غودار كره شكسبير: أحب الإشتراكية واستغل خدعة السينما

المبدع والمبتكر جان لوك غودار الذي غادرنا عن 92 عاماً كان شخصية متناقضة في تركيبتها لكن كل ما تركه ينم عن فعل نموذجي لصناعة عوالم جديدة مستأنساً بكراهية شكسبير وحب الإشتراكية.

  • المخرج جان لوك غودار في لقطة حديثة
    المخرج جان لوك غودار في لقطة حديثة

شخصية متشعبة تشبه إلى حد كبير ما يُروى عن نماذج خيالية في القصص الخرافية. جان لوك غودار المخرج والسيناريست والمنتج من أصول سويسرية كوالديه، لكن الجنسية فرنسية وقد نعاه الرئيس إيمانويل ماكرون بالقول: لقد خسرنا كنزاً وطنياً ثميناً بوفاة غودار.

عصامي نعم. فهو أولاً وأخيراً صنيعة الظروف الصعبة التي أرهقته في بداية حياته وأجبراته على العمل في مهن قاسية لا مردود مجزياً لها أبرزها: عامل بناء، وهو لم يخجل من أي عمل بل كانت مشكلته مع حظه العاثر الذي لم يساعده أبداً في حياته كي يرتاح.

  • غودار يدير تصوير فيلم: aria عام 1987
    غودار يدير تصوير فيلم: aria عام 1987

لغة خشبية وأجواء خداع وخيانة ونساء دميمات وجرائم قتل لا تنتهي أبداً.. هكذا وصّف لغة وأجواء كتابات شكسبير، وعندما قيل له وماذا عن آلاف الإقتباسات عن روائعه، ضحك وقال: ومن قال إن الفنانين دائماً على حق. وقال الكثير عن أخطائه في شريطه: "الملك لير".

لم يتحدث كثيراً عن الإيمان لكنه انتقد رجال الدين، خصوصاً أواسط الثمانينات عندما أطلق فيلمه: marie je vous salue يومها هاجمته الكنيسة الكاثوليكية واعتبرت أفكاره هرطقة لكنها لم تُطالب بوقف عرض الفيلم.

  • ملصق breathless الذي جمع فيه بلموندو و جين سيبرغ
    ملصق breathless الذي جمع فيه بلموندو و جين سيبرغ

وربما استغرب كثيرون كيف أنه كان ميالاً إلى الأفلام القصيرة والوثائقية طوال فترة عطائه بدءاً من العام 1955 عندما قدّم أول نموذج سينمائي له من خلال الفيلم القصير: a flirtatious woman أتبعه بعد 3 سنوات بالوثائقي: operation concrete ولم ينقطع أبداً عن هذين النوعين من السينما.

شملت المحطات في أبرزها: Pravda – 70، numero deux – 75، dream on – 77، handyman – 81، soft and hard – 85، 

Closed – 88، و l enfance de l art – 92.

أما أعماله الروائية الطويلة فكانت أيضاً في حدود معقولة مثل إدارته للممثلة الدانماركية آنا كارينا فيalphaville وهي التي تزوجها لسنوات قليلة ثم انفصل عنها، لكن شريطه breathless -1960 والذي جمع فيه: فرنسوا تروفو، جان بول بلموندو، جين سيبرغ، وكلود شابرول، وكلهم من جماعة الموجة الجديدة التي رغبت في سينما فرنسية تقارع الإيطالية ونجوم مدينة السينما في روما أمثال فيلليني، كان قيمة فنية خالصة.

  • خلال تصوير ambassy مع بريجيت باردو وميشال بيكولي
    خلال تصوير ambassy مع بريجيت باردو وميشال بيكولي

وله محطتان لامعتان أولى مع إيناس فاردا faces places وآخر شريط له في نتاجه السينمائي see you Friday robinson في بطولة لـ إبراهيم غولستان، مع ملاحظة أن غودار لم يبحث يوماً عن مشاهير من الممثلين لكي يشاركوا في أفلامه، إطلاقاً، كان يفضل الممثل المناسب الذي يُشعره بأنه الشخصية التي يبحث عنها وكل هذا كان يتأمن من خلال التجارب المرهقة أمام الكاميرا، وكثيرون من المشاهير تعاونوا معه في بداياتهم فقط.

كان معجباً جداً بـ أورسون ويلز خصوصاً في فيلم: touch to evil، ومن أفلامه التي أحب تصويرها ومعاودة مشاهدتها: بيار المجنون، مع آنا كارينا، التي بقدر ما أحبها عاد وكرهها: النساء لا تطاق لفترة طويلة، يجب إستبدالهن عاماً بعد عام.

أحب الفقراء لأنهم جزء من ذاكرته الخصبة، ولم يحب السياسة، وبدا ذلك جلياً في فيلمه: الجندي الصغير، عن حرب التحرير الجزائرية، فلم يعرف كيف يتخذ موقفاً منها وهو فرنسي لكنه متعاطف مع الثوار الجزائريين. وبعدها تعمق في الإشتراكية ووجد فيها مخرجاً أرحب لأفكاره المختلفة.

غودار، تُطوى معه صفحة مهمة من كتاب السينما في أوروبا والعالم، مع فنان من طينة بيرغمان وفيلليني وبرتولوتشي و وودي آلن وغيرهم من الكبار.