"السحر وطقوس الأسرار": محاولة مبكرة لفهم العالم

دار "التكوين" تُصدر كتاب "السحر وطقوس الأسرار عند المصريين والسوريين والكلدان"، الذي يتناول السحر باعتباره "منظومة معرفية تهدف إلى فهم العالم".

  • صدر الكتاب في 239 صفحة من القطع الكبير
    صدر الكتاب في 239 صفحة من القطع الكبير

صدر حديثاً عن دار "التكوين" للنشر والتوزيع في دمشق كتاب "السحر وطقوس الأسرار عند المصريين والسوريين والكلدان"، وهو من تأليف الفيلسوف السوري يامبليخوس الخلقيسي (245-325)، وقام بترجمته عادل خالد الديري.

يؤكّد الكتاب على أنّ الثقافة اليونانية ظاهرة فريدة في العالم القديم، فأصولها في البر اليوناني، ولكنّها امتدّت على مساحة اشتملت على إيطاليا والبلقان وآسيا الصغرى وجزر المتوسط.

ومع فتوح الاسكندر الكبير تهلينت مصر والشام، ووصلت المؤثرات اليونانية إلى أطراف الصين في آسيا الوسطى، وإلى وادي السند. وعندما نشأت روما كمولودٍ يوناني، أوصلت المؤثرات اليونانية إلى كل مكان من أصقاع الإمبراطورية.

وقد شاركت المناطق ذات التاريخ العريق، مثل سوريا ومصر وآسيا الصغرى، أكثر من غيرها، في إغناء الثقافة اليونانية، فقد رحل الفينيقي زينون إلى اليونان، وأسّس في أثينا، عقر دار الفكر اليوناني، فلسفته الرواقية. كما أنجبت الأرض السورية عدداً من المفكرين الذين رفدوا الفلسفة اليونانية، مثل داماسكيوس الدمشقي، وفيلو نايدوس اللاوديسي من اللاذقية، وبوزيدونيوس الأفامي من أفاميا.

وفي مصر شهدت الإسكندرية آخر صحوة للفلسفة اليونانية في القرن الثالث الميلادي، على يد أفلوطين اليوناني مؤسس الفلسفة الأفلاطونية الحديثة، التي أينعت ثمارها في سوريا على يد عدد من تلامذة أفلوطين، مثل فورفويوس الصوري من صور، ولونجينيوس الحمصي الذي كان مستشاراً للملكة زنوبيا، ويامبليخوس من قنسرين الذي عاش في أفاميا، وكان من أهم أعماله هذا الكتاب. 

يقدّم المؤلف في كتابه هذا السحر لا باعتباره مجموعة من الخزعبلات والممارسات التي لجأ إليها الإنسان في طفولته العقلية، بل باعتباره منظومة معرفية تهدف إلى فهم العالم، أي أنّه صفو الفلسفة في مراميها وغاياتها. وسيجد القارئ عبر فصول الكتاب كيف يتشابك السحر، الذي يتجلّى بشكلٍ رئيسٍ في السيمياء، أي الكيمياء السحرية، مع الفلسفة، ويغدو الاثنان بمثابة وجهين لشاقل معدني واحد.

تجدر الإشارة إلى أنّ الباحث في الميثولوجيا وتاريخ الأديان، فراس السوّاح، وضع مقدمة لهذا الكتاب، الذي يقع في 239 صفحة من القطع الكبير.