اغتيال الوعي في الصراع العربي الفلسطيني -الصهيوني

يتناول الكتاب (170) مصطلحاً بالشمولية والاتساع موزعة على ثمانية الفصول.

  • اغتيال الوعي الاصطلاح والمعنى في الصراع العربي الفلسطيني -الصهيوني
    اغتيال الوعي الاصطلاح والمعنى في الصراع العربي الفلسطيني -الصهيوني

صدر عن دار "طباق" للنشر والتوزيع في رام الله، كتاب "اغتيال الوعي الاصطلاح والمعنى في الصراع العربي الفلسطيني -الصهيوني" للدكتور سعيد عياد، في ذكرى رحيله الأولى، بالتعاون مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

الراحل عياد (1960-2021) ولد في عمان لأسرة مهجرة من قرية "رأس أبو عمار" غرب مدينة القدس، حصل على شهادة الدكتوراه في علم النفس الإعلامي. عمل عياد في وسائل إعلامية عديدة منها صحف "الفجر" و"الشعب" و"القدس" وتلفزيون فلسطين وتلفزيون بيت لحم و"ANN"، كما عمل مع وكالة "رويترز" العالمية. كما درّس في جامعات فلسطينية عدّة كالقدس وبيت لحم والخليل وغيرها. صدرت له مؤلفات عديدة، من بينها: "المهمشون"، و"صراع العقل السياسي الفلسطيني".

قدّم للكتاب الشاعر والكاتب الدكتور المتوكل طه. وقد جاء الكتاب في 340 صفحة من القطع المتوسطة موزعة في ثمانية فصول هي: في اصطلاحات القدس، في اصطلاحات الاستيطان، في اصطلاحات الجدار، في اصطلاحات الحدود والجغرافيا، في اصطلاحات القومية، في اصطلاحات الدولة والسيادة، في اصطلاحات الصراع، في اصطلاحات النضال.

يعتمد الباحث المنهج التفكيكي والذي جاء تعريفه في الموسوعة البريطانية كما يلي:

التفكيك هو شكل من أشكال التحليل الفلسفي والأدبي، مستمد بشكل رئيسي من العمل الذي بدأ في الستينيات من جانب الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، والذي يشكك في التباينات المفاهيمية الأساسية، أو "التعارضات"، في الفلسفة الغربية من خلال فحص دقيق للغة ومنطق الفلسفة الغربية والنصوص الأدبية.

نقل الباحث تعريف التفكيك بأنه إظهار الكيفية التي تشرع بها التعارضات التراتبية التي يتكئ عليها الخطاب إذا تركز فلسفة التفكيك في بحثها على المختلف في الظاهر والمخفي، الدال والمدلول. هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، والشيء الأول يسمى دالاً والشيء الآخر يسمّى مدلولاً.

يقول الباحث إن الاصطلاح جزء من إنتاج رواية وطنية أو رواية نقيضة، وله صلة مباشرة ببناء وعي إيجابي تكون دلالته مطابقة للواقع أو لازمة عقلياً...وأن الخطاب الإسرائيلي ينتج اصطلاحات تفرض أمراً واقعاً جديداً وتناقضاً في دلالاتها مع ما يتطابق مع الواقع الفلسطيني.

يقول الباحث إن هدف الدراسة هو تحليل/تفكيك الاصطلاحات الخطابية في الخطابين السياسي والإعلامي الفلسطيني والإسرائيلي لغوياً ومعرفياً، ثم استنباط دلالاتها باعتماد طريقتي الاستدلال وهما: الاستقراء والاستنتاج، أو من خلال الوقوف على ضد الاصطلاح أو المعنى المتواري فيه، ثم مناقشتها في سياقيها اللغوي والدلالي. في ما يتعلق بحدود الدراسة فهي تقتصر على الاصطلاحات السياسية والإعلامية التي تم تجريدها فقط لأغراض الدراسة، ولا تتعرض للاصطلاحات الدينية ولا الأيديولوجية ولا الفكرية ولا التاريخية.

