كيف حاول كيسنجر خداع العرب بعد حرب 1973؟ (2 - 2)

يشير إنديك إلى معاداة الرئيس الأميركي نيكسون للسامية وكيف أنه غالباً ما كان يضايق كيسنجر بشأن يهوديته في محادثاتهما الخاصة.

  • كيف خدغ كيسنجر العرب بعد حرب 1973
    كيف خدع كيسنجر العرب بعد حرب 1973

يُوصَف هنري كيسنجر بأنه نجح في تحويل السياسة الخارجية الأميركية، إلى مؤسسة هوليودية. فأصبح نجماً شهيراً يتابع العالم أخباره وتصريحاته. قبله، كان الدبلوماسيون يعيشون في أبراج عاجية، يرتدون البدلات الرمادية ويغلب على تصريحاتهم الغموض. معه، حضر التلفزيون والصحافة. مصافحته مع ماوتسي تونغ وشواين لاي، وصوره مع الرئيس السادات وغيرها أصبحت مانشيتات الصحف.

وقد ساعدته في ذلك شخصيته، فقد كتب أكثر من 15 كتاباً عن تجربته، خاصة مذكراته "سنوات البيت الأبيض" المكوّنة من أكثر 3000 صفحة والتي نشرت في ثلاثة مجلدات.

إقرأ أيضاً: كتاب "سيد اللعبة" يكشف انحياز كيسنجر إلى "إسرائيل" (1-2)

 بالرغم من إعجاب إنديك بشخصية كيسنجر والتي عبّر عنها من خلال سرد القصص العديدة عنه، إلا  أنه من الضروري قراءة هذا الكتاب واستخلاص العبر الكثيرة منه، سواء بهدف فهم أعمق للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، أو بهدف اكتشاف أن العالم العربي يملك أوراق ضغط على الولايات المتحدة، وأنه يستطيع الدفاع عن مواقفه. فلا يجوز للولايات المتحدة كقوة عظمى أن تحدّد وحدها طريقة التعامل معها، خاصة في ظل التدهور المستمر في بنية النظام الدولي الذي كانت تقوده أميركا.

ذكرنا في الجزء الأول من المراجعة لكتاب "سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن الدبلوماسية في الشرق الأوسط"، للدبلوماسي الأميركي مارتن إنديك (إصدار دار نهضة مصر)، أنه نشر العديد من الكتب والأبحاث والمقالات عن كيسنجر بمناسبة بلوغه العام الـ 100 من عمره.  والاَراء تنقسم إلى قسمين منها ما يؤيده ويتحدث عنه بإعجاب، ومنها من يعتبره مجرم حرب.

الأول: يعتبر كيسنجر قدوة في عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية. فأُطلق عليه "المفاوض الأهم" أو"العبقري"، فلم يتمكّن سياسي أميركي من ترك بصمة على الدبلوماسية في العالم مثلما فعل. ففي إحصائية أجرتها مجموعة من الباحثين في العلاقات الخارجية وتحديداً حتى عام 2015  بإحدى الجامعات الأميركية، اعتبرت هنري كيسنجر أكثر وزراء الخارجية الأميركيين نفوذاً على مدى 50 عاماً،واشتهر عنه أنه من أبرز المنفذين لمبدأ "السياسة الواقعية" في السياسة الأميركية. كما أنه يعد العضو الأطول عمراً في الإدارات الأميركية المتعاقبة، والوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة من إدارة نيكسون.

والثاني: ما عبّر عنه كتاب سيمور هيرش "ثمن القوة" الصادر عام 1993، الذي أرَّخ بالوثائق أفعالاً مشينة من قِبل كيسنجر، وما عبّر عنه أيضاً  كتاب كريستوفر هيتشنز "محاكمة هنري كيسنجر" عام 2001، الذي وصف كيسنجر  بالمصاب بجنون العظمة، وأنه لا بدّ من مقاضاته باعتباره مجرم حرب.

