ليستثمره في مشروعه السياسي، فلقد جاء عنه قناعته بأن معظم التراث الديني في فلسطين ليس أكثر من أسطورة خرافية. لكن، بما أن الشعب اليهودي يعتقد بها، إذاً لتَكُن حقيقة!!! ولعلّ هذا ما جعله يكذب علناً بشأن طبيعة الكنعانيين الذين سكنوا فلسطين قبل الهجرة اليهودية من مصر إلى فلسطين، قائلاً إن "بني إسرائيل، الذين قَدِموا من مصر، وجدوا في البلاد، في أثناء احتلال يهوشع، عبريين قاطنين فيها من زمان"[ix]، فهو يقول أي شيء يكفل نجاح مشروعه التوسعي، في جذوره الغربية الاستعمارية، باللعب على الوتر التاريخي.

عندما قاد بن غوريون نشأة الكيان العبري، وفق عملية الدمج بين التراث اليهودي والديمقراطية العلمانية المعاصرة، عمل على كسب يهود العالم لمشروعه، واخترق، في الوقت نفسه، المنظومة الغربية العلمانية، عبر قيادته حزب "المباي" اليساري الاشتراكي في نزعته الاجتماعية الاقتصادية، وهو يعني "حزب عمال أرض إسرائيل". وهو حزب سياسي تأسس عام 1930، وامتزج بحزب العمل عام 1968، ثم أخذ يفقد هويته شيئاً فشيئاً إلى أن انتهى. وكان ينادي عند تأسيسه بتحقيق الصهيونية الاشتراكية في "أرض إسرائيل"، مع التشديد على الاستيطان الاشتراكي، والسعي لتشجيع الهجرة الشابة، والدفاع عن حقوق العمال ضمن إطار نقابة العمال العبريين العام ("الهستدروت"). وهذا، في جملته، يعكس المنحى العام لحقيقة هذا الزعيم المؤسس للكيان العبري.

ولمعرفة مستوى النزعة المصلحية الليبرالية في أيديولوجية بن غوريون، نجده، مثلاً، درس دوافع يهود الولايات المتحدة وتركيبتهم، أيديولوجياً ونفسياً، وخلص إلى أن صهيونية كثيرين من يهود أميركا، والتي تتبدَّى في دفع التبرعات لـ"إسرائيل" والتظاهر من أجلها، ليست تعبيراً عن رغبتهم في العودة إلى أرض الميعاد، أو تمسُّكهم بهويتهم، وإنما هي محاولة لتغطية اندماجهم في المجتمع الأميركي، ومن أجل إرضاء ضمائرهم اليهودية المتعَبة. 

كأن المؤشِّر هنا (ادعاء الصهيونية) يشير إلى عكس مضمونه الصهيوني التقليدي (تماسك الهوية اليهودية). لذا، على الرغم من أن كثيرين من يهود أميركا متعصّبون ويعلنون صهيونيتهم بشراسة غير عادية، فإن المُلاحَظ أنهم لا يذهبون إلى انتخابات المؤتمر الصهيوني، ويكتفون بدفع اشتراكات العضوية.

يُلاحَظ أن صهيونية يهود أميركا تعني أنهم يهود/أميركيون (على غرار إيطاليين/أميركيين)؛ أي أن "إسرائيل" مسقط رؤوسهم. لذا، عمل على تعزيز الإيمان بازدواج الولاء لدى أعضاء الجماعات اليهودية في العالم. ولذلك، فـ"إسرائيل" تحاول دائماً تجنيدهم في خدمة مصالحها ومآربها، بل إن بن غوريون صرح بأن السفير الإسرائيلي في كل عاصمة هو الممثل الحقيقي للجماعة اليهودية فيها. ونجده عمل على ما يمكن وصفه بأن اليهودي الخالص هو اليهودي المثالي الذي يحاول المشروع الصهيوني تحقيقه. فباسم هذا «اليهودي الخالص» ترفض الصهيونية الموروث الثقافي لأعضاء الجماعات اليهودية، بل ترفض وجودهم ذاته، وباسمه تحاول تأسيس "الدولة اليهودية" حتى يتحقق هذا الجوهر.

