"حدث في 2 طلعت حرب": قراءة في تاريخ مصر الحديث

لا شك في أننا إزاء فيلم متميز عميق ومتدفق بالأفكار. "حدث في 2 طلعت حرب"، للمخرج مجدي أحمد علي الفائز منذ أيام بجائزة الإخراج الكبرى من المهرجان الدولي للسينما الأفريقية في خريبكة.

  • ملصق الفيلم، مع عناوينه الفرعية الأربعة
    ملصق الفيلم، مع عناوينه الفرعية الأربعة

يبدو الفيلم وكأنه تحية وداع للفنان الراحل مؤخراً سمير صبري، الذي ظهر كالحاضن للمشروع الذي عمل فيه من دون أجر، وبدت الرواية المختصرة لأجواء الشريط هي تماماً ما قام به صبري الذي قدم منزله - في الفيلم طبعاً – المشرف على ميدان التحرير لعموم المصورين للفضائيات العالمية، كي يلتقطوا ماشاؤا من اللقطات الخاصة من شرفته الشاسعة المساحة.

عنوان الفيلم، هو عنوان ميدان التحرير في القاهرة، وفي وقت اهتمت الأشرطة العديدة التي أُنجزت عن حقبة التحول الأخيرة في مصر بالأحداث عموماً، فإن قضية فيلم المخرج مجدي أحمد علي مختلفة في أن الأساس هم الناس القاطنون في محيط الميدان كيف تفاعلوا مع التطورات، وأي دور لعبوا في خضم  التفاعل والمواجهات. لذا كان دور الفنان سمير صبري محورياً في تبني وكشف الحقائق.

  • المخرج مجدي أحمد علي مع الفنان سمير صبري
    المخرج مجدي أحمد علي مع الفنان سمير صبري

واستناداً إلى نص كاتبة السيناريو والحوار هنزادة فكري، يكون صبري مالكاً للمبنى بأكمله المطل على الميدان وليس للشقة التي يقطنها فقط ليتجلى الموقف من الأحداث في مشهد وصول جثة شاب صغير السن مصاباً في صدره إلى صالون الشقة لإسعافه ولم يلبث أن فارق الحياة، عندها طلب صبري من بواب العمارة (شريف الدسوقي) القائم بأعمال المبنى رفضه لفكرته السابقة ببيع المبنى، وقرر رفض البيع نهائياً وأنه مسافرللعودة مع عائلته إلى مصر.

هذا فيلم زاخر بالمواقف السياسية، فهو يرصد في سياق تناوله للتطورات وتداعياتها في مصر التاريخ الحديث، كيف تعامل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع "الإخوان المسلمين"، مع مشهدية يقول فيها إنه قدّم لهم أكثر من مبادرة من دون فائدة، وفي الوقت نفسه عبر في السياق على هزيمة العام 67، وقرار الرئيس عبد الناصر التنحي، ثم عودته عن القرار، وفي الوقت نفسه تناول زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس المحتلة، من إعلانه المبادرة، ثم لقطات له من الزيارة.

  • جانب من أسرة الفيلم في لقطة تذكارية
    جانب من أسرة الفيلم في لقطة تذكارية

الشريط يعتمد على 4 حكايات، من أزمنة مختلفة متعاقبة، مع عناوين فرعية لها تحمل توصيفاً لكل منها وهي: القمر، الشمس، التراب، والدخان، ومع فريق كبير من الممثلين بينهم نجل الخرج مجدي أحمد علي: أحمد مجدي، الذي تولّى إنتاج الشريط عبر شركته الخاصة: جراج، وتمت الإستعانة بضيوف شرف عديدين (سمير صبري، محمود قابيل، عبير صبري، شريف الدسوقة، حلمي فودة، ومجدي فكري) لأن الميزانية المتوفرة للإنتاج كانت متواضعة.

الحكايات الأربع جسّد أدوارها على الشاشة: المذيعة ياسمين الخطيب (صفر تمثيل)، أحمد وفيق، عمر زهران، فريال كامل، سهر الصايغ، ميريت الحريري، كريم كوجاك، وكانت الحكاية الأقوى هي الأخيرة وفيها: ميار الغيطي، لبنى ونس، محمد حسين عشماوي، أحمد ياسين، والطفل كريم شريف.