  • الرئيس فيديل كاسترو
    الرئيس فيديل كاسترو

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية وثائق عن جانب "متهور وشديد القسوة" من شخصية كيسنجر، عندما غضب من قرار الرئيس الكوبي الراحل فيدل كاسترو، اتباع سياسته الخارجية الخاصة في أفريقيا، بدلاً من تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة والتدخّل عسكرياً في غانا عام 1976، للمساعدة في صد هجمات العصابات اليمينية الوافدة من جنوب أفريقيا، مما دفع كيسنجر لرسم خطط "لسحق كوبا" بالقصف الجوي، وتحريك قوات البحرية الأميركية المتمركزة في خليج غوانتانامو لضربها، لكن خططه باءت بالفشل، وكان لها أبلغ الأثر على العلاقات بين البلدين حتى الآن. 

ربما ساعد الحظ كيسنجر فقد استفاد من عهد الرئيسين الأميركيين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، ففيما كان ريتشارد نيكسون متقلّباً ومدمّراً للذات، ويغرق في الاكتئاب خلال تحقيقات فضيحة "ووترغيت"، لم يكن هناك لدى خليفة نيكسون، الرئيس فورد، سوى القليل من المعرفة والخبرة في المنطقة، مما وضع كيسنجر في موقع صياغة السياسة الخارجية الأميركية بشكل حصري، وشرحها للرئيس (فورد) لاحقاً. فهمّش الاتحاد السوفياتي من موقعه النافذ، أو الأكثر نفوذاً في المنطقة في خضم الحرب الباردة، وبنى نظاماً شرق أوسطي بقيادة الولايات المتحدة، وجعل الولايات المتحدة مصدراً أساسياً للمساعدات العسكرية والاقتصادية لكل من "إسرائيل" ومصر.

ولهذا يعلق إنديك على ذلك بقوله: "إذا كانت الدبلوماسية فن نقل القادة السياسيين إلى أماكن يتردّدون في الذهاب إليها، فإن كيسنجر كان سيد اللعبة".

يتناول الكتاب تفاصيل مهمة كيسنجر عقب "حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973"، التي أفضت إلى بناء آلية لـ "عملية سلام الشرق الأوسط" في السنوات التي أعقبت تلك الحرب.

ويشرح المؤلف كيف كان كيسنجر يتصارع مع الفلسطينيين، حيث رفض الدفاع عن حقوق الفلسطينيين بشكل مباشر. وبدلاً من ذلك، فوّض هذه المهمة إلى هارولد سوندرز، مساعده لشؤون الشرق الأوسط، لمعالجة مواضيع الاستحقاقات الأساسية للفلسطينيين في عملية السلام.

ويستعرض إنديك كيف تعامل كيسنجر مع العديد من الشخصيات بوضع الأساس ل"محادثات السلام" في الشرق الأوسط، متتبعاً فترة ولاية هنري كيسنجر من كانون الثاني/يناير 1969 حتى ترك البيت الأبيض بعد 8 سنوات عام 1977.

ويتحدث الكاتب عن مفاوضات كيسنجر مع رئيس مصر السابق أنور السادات، ورئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، ورئيس سوريا حافظ الأسد، والملك الأردني حسين بن طلال، والملك السعودي فيصل بن عبد العزير آل سعود، ليسرد بالتفصيل الطريقة التي تمكّن بها من المناورة مع قادة الشرق الأوسط.

إقرأ أيضاً: مارتن إنديك: خطة ترامب للتسوية لا تترك شيئاً للتفاوض

يشير الكتاب بوضوح إلى أن كيسنجر كان يتقدّم بمواقف معينة للجانب العربي، ثم يعرض عكسها تماماً للجانب الإسرائيلي، ورغم إعجاب الكاتب بكيسنجر، إلا أنه لم يستطع مع ذلك تجاهل هذه الخصال المخادعة لوزير الخارجية الأميركي، وأشار إليها في عدة مواقع في الكتاب.