واليهودي الخالص، بكل ما فيه من حيوية وإبداع وولاء يهودي مطلق، هو نقيض اليهودي المنفي، بكل ما فيه من هامشية وتَمزُّق وازدواج في الولاء، ويحاول الصهاينة تطبيع يهود المنفى من أجل إعادة صياغتهم في صورة «اليهودي الخالص»، [x] على نحو يؤكد أننا أمام عملية سيطرة وإخضاع ليهود العالم، في اتجاه إقامة كيان غريب، لكنه قويّ ومتماسك، تراثياً وواقعياً، في قلب العالم العربي. 

وعندما اتهم حاخامات اليهود الصهيونية، بداية، بأنها تسعى للتعجيل، والصهيونية ذاتها واعية بأن موقفها بشأن العودة مغاير للموقف الديني التقليدي، نجد أن بن غوريون يصف موقفهم بالسلبية والاتكالية[xi]، أي ما يعني خشية الحاخامات من خسارة نفوذهم الذي استقروا عليه، من جهة، وأن بن غوريون، كما هرتزل ووايزمن من قبل، لا يفكر سوى في إقامة "وطن قومي" في فلسطين، ضمن رؤيته السياسية المعادية للعرب في خدمة الغرب. وهو ما عبّر عنه عبد الوهاب المسيري في مقولة «العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية» والذي يستند إلى الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، والتي نبعت من صميم الحضارة الغربية ومن تاريخها، فكرياً واقتصادياً وسياسياً. وبناءً عليه، تم تأسيس المنظمة الصهيونية التي طرحت نفسها إطاراً تنظيمياً يمكن من خلاله توقيع العقد مع الحضارة الغربية، وفرض الصيغة الصهيونية الشاملة على الجماهير اليهودية، بحيث تتحول هذه الجماهير إلى مادة استيطانية، ويدخل المشروع الصهيوني حيز التنفيذ، عبر تطوير الخطاب المراوغ، الذي جعل في الإمكان إرضاء مختلف قطاعات يهود العالم الغربي (في غربي أوربا وشرقيها)، واستيعاب كل ما قد يجدّ من مشاكل في المستقبل، الأمر الذي فتح الباب أمام تهويد الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة[xii].

اليوم، على الرغم من وجود شبه إجماع بشأن الهوية اليهودية للدولة، فإن هناك خلافاً تاريخياً محتدماً بشأن ما يعنيه هذا "المُكوِّن اليهودي" للهوية الإسرائيلية بدقة، وهل يعني اليهودية بصفتها "مشترَكاً ثقافياً وطنياً"، أم أنها يعني "التعاليم اللاهوتية للديانة اليهودية"؟ وفي حين أن المؤسِّسين الأوائل للدولة العبرية يرون "الصهيونية" إطاراً وطنياً أكثر علمانية، فإن الصهاينة المتدينين، والذين يتمدَّدون في "إسرائيل" اليوم، ينظرون إلى الأمر نظرة مغايرة.

لذلك، على الرغم من وجود اتفاق ضمني بين بن غوريون ورفاقه بشأن علمنة الإطار الصهيوني، فإنهم تفادوا معالجة هذه القضية الشائكة في "إعلان تأسيس الدولة"، وربما يكون هذا الجدل الهوياتي هو السبب في أن "دولة" الاحتلال تبقى بلا دستور حتى الآن على الرغم من مرور نحو سبعة عقود على نشوئها بحكم الواقع. 

ولم يذكر الإعلان التأسيسي لـ"دولة" الاحتلال "الرب" إلاّ مرة واحدة، باعتباره "عماد إسرائيل"، ولم تُوصَف "إسرائيل" في إعلان "الدولة" بأنها "إرث الله للإسرائيليين"، كما يراها اليهود المتدينون. وبدلاً من ذلك، وصف الإعلانُ الأرضَ بأنها "مهد الشعب اليهودي"، وهي صيغة بدت في جوهرها أقرب إلى علمانية إعلان توماس جيفرسون الأميركي، لكن هذا ينقض ما أظهره استطلاع للرأي أُجري عام 2009، وجاء فيه أن 42% فقط من اليهود الإسرائيليين يصفون أنفسهم اليوم بأنهم "علمانيون".

