الصناعات الحربية المصرية.. طور جديد

التوجُّهات المستقبلية يمكن استشرافها من خلال معرض "إيديكس" للصناعات الدفاعية، والذي استضافته القاهرة أواخر العام الماضي.

  • في معرض
    في معرض "إيديكس"، ظهرت أول طائرة مصرية استطلاعية من دون طيار وهي الطائرة "نوت"، التي تُعَدّ ضمن فئة طائرات الاستطلاع المتعدّدة المهمّات.

ظلت الأغلبية الساحقة من الدول العربية، حتى سنوات قليلة مضت، تعتمد بنحو شبه كليّ على استيراد الأسلحة والمعدات الدفاعية والهجومية من الخارج، وخصوصاً فيما يتعلق بالتقنيات التي تحتاج إلى قاعدة معقَّدة، تكنولوجياً وتصنيعياً، واكتفت بالتصنيع المحلي للذخائر والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب بعض أنواع العربات المدرَّعة والسفن الخفيفة. لكن، تزايدت مؤشرات تغيُّر هذا الوضع خلال الأعوام الأخيرة، بحيث بدأت دول، مثل الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، محاولة التوسُّع بصورة أكبر في التصنيع العسكري المحلي.

شملت هذه المحاولات، في البداية، عقدَ اتفاقات التصنيع المشترك مع بعض الشركات الأجنبية، وتطوّرت لتصبح على شكل اتفاقيات لنقل تكنولوجيا التصنيع بصورة جزئية أو كلية مع هذه الشركات. كانت مصر في هذا الصدد من النماذج الجديرة بالذكر، بحيث بدأت، منذ عام 2014، تنفيذ خطة سريعة ومكثّفة لتحديث ترسانتها العسكرية، وخصوصاً فيما يتعلّق ببعض أقسام قواتها المسلحة، التي لم يطرأ عليها تحديث نوعي منذ سنوات، مثل القوات البحرية. ترافقت هذه الخطة مع توجهات متعددة في مستوى التصنيع العسكري، بدا منها أن تغيرات جذرية طرأت على الذهنية العسكرية المصرية في هذا الصدد.

هذه التوجُّهات المستقبلية يمكن استشرافها من خلال معرض "إيديكس" للصناعات الدفاعية، والذي استضافته القاهرة أواخر العام الماضي، بحيث كان ملحوظاً، على نحو كبير، تصاعد أعداد المنتوجات العسكرية المصرية الجديدة، والتي تمّ عرضها خلال هذا المعرض، على نحو أكد انتقال مصر إلى مرحلة الشراكات التصنيعية والإنتاج المحلي الكمّي شبه الكامل لطائفة واسعة من المنظومات العسكرية. كانت الشراكات العسكرية من ملامح التوجهات المصرية في أغلبية الصفقات العسكرية التي عقدتها خلال السنوات الأخيرة - وخصوصاً في الجانب البحري - والتي كانت مشروطة دوماً بنقل تكنولوجيا التصنيع إلى القاهرة، وتصنيع بعض المنظومات المتعاقد عليها مع الخارج في الأراضي المصرية.

على مستوى التصنيع المحلي، اتَّضح، من خلال المعروضات الجديدة التي تضمّنها هذا المعرض، دخولُ مصر مرحلةَ التصنيع المحلي الكامل لمنظومات قتالية نوعية، على رأسها الطائرات من دون طيّار، والقطع البحرية المتوسطة والكبيرة، إلى جانب التوسُّع في إنتاج العربات المدرّعة، في مختلف أنواعها ومُهمّاتها، ودخول مجال تصنيع الرادارات ووسائط الإعاقة الإلكترونية، والتوجّه نحو تطوير الوسائط الأرضية المسيّرة.

ملامح هذه التوجهات بدا منها أيضاً مدى استفادة الجيش المصري من الدروس الميدانية، التي نتجت من عمليات مجابهة العناصر التكفيرية في شمالي سيناء، ومن الخبرة المتولّدة من مواجهة أنشطة مكافحة التهريب وعمليات تسلُّل العناصر الإجرامية والإرهابية، سواء في الاتجاه الجنوبي أو الاتجاه الغربي للبلاد. هذه الدروس الميدانية - التي تُعَدّ في العلوم العسكرية بمنزلة المحكّ الرئيسي لاختبار الأسلحة وتكتيكات استخدامها - باتت تُعَدّ من أهمّ محرّكات عمليات تحديث مختلف المنظومات العسكرية وتطويرها وصناعتها، وهو ما كان غائباً عن الذهنية العسكرية العربية، التي لم تضع في اعتبارها دراسةَ تجاربها الميدانية وأداء مختلف أنواع الأسلحة، خلال هذه التجارب.

