كائنات ورقية تعانق أقاصي الحدود التونسية

تظاهرة "كتاب على الحدود" تنطلق في دورتها الثانية في تونس، ومن بين أهدافها ترسيخ فعل القراءة رافداً من روافد التنمية الذاتية للنهوض بالمجتمعات.

عندما يستحيل الحرف جسراً يمدّ أوتاره بين مسامات تونس الفكر، متوغلاً نحو الأقاصي حيث القمم والحدود ورائحة النسيان، يكون الأدب خير سبيل لرتق الروح، ونولاً يحوك سداه بين أبناء تونس.

ولأنّ الكتاب يعدّ من أنجح الوسائل في تقريب وجهات النظر، ويعتبر محملاً ثقافيّاً مساعداً على قبول الآخر وتوحيد الشعوب ونسف الحدود بين الثقافات، تنظم وزارة الثقافة التونسية ممثلة في الإدارة العامة للمطالعة العمومية الدورة الثانية لتظاهرة "كتاب على الحدود"، بالتعاون مع "شبكة المكتبات العمومية"، الثابتة منها والمتنقلة، وبمساهمة عدد كبير من المؤسسات التربوية الأساسية والإعدادية.

التظاهرة التي بدأت في 18 أيار/مايو الماضي، والتي تستمر حتى 16 كانون الأول/ديسمبر المقبل، تأتي في إطار العمل على نشر ثقافة الكتاب والمطالعة وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص وتجذير الهوية الوطنية في المواطن التونسي.

وتتمثل أهداف التظاهرة في ترسيخ فعل القراءة رافداً من روافد التنمية الذاتية للنهوض بالمجتمعات، وتوفير فرص الوصول إلى الموارد المعرفيّة والثقافية في مختلف أنحاء تونس، وتأكيد قيمة اعتماد الوثائق وقواعد المعلومات، والخروج من القاعات المغلقة، والتوجه إلى الجماهير المتعطشة للكتاب والأنشطة الثقافية الموازية، في محاولة لتحقيق اللامركزية الثقافية في تونس.

وفي هذا الصدد، تم إدراج العديد من المحافظات التي تتموقع جغرافياً على مناطق حدودية متاخمة للأراضي الجزائرية على امتداد الشريط الغربي من البلاد، على غرار محافظات جندوبة والكاف وقبلّي والقصرين وتطاوين وقفصة وتَوْزر .

وإضافة إلى البرنامج الرئيسي الذي اقترحته وزارة الثقافة التونسية، كانت هناك أنشطة موازية لتفعيل العلاقات بين الإطار التربويّ من جهة، ونسيج المجتمع المدني بمختلف فئاته العمرية وشرائحه الثقافية من جهة ثانية، كالعروض وورشات صنع الدمى ومسابقات فن الحكواتي ومسرح الطفل.

وانطلقت فعاليات هذه التظاهرة من محافظة جندوبة الواقعة في أقصى الشمال الغربي لتونس، بدءاً بمنطقة حمّام بورقيبة. وقد تم خلالها تركيز نواة مكتبية ثابتة ضمت نحو 500 كتاب باللغة العربية والفرنسية والإنكليزية، ثم تواصلت هذه الأنشطة في مناطق طبرقة وعين دراهم وفرنانة.

وستختتم فعاليات الدورة الثانية من تظاهرة "كتاب بلا حدود" في ولاية توزر؛ مسقط رأس الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي.

يُذكر أنّ عدد المكتبات التي تم تركيزها في هذه المناطق خلال هذه التظاهرة يبلغ 15 نواة مكتبية بمعدل 1100 كتاب، ينتفع منها نحو 900 تلميذ وطالب.