مرحلة الرئيس السادات

يعتبر الكاتب، بأن المقاربة بين كيسنجر والسادات أدت إلى قيام كيسنجر بالتفاوض على اتفاق فك الاشتباك بين القاهرة و"تل أبيب" في كانون الثاني/يناير 1974. وأيلول/سبتمبر 1975 على التوالي. فالسادات نفسه لم يكن ينوي شن حرب شاملة على "إسرائيل"، بل تحريك الأمور إلى الحد الذي يقنعها بالتفاوض.

  • كيسنجر إلى جانب الرئيس السادات
    كيسنجر إلى جانب الرئيس السادات

يعتبر إنديك أن موافقة مصر و"إسرائيل" على دبلوماسية الوساطة الخاصة بكيسنجر، وتعاونهما معه للعمل أكثر نحو "السلام" بين الاثنين يشكّل انتصاراً لكيسنجر.

الملك الأردني حسين 

يشير إنديك إلى كيفية تعامل كيسنجر مع الملك حسين بن طلال، ملك الأردن، ووصف كيسنجر بأنه متردّد في تأييد دور أكثر حزماً للأردن في الضفة الغربية. لكن كيسنجر كان أيضاً داعماً للملك حسين، ولم يكن يريد للولايات المتحدة أن تتدخّل عسكرياً في الأردن في أيلول/سبتمبر 1970 أثناء مواجهة العاهل الأردني مع الفدائيين الفلسطينيين، وبحسب قول المؤلف فإن كيسنجر لم يمانع من أن تقف "إسرائيل" إلى جانب الملك حسين لدحر التمرد ضده.

يتحدث الكتاب أيضاً عن الجهود الأردنية عام 1974 حين لاحت فرصة لانسحاب إسرائيلي من أريحا وفك الارتباط على الجبهة الأردنية، حين أدّى كيسنجر دوراً سلبياً عن طريق خداع الأردن وإعطائه كلاماً معسولاً لإيهامه أنه يدعم فك الارتباط، في ما كان يولي الأولوية لفك ارتباط ثانٍ على الجبهة المصرية، وذلك لقناعته أن ذلك سيخرج مصر من الحرب نهائياً.

ويقول الكتاب إن كيسنجر كان يدرك أن الملك حسين، كان سيطلب ضمانات أميركية لانسحاب "إسرائيل" من كامل الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو ما كان كيسنجر يعارضه دعماً لـ "إسرائيل".

سوريا.. صداع كيسنجر

يقول المؤلف إن العلاقة بين كيسنجر والرئيس السوري حافظ الأسد لم تكن وثيقة وناجحة كما هي الحال مع السادات، وكانت جهود كيسنجر متواضعة فيما يتعلق بالمسألة السورية، كما يتضح من توقيع اتفاقية فك الاشتباك السورية - الإسرائيلية في أيار/مايو 1974. فقد فشل كيسنجر بنقل "نظام الأسد" إلى المعسكر الأميركي.

  • الرئيس حافظ الأسد بين كيسنجر والرئيس نيكسون
    الرئيس حافظ الأسد بين كيسنجر والرئيس نيكسون

حاول كيسنجر أيضاً تحييد سوريا، كما يقول مارتن إنديك في كتابه "سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن الدبلوماسية في الشرق الأوسط": "بدأ كيسنجر المفاوضات مع الأسد على أمل أن تنتهي في لحظة شبيهة بلحظة السادات عندما ينقلب ضد الاتحاد السوفياتي وينتقل بالكامل إلى المعسكر الأميركي. لكنه لم ينجح في لتحقيق هذه النتيجة مع الأسد. 

السعودية تسبّبت بخلق "أصعب لحظات" في حياة كيسنجر

يشير إنديك إلى الدور الحاسم الذي أدّته الرياض قبل وبعد حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973، ويذكر أن كيسنجر اتبع تقليد "الواقعية في السياسة الخارجية"، فاعتبر السعودية قوة أساسية لموازنة نفوذ جمال عبد الناصر في العالم العربي، ولاحظ لاحقاً أن الرئيس أنور السادات كان يتخذ خطوات منسقة للتخطيط للحرب مع سوريا، وللحصول على الدعم المالي من الملك فيصل بن عبد العزيز لتمويل المجهود الحربي الوشيك في وقت واحد.