الأنظمة المسيّرة.. توجهات عربية ملحوظة

  • الطائرة
    الطائرة "نوت"

من أبرز الأمثلة على هذا التطور، التوسُّع الواضح في الإنتاج المحلي المصري للطائرات من دون طيّار. كان استخدام الجيش المصري، بصورة عامة، للطائرات من دون طيّار، محدوداً على مدى العقود الماضية، إلى أن جاءت عمليات الجيش المصري لمكافحة الإرهاب في سيناء، والتي تكثَّفت بصورة أكبر منذ عام 2015، بحيث أظهرت التجارب الميدانية أهمية استخدام التقنيات المسيّرة ميدانياً، سواء في أداء مهمّات الاستطلاع والتنصّت ورصد الإشارات اللاسلكية، أو تنفيذ المهمّات الهجومية الدقيقة والمركّزة.

لذا، كانت التجربة الميدانية في سيناء مسرحاً مهماً لتبيان أهمية هذه التقنية، وتوسيع نطاق الخبرة الميدانية للمؤسسة العسكرية المصرية في هذا المجال، وخصوصاً مع استخدام مصر عدةَ أنواع من الطائرات من دون طيّار، والمصنّعة محلياً بترخيص في عمليات شمالي سيناء، ومنها الطائرة الصينية "ASN-209". كذلك، كانت الضرورات الميدانية سبباً في تعاقد مصر عام 2016، على الطائرات الصينية الهجومية من دون طيار "وينغ لونغ-1"، ثم التعاقد على شراء النسخة الأحدث منها، وهي "وينغ لونغ-1 دي" عام 2018.

دخول هذه الفئة من الطائرات الهجومية من دون طيار في الخدمة في الجيش المصري، مثّل نقلة كبيرة في العمليات الجوية المصرية شمالي سيناء، لأنها من جهة وفّرت تكاليف استخدام المقاتلات في عمليات قصف الأهداف الإرهابية في سيناء، ومن ناحية أخرى وفّرت قدرات استطلاعية وهجومية جديدة لسلاح الجو المصري. هذه التجربة كانت سبباً في إطلاق برنامج مصري طموح لتصنيع الطائرات من دون طيار، في مختلف أنواعها وفئاتها.

في البداية، اقتصر هذا البرنامج على إنتاج ثلاثة أنواع من الطائرات من دون طيار، منها نوع يصنَّع بترخيص من الصين، وهو الطائرة الاستطلاعية "ASN-209"، بالإضافة إلى نوعين من أنواع الطائرات الهدفية، والتي تصنَّع محلياً، وتُستخدم في تدريب كتائب الدفاع الجوي على الرصد والاشتباك.

لكن، في معرض "إيديكس"، ظهرت أول طائرة مصرية استطلاعية من دون طيار - مصنَّعة بصورة كاملة عبر مكوّنات وأيادٍ مصرية - وهي الطائرة "نوت"، التي تُعَدّ ضمن فئة طائرات الاستطلاع المتعدّدة المهمّات. 

تبلغ السرعة القصوى لهذه الطائرة القصوى نحو 180 كيلومتراً في الساعة، ومدى ارتفاعها يبلغ خمسة كيلومترات، ويمكن أن تحلّق بصورة متواصلة لمدة عشر ساعات. من النقاط اللافتة في هذه الطائرة، أنها تُعَدُّ عملياً منصةً يمكن من خلالها تأسيس سلسلة كبيرة من أنواع الطائرات من دون طيار المتعدِّدة المهمّات، بما في ذلك الطائرات الهجومية، وهو ما يجعلها بمنزلة نقطة تحول رئيسية في برنامج صناعة الطائرات من دون طيار في مصر.

المُنتَج المصري الثاني في هذا الإطار هو الطائرة الهدفية "EAB0 - 3A"، المعروفة أيضاً باسم "الطائر المصري الرشيق"، وهي من أنواع الطائرات الهدفية العالية الأداء، بحيث تتفوّق على الأنواع المصرية الأخرى من الطائرات الهدفية، نظراً إلى أن سرعتها القصوى تبلغ 400 كيلومتر في الساعة، يوفّرها محرك نفاث، وتستطيع التحليق بصورة مستمرة مدةَ 50 دقيقة، على ارتفاعات تصل إلى 6 كيلومترات، ومدى يصل إلى 80 كيلومتراً.