أمام الوضوح الراهن في تركيبة الطبقة السياسية للمجتمع الصهيوني، بين نتنياهو الذي وصف جيش الاحتلال الإسرائيلي بـ"قوة الرب المقدسة"، والذي أرسى دعائم "الدولة اليهودية" القومية، تحقيقاً لأطماع شخصية، يكاد يتفق الجميع على مبعثها، وبين بينيت، الزعيم الاستيطاني اليميني المتدين البارز، ورئيس حكومة ما بعد نتنياهو، عبر التحالف مع الحركة الإسلامية الجنوبية بقيادة منصور عباس، تظهر تماماً حقيقة تلاعب الكيان العبري بالدين والعلمنة، تحقيقاً للمشروع السياسي الاستثماري ذاته الذي رافق تركيبة العقل اليهودي منذ الأزل، وهو ما جعل أكثر باحثينا العرب يتخبطون، فيرى أكثرهم اليوم أن المجتمع الإسرائيلي يمر في نوع من التوجُّه "ما بعد الصهيوني"، يتفق مع ثورة الـ "ما بعدية" في توصيف الظواهر السياسية.

وشاع في الكيان العبري تقدير آخذ في الاتساع، مفاده أن الحركة الاستيطانية العلمانية تزداد تراخياً بشأن التزامها المسؤوليات العسكرية، مثلاً، وأنه آن أوان استبدالها، في تجلٍّ لنبوءة الحاخام إبراهيم إسحق كوك، الذي تحدَّث، منذ عقود، عن أن شرارة العلمانية الصهيونية لن تستمر طويلاً، أو بمعنى أصح، فإن القومية الصهيونية لن يكون في مقدورها الصمود أمام اختبار الزمن إذا لم يَقُدْها يهود دينيون.

حروب "إسرائيل" والبُعد الديني

الحرب في شرائع "المشنا"، المكملة للتوراة، "حرب مفروضة شرعاً، وحرب مأمور بها نصاً في التوراة، وحرب توسعية". لذلك، فهم يرون أن حرب الاستيطان في أرض كنعان استغرقت أربعمئة عام منذ يوشع بن نون عام 1450 ق.م حتى نبي الله داوود عام 1050 ق.م، وهي حرب مأمور بها نصاً في التوراة. وبناءً عليها، ساقت المؤسسة الدينية اليهودية الراهنة كل حروب "إسرائيل"، ربما مع جدل على حرب اجتياح لبنان 1982م، بحيث اعتبرها بعضهم حرباً للتوسع لضمان أمن "الكيان المقدس"[xiii].

بدأت علاقة "رجال الدين" بجيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ اللحظة الأولى لتأسيس "دولة" الاحتلال عام 1948، حين أُنشِئت وحدة تُسمى "الحاخامية العسكرية" تهدف إلى رعاية الجنود المتدينين، ومراقبة المحافظة على التعاليم الدينية والتذكير بالتعاليم والأعياد اليهودية، الأمر الذي تسبَّب بصدام مبكّر بين المتدينين والعلمانيين داخل جيش الاحتلال، بحيث اعتبرها العلمانيون وسيلة من المتدينين لكسب التأثير الأيديولوجي في الجنود. لكن حرب أكتوبر 1973م، وبوضوح أكثر حرب لبنان عام 1982م، شكّلتا نقطتين فارقتين دفعتا نحو إعادة تنظيم التكوين الاجتماعي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، على نحو سمح بتوسُّع نفوذ المتدينين. وشهدت هذه الفترة انخفاضاً تدريجياً في دوافع الالتحاق بجيش الاحتلال، وخصوصاً بين الجماعات العلمانية من الطبقة الوسطى، التي شكَّلت العمود الفقري التاريخي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وهي أزمة شهيرة في التاريخ العسكري الإسرائيلي عُرفت باسم "أزمة الدافعية". ولعل الصدمة التي شعر بها المجتمع الصهيوني مؤخراً، بكون 78% من قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي ينحدرون من الطبقة الفقيرة في الكيان، إنما تعكس تراجع الطبقات المسماة "علمانية" مجازاً، عن العمل في الجيش، والاكتفاء بأعمال التكنولوجيا وما شابهها، وهو ما ظهر في دراسة كُشِفت حديثاً [xiv].