  • كيسنجر مع الملك فيصل وبينهما الملك فهد
    كيسنجر مع الملك فيصل وبينهما الملك فهد

ويكشف إنديك في كتابه "سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن الدبلوماسية في الشرق الأوسط" أنه في 14 تشرين الأول/أكتوبر  1973، كتب كيسنجر رسالة إلى الملك فيصل يخبره فيها أن قرار الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بإنشاء قناة جوية تزوّد "إسرائيل" بالأسلحة، كان رداً على تسليح السوفيات للقوات العسكرية لمصر وسوريا، وقال وزير الداخلية آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز، لكيسنجر إن الملك فيصل بن عبد العزيز لم يعجب من مراسلات كيسنجر، لأنه صوّر السعودية وكأنها تقف مع دعم أميركا لـ "إسرائيل" خلال الحرب، على افتراض أن واشنطن والرياض كانتا في تحالف مناهض للشيوعية، وبالطبع، لم يكن هذا هو الحال.

بالمقابل قلّل كيسنجر من شأن إمكانات السعودية، ولم يتوقّع استخدام النفط كسلاح في حرب أكتوبر، حيث كان على خلاف بشأن هذه المسألة مع نائب وزير الخارجية كينيث راش، كما كتب إنديك، مستطرداً: "كان نيكسون مثل وزير الدفاع الأميركي جيمس رودني شليسنجر ونائب وزير الخارجية كينيث راش قلقاً بشأن النفط. ومع ذلك، كان كيسنجر غير متوقّع بشأن احتمالية فرض حظر نفطي عربي، ليس لأنه كان متجاهلاً للقلق، بل لأنه كان يعتقد أن جهوده لاستخدام الأزمة للتوصل إلى تسوية سياسية ستبقى في أيدي منتجي النفط".

وحصل ما لم يتوقّعه كيسنجر، فأصدر مجلس وزراء النفط العرب قراراً بوقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1973، وخلال الأشهر الستة التالية، تضاعفت أسعار النفط أربع مرات، وظلت الأسعار عند مستويات أعلى حتى بعد انتهاء الحظر في آذار/مارس 1974، إلا أنه خلال الحظر، ارتفعت أسعار النفط المعدلة بحسب التضخم من 25.97 دولاراً للبرميل في عام 1973 إلى 46.35 دولاراً للبرميل في عام 1974.

"حظر النفط" غيّر المعادلة السياسية خلال "حرب أكتوبر" 

نتيجة لذلك، بدأت أصعب المواقف الدبلوماسية في حياة كيسنجر، وصناعة السلام في الشرق الأوسط مما دفعه إلى البدء في محاولات لإنهاء تكتل "منظمة أوبك"، والسياسة التي اتبعتها في تسعير النفط المرتفع أثناء وبعد اندلاع حرب أكتوبر، وقال إنديك إن الكثير من المراسلات جرت خلال تلك الفترة بين الملك فيصل بن عبد العزيز ووزير النفط السابق الدكتور أحمد زكي يماني من جهة، وهنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي من جهة أخرى.

وأفاد في كتابه، بأنه دائماً ما كان كيسنجر يناشد الاثنين لإنهاء مقاطعة النفط التي تضر بالاقتصاديات الصناعية للولايات المتحدة، والغرب إلى حد كبير، إلا أنه كانت هناك شروط قاسية على كيسنجر، ولم تجدِ محاولاته بحثّ منظمة أوبك على إنهاء حظرها النفطي، وفي البداية، كان حل وضع القدس أحد المطالب التي قدّمتها "أوبك" لإعادة مستوى إنتاجها إلى ما قبل الحرب، كما كانت هناك مطالب بمنح الفلسطينيين حقوقهم وإجبار "إسرائيل" على ترك الأراضي التي احتلتها.

