مهرجان البستان الموسيقي الدولي يتحدى الظروف للمرة الـ 30
يصعب تصديق الصورة الاحتفالية التي ميّزت افتتاح الدورة الثلاثين من مهرجان البستان الموسيقي الدولي، وكأننا فعلياً في موناكو أو باريس أو فيينا، من نوعية الرواد ومظاهر التنظيم ومستوى العرض.
شكّل حفل افتتاح مهرجان البستان الموسيقي الدولي في دورته الثلاثين تحدياً جديداً فرضته الظروف العديدة من أمنية وإقتصادية وإجتماعية ضاغطة، ما زالت تتكرر منذ 30 دورة من عمر المهرحان العالمي، بحيث لم تنظم ولا دورة في أجواء طبيعية، وكأنه قدر هذه التظاهرة أن تمتهن التحدي وتقبل المواجهة، وتحقق فوزاً مشهوداً.
مساء الأربعاء الماضي في 21 شباط/ فبراير الجاري، امتلأت قاعة الافتتاح: "إميل البستاني" في فندق البستان بالمدعوين غالبيتهم بالملابس الرسمية انسجاماً مع قيمة المهرجان.
الحضور من نوعية النخبة يعني أنهم معتادون على الحفلات الموسيقية الكلاسيكية على أكثر من خشبة عالمية أو ما يستحضره كازينو لبنان من علامات موسيقية فارقة من أنحاء العالم، وبالتالي هي فرصة استثنائية سانحة يستغلونها طالما توفرت على منبر محلي، والخصوصية هنا تكمن في حسن اختيار عروض البرمجة – المستمرة حتى 17 آذار/ مارس المقبل – التي تتسم عاماً بعد عام بنجوم عزف وغناء من أنحاء العالم، مع الأخذ في الإعتبار الذين يعتذرون تخوفاً من الأوضاع الأمنية السائدة واحتمالات تدهورها.
وعلى خشبة قاعة الإفتتاح: بيانو يتوسط المسرح و3 فنانين إيطاليين تولوا ملء الوقت بالموسيقى والغناء من إرث الفنان الكبير جياكومو بوتشيني في 9 محطات خالدة من نتاجه المتوفر، استطاع الإيطاليون الثلاثة نقل إبداعه بصدق سواء بالأنغام مع بيانو فرنسيسكو بارباغيلاتا، الضارب على مفاتيح الآلة بثقة ورقي وتفاعل أو مع الصوتين اللذين ملآ فضاء القاعة سحراً: السوبرانو فالانتينا بوا، في مواجهة التينور ماركو بيرتي، وخدمت الحضور كثيراً اللوحتان المضيئتان لمضمون الأغاني باللغتين الإيطالية والإنكليزية في وقت واحد، ما أتاح فرصة مواكبة حوار المغنيين الأوبراليين كلمة كلمة وعبارة عبارة.
جمهور عارف بتقاليد الاستماع، يدرك كيف يصغي كما يعرف متى يصفق، وهو ما فرض مهابة على الحفل الذي حضره عدد كبير من نخبة فنانينا في مجالات متعددة، إلى جانب شخصيات ثقافية وعامة مشهود لأصحابها بمستوى وقيمة هذا النوع من الموسيقى.