وسبق للكيان العبري أن شنّ حروباً كثيرة ضد العرب، حتى قبل الحرب الكبرى عام 1948م، والتي قامت عقبها "دولة إسرائيل"، واعترف بها الغرب. فمنذ الهجرات الصهيونية المتتالية من كل أصقاع الأرض في اتجاه فلسطين، وكل ذلك تم برعاية كاملة من بريطانيا، التي كانت تحتل فلسطين، عقب هزيمة الدولة العثمانية وتمزيقها في الحرب العالمية الأولى، في مستهل القرن الماضي، شكّلت الحركة الصهيونية عصابات صهيونية كـ"الأرغون" و"إيتسل" و"الهاغاناه"، التي نفذت عدداً من المجازر الدموية في يافا والقدس والخليل، وكانت الذروة في حرب 48م، ثم حرب 1967م واللَّتين سيطر فيهما الكيان العبري على كامل فلسطين التاريخية، وأجزاء من مصر وسوريا والأردن ولبنان.

واستمرت الحروب الإسرائيلية ضد العرب، فكانت حرب أكتوبر 1973م، والتي شنتها مصر وسوريا معاً، بهدف تجاوز كارثة حرب 67م، ثم شنت "إسرائيل" حرب اجتياح لبنان عام 1982م، بهدف القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وارتكبت خلالها، كما في كل حروبها، مجازر دموية بدعم أميركي بريطاني غربي واسع. 

رأينا أن حرب قيام "دولة إسرائيل" على أطلال أمتنا عام 48م، امتزجت بالبُعد الديني في إطار علماني في نسخة صهيونية غير مسبوقة في عالم الأيديولوجيات، وهو بُعد متصل بحاضنة يهودية ودعم غربي في ظل موات عربي، وخصوصاً في بعده الإسلامي الأيديولوجي، فلقد كانت الأنظمة العربية الناشئة على مسافة بعيدة عن القيم والمبادئ الإسلامية، وخصوصاً في سياقها السياسي المتصل بالدين الإسلامي، وهي أقرب، كتركة استعمارية ثقافية، إلى بريطانيا وفرنسا. 

وفي حرب عام 1967م، التي اعتبر المؤرخ الصهيوني إسحق دويتشر أنها أقامت "دولة على أسنّة الرماح"، ازداد منسوب التديّن في الكيان العبري، في لقاء ما يُسمى 'أرض إسرائيل التوراتية' مع كيان "الدولة" التي كان يحكمها حزبٌ عمالي اشتراكي النزعات، يؤمن بالتأميم والقطاع العامّ. ففي إثْر الحرب، تكثفت التبريرات التوراتيّة لضمّ القدس الشرقية والضفة الغربية، التي سُمّيت "يهودا والسامرة"، في مقابل التبريرات الأمنية للانسحاب أو الضمّ، وهو ما اعتبره أحد الباحثين "تورطاً للدين اليهودي في السياسة"، رافضاً اعتبار هزيمتنا في تلك الحرب تفوّقاً لأيديولوجيا على أخرى، وهي نظرة ضبابية إلى طبيعة الدين في حروب "إسرائيل"، كأن الدين دخل "إسرائيل" عام 1967م، أو جاء الأمر مجرد تورّط للدين، بحسب تعبير الباحث، والدين مكون أساسي في الأسطورة الصهيونية منذ نشأتها، وإن في سياق الاستخدام المصلحي ابتداءً، على نحو تجاوز العقل الصهيوني المؤسس، إلى ما هو العقل الحاخامي وخبث الأحبار، تاريخياً وتراثياً، منذ ما قبل الميلاد.

وأطلق الكيان العبري على حرب أكتوبر 73م، "حرب الغفران"، وهو مسمى ديني صرف، فالغفران أقدس يوم في أعياد اليهود، لهذا اختاره العرب لشن هجومهم، والكيان العبري منشغل بهذا العيد، وهو ما تحقق فعلاً، عندما تقدم الجيشان السوري والمصري وحققا انتصارات مفصلية، لولا التدخل الأميركي العسكري، ثم السياسي الواسع، وغير المسبوق، والذي أفضى إلى توقف زحف الجيش المصري، وبقاء الجيش السوري يحارب وحيداً في الميدان. 