وفي تطوّر الأحداث، لا يمكن أن تتحقق الأشياء الثلاثة التي هي الأبرز بالنسبة لـ"أوبك"، وكما هو متوقّع، تغيّرت السياسة النفطية الجديدة لـ"أوبك" بعد أن أدرك أعضاؤها حدوث درجة من التقدم في العلاقة بين مصر و"إسرائيل"، لأن مثل هذا التطور الجديد يعني -  ولو صورياً - أن أميركا أصبحت أقل انحيازاً لـ "إسرائيل"، على الأقل في علاقة ذلك البلد بمصر. 

ويتحدث إنديك، عن لقاء الملك فيصل مع كيسنجر عندما كان الحظر النفطي ساري المفعول، حيث وصف الملك فيصل بأنه شديد الحذر في كلماته مع كيسنجر.

ويكمل إنديك: بينما كانت أميركا لا تزال تمنح "إسرائيل" أسلحة بحرية، كان الحظر النفطي لا يزال سارياً، ويقول إن "الملك فيصل أحبط محاولة كيسنجر في ربط إنهاء الجسر الجوي بتخفيف الحظر النفطي، وبدلاً من ذلك، أشاد بدهاء الملك فيصل"، ويوضح الكاتب أن كيسنجر أدرك أنه إذا لم يرض الملك فيصل، «"فيمكنه دائماً العودة إلى فرض حظر النفط مرة أخرى"، إلا أن ردود الملك فيصل على كيسنجر كانت دائماً تشير إلى أن "الحظر هو قرار عربي مشترك".

غولدا مائير

كانت رئيسة الوزراء الإسرائيلية قلقة للغاية من رغبة كيسنجر في إطالة أمد الحرب في أكتوبر 1973، لأن هذا قد يعني دخول السوفيات إلى الحرب جنباً إلى جنب مع السوريين والمصريين.

  • الرئيس نيكسون مع غولدا مائير
    الرئيس نيكسون مع غولدا مائير

يوضح إنديك  بأنّ العلاقة بين كيسنجر ومائير لم تكن سهلة. إلا أنه في عام 1969 انتزع منها تعهّداً بعدم الكشف علناً عن مدى تقدّم البرنامج النووي الإسرائيلي، ورفض خيار حكومة الولايات المتحدة بعدم إرسال "طائرات فانتوم" العسكرية لـ "إسرائيل"، مقابل الاحتفاظ بمعلومات سرية حول أنشطتها النووية. وذلك لأن نيكسون وكيسنجر خشيا من أن السوفيات سيساعدون العرب في الحصول على قدرات نووية، وذلك لو أصدرت "إسرائيل" مثل هذا الإعلان.

يروي الكتاب أن كيسنجر منذ أن كان يعمل مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس نيكسون، قام بفتح قناة غير رسمية مع إسحاق رابين حين كان الأخير سفيراً لـ "إسرائيل" في واشنطن، وذلك بهدف الالتفاف على وليم روجرز وزير الخارجية حينذاك، الذي كان يريد العمل من أجل "سلام شامل" وانسحاب "إسرائيل" من الأراضي المحتلة. كان كيسنجر يقول لرابين: "يجب خلق الانطباع بأن شيئاً يتم إنجازه بالنسبة للعملية السلمية بينما نعرف أننا في الواقع لا نحقّق شيئاً".

ويسلّط الكاتب الضوء على بعض الصعوبات التي واجهها كيسنجر في التعامل مع الرئيس نيكسون، كاشفاً أن حقيقة كون كيسنجر يهودياً أعاقت رغبة نيكسون كرئيس للولايات المتحدة في تحسين علاقات أميركا مع الدول العربية، إذ يشير إنديك أيضاً إلى معاداة نيكسون للسامية وكيف أنه غالباً ما كان يضايق كيسنجر بشأن يهوديته في محادثاتهما الخاصة، ومع ذلك، فقد شارك الاثنان في رغبة قوية في الحفاظ على مواجهة الاتحاد السوفياتي، باعتباره توجّهاً أساسياً في العلاقات الخارجية لأميركا، وفي الوقت نفسه لاستبعاد السوفيات من الشرق الأوسط قبل وبعد حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973.