تناول البحث (170) مصطلحاً موزعة على الفصول كما يلي:

في الفصل الأول، "اصطلاحات القدس" تناول (12) مصطلحاً هي: "القدس والضفة الغربية" ويرفضه الباحث كونه يوحي كأن القدس شيء مختلف عن الضفة الغربية، وهو ما حاول الاحتلال ترسيخه عبر الإعلان أن القدس "عاصمة دولة الاحتلال". اقترح الباحث بديلاً منه مصطلح "لضفة الغربية بما فيها القدس". "القدس الشرقية/ القدس الغربية" يقترح بدلاً منها "القدس المحتلة". كما يقترح اسماً للقدس هو "القدس المعذبة" كاسم ليس بديلاً من اسم آخر، وربما يكون بديلاً من أسماء أخرى لم يوردها الباحث. 

في الفصل الثاني، تناول "اصطلاحات الاستيطان"، حيث تناول (6) مصطلحات هي: "مستوطنة"، "مستعمرة/ الاستعمار"، "مغتصبة" ويقترح بديلاً منها هو "محتلة"، "إزالة المستوطنات غير الشرعية" الذي يوحي وكأن هناك مستوطنات شرعية، "وقف الاستيطان"، "تجميد الاستيطان" مع بديل هو "إزالة الاستيطان".

عن مصطلح مستعمرة يقول الباحث إنه ينطوي على احتمال الشيء وضده؛ فهو يعني الاستغلال المحدود والمؤقت للموارد، في حين أنه يقوم في الحالة الفلسطينية على النهب الدائم للأرض والثروات الفلسطينية.

في الفصل الثالث، "اصطلاحات الجدار" تناول (6) مصطلحات منها "جدار الفصل العنصري" الذي يرى الباحث أنه لا يتوافق مع الحالة الفلسطينية؛ ذلك أن فلسطين ليست دولة ثنائية القومية أو اللون أو العرق ويفصل بين الفلسطينيين فيها على هذا الأساس، بل هي شعب يقع تحت احتلال. يقترح الباحث بديلاً من "جدار الفصل العنصري" مصطلح "الجدار العسكري". بقية المصطلحات هي: "الجدار العازل"، "الجدار الأمني"، "السياج الأمني"، "الجدار الذكي"، "جدار الضم والتوسع"، ومن مقترحاته مصطلح "التمييز العنصري" الذي يقترحه بديلاً من أي مصطلح آخر. كما يقترح الباحث مصطلح "الجدار العسكري" بديلاً من جدار الفصل العنصري.

في الفصل الرابع، "اصطلاحات الحدود والجغرافيا" تناول (9) مصطلحات هي: "الخط الأخضر"، "الضفة الغربية" ويقترح بديلاً منه "الوسط الشرقي من فلسطين»"، «"يهودا والسامرة"، "المناطق"، "الجيوب الفلسطينية"، "الإدارة المدنية"، "شطرا الوطن" ويقترح "معبر»  بديلاً من مصطلح "حاجز" ولم يقترح بدائل لبعضها الآخر.

في الفصل الخامس، "اصطلاحات القومية" تناول (23) مصطلحاً تتعلق بالعرب في كيان الاحتلال مثل: "عرب إسرائيل" الذي يقترح بديلاً منه "فلسطينيو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948"، "السكان العرب في إسرائيل" وغيرها. كما يتناول مصطلحات تتعلق بالمحتلين مثل: "الأمة اليهودية"، "الإسرائيلية"، "الأسرلة" وما شابه، ولم يقترح بدائل للبقية. 