أعقبت تلك الحرب الصعبة تغييرات عميقة في النفسية الثقافية لمستوطني "إسرائيل"، فغولدا مائير، الشخصية السلطوية، لم تعد تشبه الصورة التي رُسِمَت لها، والمستمَدة من التراث اليهودي: "إيديشا ماما - الأم اليهودية"[xv]. وبناءً عليه، دخل الدين في هذه الحرب وإن لم تكن حرباً إسرائيلية لأول مرة بالمعنى المطلق، لكنه دخلها بالفهم العربي، ولو بنصيحة جنرال روسي، فاسيليو فيتش، للمكون الإسرائيلي النفسي، وكان فهماً دقيقاً عندما كان الكيان العبري منهمكاً في كليته عبر طقوس دينية شعائرية، على نحو جعله يحارب في الأرض التي سبق أن اكتسبها في حروبه السابقة[xvi].

وفي كل الحروب اللاحقة على لبنان وغزة، ظل السياق الديني ملمحاً ثابتاً في الحروب الإسرائيلية. ففي الحرب على غزة عام 2014م، كتب أوفير وينتر، قائد لواء جفعاتي في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى جنوده يخبرهم بأن "التاريخ اختارنا لقيادة القتال ضد العدو الغزاوي الإرهابي الذي يشتم ويكفر ويلعن إله القوات الإسرائيلية". وذكر وينتر، في أعقاب ذلك، "صلاة شيما"، وهي صلاة يهودية يُقسِم فيها المصلي يمين الولاء للإله الواحد، "إله إسرائيل". ويرى وينتر أن الحرب هي أولاً - وقبل كل شيء - قضية دينية، بل إنه ارتدى خلال الحرب على غزة، ثوباً لاهوتياً، مُتحدِّثا عن "معجزة" حدثت لجيشه عند القتال قُرب خزاعة، بحيث ادَّعى أن "سُحب النصر" لاحت حين أخفت غمامة كثيفة عناصر قواته الجرحى عن العدو، وأن هذه إحدى حالات "التدخُّل الإلهي" لمنح جنوده النصر في المعركة. 

عند النظر في تطور تركيبة جيش الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي تتولى حروب "إسرائيل" المتلاحقة، نجد أنها تركيبة ممتزجة بالتدين التراثي والبعيد عن العلمنة، وفق المفهوم الأوروبي، فلقد جاء في كتاب "الجيش الإلهي" لـيجيل ليفي أن 50% من الملتحقين بدورات الضباط هم من التيار الديني القومي، وأن أتباعه في الوحدات الخاصة وألوية الصفوة في الجيش يتراوحون بين 40% و70%، ويشكل المتدينون القوميون في الجيش الصهيوني 70% من وحدة "ماجلان"، أهم الوحدات الخاصة، وأكثر من 50% من الضباط في لواء الصفوة، "جفعاتي"، و45% من الضباط والجنود في الوحدة الخاصة في سلاح الجو "شيلداغ"، و43% من الضباط في لواء المشاة "جولاني"، و40% من المظليين. 

وشهدت كليات الإعداد العسكرية هي الأخرى ارتفاعاً إلى نسبة 250% في عدد المنتسبين من أتباع التيار الديني الصهيوني، بحيث إنه بعد أن كان مجمل عدد هؤلاء عام 1996م، أي بعد عام من مقتل رابين 450 مجنداً فقط، ارتفع عددهم في العقدين الماضيين وتضاعف بنحو 250% ليصل اليوم إلى 1550، وبات هؤلاء يشكلون 40% من الذين يتجندون في سلاح الطيران، مع العلم بأنه حتى مطلع الثمانينيات من القرن الماضي لم يكن هناك أي تمثيل لهم في هذا السلاح، بصورة محددة، والذي كان حكراً على العلمانيين، وتحديداً أبناء "الكيبوتسات"، وبات أعضاء التركيبة القيادية في وحدة "شيلداغ"، وهي الوحدة المختارة لسلاح الجو الإسرائيلي؛ تضم ثلثي قادة الأطقم في هذه الوحدة، الأكثر سرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، هم من المتدينين.