اللاّفت في هذا النوع من الطائرات أنه يعمل ضمن أسراب مكوّنة من خمس طائرات، يتمّ إطلاقها عبر قاذف أرضي، والتحكم فيها عبر محطة تحكُّم مثبَّتة على مقطورة متحركة، بحيث تشكّل هذه الطائرات تحدياً أكبر لوحدات الدفاع الجوي في أثناء التدريبات، وخصوصاً أنها تحمل ما يوازي 1 كيلوغرام من الحمولة. النقطة الأهم فيما يتعلق بهذه الطائرة هو تصميمها المميَّز، والذي يُغاير تماماً كلَّ تصاميم الطائرات الهدفية المصرية الصنع الأخرى، ويمكن أن يمثّل نقطة بداية نحو تطوير "ذخائر جوالة" مصرية الصنع، أو ما يعرف بـ "الطائرات الانتحارية من دون طيار"، وهي التقنية الأهم حالياً في مجال الطائرات من دون طيار.

المنتَج الثالث والأهم في هذا الإطار هو الطائرة الهجومية من دون طيار، "30 يونيو"، وهي أول طائرة مصرية من دون طيار تستطيع حمل ذخائر موجَّهة. تصميم هذه الطائرة مشتق من نوع مشابه من أنواع الطائرات من دون طيار، مصنَّع في روسيا البيضاء، وسبق لكل من الإمارات العربية المتحدة والجزائر اشتقاق هذا التصميم أيضاً. 

النسخة المصرية اشتملت على تعديلات جذرية، شملت أجزاء متعدّدة، بينها المحرك. وتُعَدّ هذه الطائرة ضمن فئة الطائرات من دون طيار المتوسطة الارتفاع والطويلة المدى، والتي تستطيع تنفيذ المهمّات القتالية والاستطلاعية على ارتفاعات تصل إلى 7 كيلومترات، وسرعات تصل إلى 260 كيلومتراً في الساعة، وتستطيع التحليق بصورة متواصلة مدةَ 70 ساعة، مع حمولة قتالية أو استطلاعية تتراوح زنتها بين 250 و500 كيلوغرام. وتيسّر هذه المواصفات لهذا النوع تنفيذَ طائفة واسعة من المهمّات، وخصوصاً المهمّات الهجومية. 

الروبوتات العسكرية والتجربة الميدانية

  • الروبوت
    الروبوت "أكس-300"

نعود، مرة أخرى، إلى التجربة الميدانية للجيش المصري شمالي سيناء، فلقد انبثقت من التعامل بصورة مستمرة مع مخاطر العبوات الناسفة المتعددة الأنواع، خبرةٌ كبيرة في مواجهة هذا التهديد، الذي يُعَدّ أساسياً في المواجهات مع العناصر الإرهابية بصورة عامة. وأدّت هذه الخبرة إلى تطور لافت في مجالين أساسيين من مجالات التصنيع العسكري. الأول هو مجال تصنيع العربات المقاومة للألغام، "MRAP". والثاني هو مجال مكافحة الألغام والعبوات الناسفة، عبر أنظمة متحكَّم فيها عن بعد. 

خلال عمليات شمالي سيناء، استخدم الجيش المصري عدداً من كاسحات الألغام الغربية الصنع، والمتحكَّم فيها عن بُعد، من أجل الكشف عن الألغام وتدميرها، إلى جانب استخدامه للمنظومة الصاروخية المحلية الصنع، والمصمَّمة من أجل فتح حقول الألغام "فاتح - 3"، وإجراء بعض التجارب الخاصة بتطوير مركَبة ذاتية القيادة لمكافحة الألغام، عن طريق تعديل الدبابات الأمريكية "أم - 60"، وتزويدها بمعدات محلية الصنع لكسح الألغام، مع إزالة البرج الخاص بها، واعتماد منظومات كهروبصرية للتوجيه والمراقبة بدلاً منه.

أفضت هذه التجارب وغيرها إلى إحدى مفاجآت معرض "إيديكس"، وهي عرض نوعين من أنواع الروبوتات المخصَّصة للتعامل مع الألغام الأرضية والعبوات الناسفة، هما "أكس-300" و"أم-300"، وهما نتاج تعاون مشترك بين إدارة البحوث الفنية والتطوير في وزارة الدفاع المصرية، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ووزارة الإنتاج الحربي. 