في الفصل السادس، "اصطلاحات الدولة والسيادة" تناول (33) مصطلحاً منها حلول سياسية مثل: «"حل الدولتين"، "حل الدولة الواحدة"، "قيام الدولة الفلسطينية" واقترح بديلاً منه مصطلح "استعادة الدولة الفلسطينية". فمصطلح "قيام الدولة الفلسطينية" يعني أنها لم تكن موجودة من قبل؛ في حين وجدت مكوّنات الدولة عبر التاريخ وهي الإقليم والشعب والحكم، وقيام ممالك في مدن ساحلية يعني وجود كيانات فلسطينية سابقاً.

كما تناول مصطلحات تتعلق بتسميات الكيان الإسرائيلي مثل: "إسرائيل" واقترح بديلا منها مصطلح "الكيان الإسرائيلي". وتناول تسميات السلطة الفلسطينية مثل "السلطة الفلسطينية"، "السلطة خط دفاع". وتقسيم الفلسطينيين إلى "ضفة وغزة"، "مقدسيين"، "مواطني المناطق المحتلة عام 1948".

في الفصل السابع، "اصطلاحات الصراع" تناول (41) مصطلحاً تتناول الصراع ومسمياته مثل: "الصراع العربي الإسرائيلي" الذي يقترح بديلا منه مصطلح "الصراع العربي الفلسطيني-الصهيوني". كما تناول تسميات الحروب والاعتداءات التي قام بها المحتل ضد الشعب الفلسطيني مثل "الحرب على غزة"، "الحرب العدوانية" وغيرها واقترح بديلاً منها مصطلح "العدوان" و"الغزو" و"اجتياح". كما تمحور الفصل حول الحقوق والمطالب والتطلعات الفلسطينية مثل "الحقوق الفلسطينية في فلسطين" واقترح بديلاً منها مصطلح "الحقوق الفلسطينية في فلسطين". 

في الفصل الثامن، "اصطلاحات النضال" تناول (40) مصطلحاً منها ما تناول أشكال مقاومة الاحتلال مثل: "المطاردون" حيث اقترح بدلاً منه مصطلح "المختفون"، "الوقفة التضامنية" واقترح بدلاً منها "التظاهرة". ومنها ما تناول المصطلحات التي تطلق على التنظيمات الفلسطينية مثل: "فصائل المقاومة الفلسطينية"، "فتح"، "حماس". كما تناول مصطلحات تتناولها دعاية الاحتلال مثل: "التحريض الفلسطيني"، "المخربون الفلسطينيون". كما أورد مصطلحات من واقع الاعتقال مثل: "أسير" واقترح بدلاً منه "معتقل"، "سجين"، "أسير" وغيرها.

المصطلحات التي تناولها الباحث ليس كلها من صنع الاحتلال، فمنها صناعة فلسطينية مثل:

اصطلاح "روابط المدن"، و"القوة العشوائية"، "القوة المفرطة"، "العقاب الجماعي"، "العدوان".

هناك مصطلحات صناعة أطراف ثالثة مثل مصطلح "بناء الثقة"، ومصدره الإدارة الأميركية والأوروبيون وأطراف عربية. 

يعترض الباحث على معظم الاصطلاحات لكن قلة هي التي لم يعترض عليها ومنها: "اجتياح"، "انتفاضة" و"الهبة الجماهيرية".

في النهاية:

يمثل الكتاب جهداً كبيراً يكاد يكون موسوعياً في شموليته؛ إذ يغطي حدوداً أوسع مما شملته دراسات سابقة في زمانها وموضوعها.

لقد سبق هذا الكتاب كثير من الأبحاث التي تناولت الموضوع، لكنها لم ترق إلى هذا المستوى-بحسب علمنا - من الشمولية والاتساع؛ فرسالة الماجستير لسائدة إسماعيل حمد بعنوان "الخطاب الاستعماري الصهيوني في اتفاقات أوسلو وتحولات الخطاب الرسمي الفلسطيني"، تجعل حدود بحثها اتفاقات أوسلو، وكتاب أحمد رفيق عوض بعنوان: "لغة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي - عملية السور الواقي نموذجاً"، يجعل حدود بحثه عملية السور الواقي.