نصري شمس الدين: 40 عاماً على غيابه

صحا الجميع على ذكرى الفنان نصري شمس الدين الراحل منذ 40 عاماً لمجرد التحية التلفزيونية من برنامج: "the stage"، إضافة إلى مبادرة من السيد جورج الشمالي لنشر كتاب عنه، كذلك احتفالية في إذاعة لبنان بإطلاق اسمه على استوديو رقم 4.

  • الفنان نصري شمس الدين: رحل منذ 40 عاماً
    الفنان نصري شمس الدين: رحل منذ 40 عاماً

ظروف عديدة أخّرت القيام بالواجب إزاء فنان كرّمه الأخوان رحباني بجعله الندّ للسيدة الكبيرة فيروز في معظم الأعمال الخالدة التي قدماها منذ أواسط الخمسينات وحتى وفاة الفنان نصري في 18 آذار/ مارس عام 1983، التي وافقت أمنيته بأن يقضي على خشبة المسرح، فسقط على مسرح نادي الشرق في دمشق، ليُنقل بطريقة مذلة – أصر عليها إبن شقيقه رافضاً إنتظار اليوم التالي لتجهيز موكب تشييع يليق به - في صندوق خشبي وليس نعشاً فوق سيارة تاكسي إلى بلدته جون.

مات عن 56 عاماً فقط. مات باكراً جداً وقد كانت صحته على أحسن ما يُرام وهو المعروف بالسحنة الشبابية والوجه الممتلئئ حياة ونشاطاً، وتواكب هذا الحدث الجلل مع زواج ثان أعلنه على فنانة شابة – 27 عاماً - كانت عضواً في فرقته الاستعراضية التي شكلها في فترة توقف معظم النشاطات الفنية في لبنان بحكم التطورات العديدة المتلاحقة التي عاشتها الساحة اللبنانية في تلك الحقبة، وهي أعقبت رحلة فنية إلى ليبيا.

  • مشهد مسرحي لـ نصري مع السيدة فيروز
    مشهد مسرحي لنصري مع السيدة فيروز

كثيرون من أهل الفن يرددون عبارة: هذا الفنان ظُلم. والواقع أن الظروف العامة كانت وراء التقصير بحقه، خصوصاً من سادة القلم الذين مرّوا على ذكره بشكل عابر، ولم يتوقفوا بالتقييم عند دوره الفاعل على الخشبة الرحبانية، وهو يقف وجهاً لوجه أمام قامة السيدة الكبيرة فيروز بقرار من الأخوين الكبيرين والمبدعين عاصي ومنصور الرحباني، وسط حملات سيئة النية تتساءل لماذا نصري وليس الكبير وديع الصافي في هذا الموقع، ليجيء الرد فنياً خالصاً: لقد اخترنا من يناسب النصوص التي قدمناها على الخشبات في المهرجانات والاحتفاليات ما بين لبنان ومحيطه العربي وامتداداته العالمية في المغتربات، لا أكثر ولا أقل.

ميزة هذا الفنان أنه ترجم كلام الشاعر: "يُغني وكأنه لا يُغني من سكون الأوصال وهو يجيد"، من قصيدة إبن الرومي "يا خليلي تيمتني وحيد"، كان يتكلم ولا يغني، فأسهل شيء عنده أن يشدو ومن دون مقدمات، وكان يضحك من المغنين الذين تنفر عروقهم أثناء الغناء وكأن أرواحهم تخرج من عيونهم، بينما الغناء عنده فعل عفوي متدفق وكلما زاد أجاد.

وفي هذه الذكرى، بادرت إذاعة لبنان الرسمية إلى تكريم نصري شمس الدين بتسمية أحد استوديوهاتها السبعة باسمه، وهي التي عرفته في بداياته حاضراً في استوديوهاتها، مسجلاً "اسكتشات" مع الأخوين رحباني وفريق عملهما – مزراب العين، حلوة وأوتومبيل، وبراد الجمعية -، كما أن أول أغنية خاصة له سجلت في الإذاعة: "بحلفك يا طير بالفرقة".

وأضاء برنامج "المسرح" على شاشة "أل بي سي" اللبنانية على قدر وقيمة هذا الفنان، وكان سبباً في مبادرة المدير العام لمطابع "شمالي إند شمالي" جورج الشمالي بتبني مشروع إنتاج كتاب عن سيرة وموهبة وعطاءات نصري على الخشبات الرحبانية.

فبعد 40 عاماً على رحيله سيصدر كتاب يُقيّم هذا الفنان وهو يحمل عنوان: "الركن الرحباني الرابع: نصري شمس الدين".