يبلغ وزن الروبوت "أم-300" نحو 2800 كيلوغرام، وتصل سرعته إلى 18 كيلومتراً، ويستطيع العمل بصورة مستمرة لنحو 4 ساعات، وتم تزويده بست كاميرات للرؤية النهارية والليلية، إلى جانب ذراع يبلغ طولها 275 سنتيمتراً للتعامل مع العبوات الناسفة.

أما الروبوت "أكس-300"، فهو يُعَدّ خطوة متقدمة في مجال مكافحة العبوات الناسفة، بحيث تم تزويده بثماني كاميرات للرؤية النهارية والليلية في مختلف الاتجاهات، وذراع قاطعة للأسلاك الخاصة بالشِّراك الخداعية، يمكن استخدامها أيضاً في إبعاد العبوات فوق الأرضية أو فحصها، وفي الحفر لاستخراج العبوات المدفونة تحت الأرض، بزاوية حركة مقدارها 180 درجة، إلى جانب تزويده بجرافة سفلية لأعمال الحفر والتجهيز الهندسي. ويتم تشغيل هذا الروبوت عبر محرّك يعمل بالسولار، تصل قدرته إلى 75 حصاناً، ويتم التحكّم فيه عن طريق وحدة لاسلكية تستطيع تشغيله من مسافة 500 كيلومتر، مع إمكان توسيع هذه المسافة بصورة أكبر عن طريق التحكّم السلكي.

التوسع في مجال وسائط الحرب الإلكترونية والرصد

  •  نظام
     نظام "نمط - أ"

الأهمية المتزايدة للطائرات من دون طيار، ألقت ظلالها على التوجهات المصرية في مجال وسائط الحرب الإلكترونية، بحيث تمّ خلال معرض "إيديكس" تقديم جهاز الإعاقة المضادّ للطائرات من دون طيار، "G0A-G0B"، وهو عبارة عن محطة محمولة لقَطع إشارات الملاحة بالقمر الصناعي عن الطائرات المعادية من دون طيار - وخصوصاً الأنواع الصغيرة والمتناهية الصِّغَر – الأمر الذي يؤدي إلى فقدانها التوجيه وخروجها عن السيطرة. 

وتتميّز هذه المحطة بقدرة على بثّ التردّدات على نحو ثابت، يضمن جودة البث وعدم انقطاعه. وتتراوح قدرة البث الخاصة بها بين 10 و30 وات، إلى مدى يصل إلى 4 كيلومترات، في جميع النطاقات الخاصة بمنظومات تحديد المواقع العالمية، سواء الأميركية "جي بي أس"، أو الروسية "غلوناس". 

من المنتوجات الجديدة أيضاً في هذا الصدد جهاز الإعاقة الإلكترونية المضاد للطائرات من دون طيار، "DJ-400"، وهو عبارة عن منصة عمودية يمكن تثبيتها في المواقع التي توجد فيها شخصيات مهمة، أو على متن العربات المتحركة، بهدف التشويش، في نطاق تبلغ زاويته 360 درجة، على أيّ طائرات من دون طيار تقترب من نطاق يبلغ نصف قطره 4 كيلومترات، مع قدرة عالية على العمل بصورة متواصلة فتراتٍ طويلةً، وفي ظل ظروف جوية صعبة.

الاهتمام بمكافحة الطائرات من دون طيار لم يقتصر فقط على الإعاقة الإلكترونية، بل شمل أيضاً الرصد، بحيث عرضت مصر الرادار "P-01 برداويني"، وهو رادار مصمَّم للعمل ضمن تردد "أكس"، من أجل رصد الطائرات من دون طيار الصغيرة والمتناهية الصِّغَر، بحيث يمتلك القدرة على كشف طائرة من دون طيار متناهية الصغر، يصل مقطعها الراداري إلى 0.01 متر، من مدى يصل إلى 3 كيلومترات، إلى جانب إمكان رصد الأهداف البرية في نطاقات تتراوح بين 7 و25 كيلومتراً. ويمتلك هذا الرادار أيضاً القدرة على مقاومة وسائط التشويش والإعاقة، عبر تغيير التردُّدات التي يستخدمها في حيز يبلغ 150 ميغاهرتز. 