ويوضح نائب رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق، دان هارئيل، أن أتباع التيار الديني الصهيوني يقودون معظم الكتائب والسرايا في ألوية المشاة المختارة، وهي: المظليون و"هناحل" و"جفعاتي" و"جولاني"، إلى جانب احتكارهم قيادة وحدات الصفوة بصورة مطلقة، وهي "سييرت متكال"، التي تُعَدّ أهم الوحدات نخبوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، و"إيغوز" و"شمشون" و"دوخيفات"، فضلًا عن سيطرتهم على الوحدة المختارة للشرطة والمعروفة بـ"يسام"، وهو ما جعل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، الجنرال شلومو غازيت، يقول إن الصور التي بثتها قنوات التلفزة الإسرائيلية لكبار الضباط المتدينين، "معتمرين قبعاتهم الدينية المزركشة"، دليلٌ على وقوع الجيش الإسرائيلي في قبضة التيار الديني الصهيوني[xvii].

ونظراً إلى الطبيعة العسكرية للكيان الإسرائيلي، يتسلَّل الجنرالات السابقون إلى الأحزاب ويُحْكِمون سيطرتهم على مقاليد السياسة، على نحو يعني أن طريق "جنود الرب" أصبح اليوم مُمهَّداً لتشكيل وجه دولتهم كما أرادوها تماماً، ليس فقط كونها وطناً قومياً لليهود، لكن كونها إرثاً إلهياً ضمنه الرب لشعبه المختار.

وهكذا تستمر "إسرائيل"، في حقبها المتلاحقة حتى عقدها الأخير، وليداً طبيعياً للحضارة الغربية المعاصرة، في كل تجلياتها وتحدياتها ووحشيتها. وما حروب "إسرائيل" إلاّ حروب الغرب، ضمن حالة تحالف تاريخي داخلي، لا يظهر فيها السيد والمسود، ولا الأصل ولا الأداة. فالحركة الصهيونية، ككيان مؤسِّس لـ"إسرائيل"، إنما هي افراز غربي كامل. وبناءً عليه، لا يمكن الفصل بين المبعث الديني اليهودي والسياق العلماني الأوروبي في كل تموجاته، وكله تعبير عن مشروع العقل المادي الرأسمالي المعاصر. وما حرب "إسرائيل" علينا، كعرب، إلا نتيجة تحولنا من أداة فعل وصعود سابقة إلى مائدة لقطف الثمار.

[i] المسيري، عبد الوهاب، الموسوعة الشاملة لليهودية ج4 ص31، إعداد أسامة بن الزهراء.

[ii] جبارين، يوسف، قانون الدولة الفوقية، فصلية قضايا إسرائيلية ص44، 2018.

 [iii] https://almajd.ps/news8710/

 [iv] الطبري، أبو جعفر، تاريخ، ج3 ص14. دار التراث، بيروت، ط2.

 [v] ابن حزم، أبو محمد، الفصل في الملل، ج1 ص148، 156. مكتبة الخانجي، القاهرة.

 [vi] جريدة الاستقلال، المغرب، الدين والدولة في إسرائيل. قسم البحوث.

 [vii] بلال الضاهر، مدار، مؤرخ سيرة بن غوريون. 18 أيلول/سبتمبر2014م

 [viii] https://www.almayadeen.net/articles/blog/688036/%D9%88%D8%AC%D9%87-

%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%BA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86

 [ix] https://www.almayadeen.net/articles/blog/688036/%D9%88%D8%AC%D9%87-

%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%BA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86

 [x]  المسيري، عبد الوهاب، الموسوعة اليهودية، ج1 ص380، ج3 ص42 ص162.

 [xi]ج3 ص263. المسيري، عبد الوهاب، الموسوعة اليهودية

 [xii] المسيري، عبد الوهاب، الموسوعة اليهودية. ج16 ص72.

 [xiii] الظاظا، حسن، الحرب في شريعة اليهود، مجلة الفيصل ع235 ص35-39. عام 1996م 

 [xiv] https://alray.ps/ar/post/247474/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D9%82%D8%A7%D9%85%D8%B1-%D8%A8%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1

 [xv] كيربيتشينوك، آرتيوم، حرب يوم الغفران، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2021م.

 [xvi] https://www.bbc.com/arabic/middleeast-58778739 

 [xvii] https://felesteen.news/post/70158/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%88%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9