من أهم الأنظمة التي أنتجتها مصر فيما يتعلق بالحرب الإلكترونية، نظامُ "نمط - أ" للحماية من تأثير أسلحة النبضة الكهرومغناطيسية، والذي تدخل عبره الصناعات العسكرية المصرية مجالاً جديداً، وخصوصاً أن هذا النوع من الأسلحة يُعَدُّ من التقنيات المستحدثة خلال الأعوام القليلة الماضية، وهي تقنية تعتمد على توليد صدمات تقوم بشلّ فعّالية كلّ الاجهزة الكهربائية والإلكترونية في نطاق تأثيرها، وخصوصاً منظومات القيادة والسيطرة ومحطات إدارة الدفاع الجوي والرادارات. وبالتالي، تتيح المنظومة المصرية الجديدة توفير الحماية الكاملة لمنظومات القيادة والسيطرة من تأثيرات هذه التقنية.

الانتقال إلى تصنيع القطع البحرية الكبيرة

  •  الكورفيت الشبحي المتعدّد المهمّات
     الكورفيت الشبحي المتعدّد المهمّات "CC-60"

ظهر خلال هذا المعرض أيضاً، مدى الاستفادة التي تحصّلت عليها مصر من برامج نقل تكنولوجيا التصنيع، والتي نصَّ عليها بعضُ صفقاتها العسكرية الأخيرة، مثل فرقاطات "جاويند" الفرنسية، بحيث قدمت مصر ثلاثة مشاريع محلية جديدة لإنتاج القطع البحرية، أولها هو الكورفيت الشبحي المتعدد المهمّات "CC-60"، والذي يبلغ طوله 60 متراً، وتصل سرعته القصوى إلى 32 عقدة بحرية، ومداه الكلي إلى 2400 ميل بحري. وتمّ تزويد هذا الكورفيت برادار فرنسي الصنع، من نوع "Smart-S MK2"، يصل مداه إلى 250 كيلومتراً، كما تم تسليح هذا الكورفيت بـ 8 خلايا إطلاق عمودية لصواريخ الدفاع الجوي، وبمدفعين في منتصف البدن من عيار 30 ملم.

المشروع الثاني هو زورق صاروخي سريع يُسَمى "PV-43". تم اشتقاق تصميمه من الزورق الكرواتي الصنع "OOB-31"، ويصل طوله إلى 43 متراً، وسرعته القصوى 30 عقدة بحرية، ومداه كلي يصل إلى 1500 ميل بحري. يتسلح هذا الزورق بمدفع أمامي من عيار 30 ملم، كما تم تزويد هذا الزورق بمنصة إطلاق خلفية رباعية لصواريخ "أوتومات" المضادة للقطع البحرية. المشروع الثالث هو زورق الدورية "NAVY-1"، والذي يصل طوله إلى نحو 12 متراً، ويستطيع نقل عشرة أفراد، وتصل سرعته القصوى إلى 45 عقدة. واللافت هو تسليحه بمحطة قتالية آلية يتمّ التحكّم فيها عن بُعد، ومزوّدة بآلية تهديف كهروبصرية، وهو توجه سيتم تعميمه في معظم الزوارق الحربية المصرية.

بالنظر إلى ما سبق، يمكن القول إن المرحلة المقبلة من التصنيع العسكري المصري - والعربي بصورة عامة - باتت تميل على نحو واضح نحو الأنظمة المسيّرة والمتحكَّم فيها عن بُعد، بحيث يشمل ذلك الأنظمة البرية والبحرية منها، إلى جانب التوسُّع بصورة أكبر في تطوير الطائرات من دون طيار، لتشمل الطائرات الهجومية والذخائر الجوالة. 

على المستوى البحري، بات التوجه واضحاً نحو تطوير قطع بحرية كبيرة ومعقَّدة التسليح، في حين تستهدف مصر في المرحلة المقبلة دخول معتركين أساسيين: الأول هو منظومات الدفاع الجوي، والتي كان لمصر سابقاً تجربة جيدة فيها. والثاني هو الذخائر الذكية الموجَّهة، وخصوصاً الأنواع الجوية منها، علماً بأن عدة دول عربية، وبينها الإمارات العربية المتحدة، قطعت شوطاً معتبَراً فيما يتعلق بهذه التقنية. 

وستبقى حتى حين معضلةُ توفير الموارد البشرية والمادية لتأمين قاعدة صناعية دائمة تخدم التوجهات العربية نحو مزيد من الاعتماد على النفْس في مجال التصنيع العسكري، وخصوصاً أن التقدم في هذا الإطار سيجعل بعض الدول العربية منافساً للقوى الغربية في الصفقات التسليحية الموجَّهة نحو دول أفريقيا وآسيا.