"نوتة"..التُراث بطريقة عصرية

يسعى إلى إحياء التراث بطريقة عصرية وتقديم برامج تساهم في نهضة الثقافة المصرية والعربية.. ما هو مشروع نوتة؟

  • «نوتة» مشروع ثقافي يقدِّم التُراث بطريقة عصرية.. و«مش مسامح حسين» لرَصْد أمراض المجتمع

"نسعى إلى إحياء التراث بطريقةٍ عصريةٍ من خلال الرسم وصناعة الفيديو، بالإضافة إلى تقديم برامج تساهم في النهضة بالحال الثقافية في مصر والوطن العربي". ذلك هو التعريف الخاص بصفحة "نوتة" على موقع "فيسبوك"، والتي يزيد عدد متابعيها عن مليون ونصف مليون شخص، ينتظرون ما يقدّمه القائمون عليها من فيديوهات لأعمال فنية وثقافية، عبر اسكتشات مرسومة، ومصحوبة بمقطوعاتٍ موسيقية.

ولا يستهدف القائمون عليها المشهور من الفن، بل ينقبّون عما يجهله الشباب، لتسليط الضوء عليه، في محاولة لردّ الجميل إلى أصحابه.

البداية كانت في العام 2011، بعدما تخرّج الشاب محمد التابعي من كلية الحسابات والمعلومات في "جامعة المنصورة"، لينتقل بعدها إلى القاهرة، ويؤسِّس مكتب "نوتة ميديا" المُختصّ بصناعة مقاطع الفيديو والتعليق الصوتي وإدارة منصّات التواصُل الاجتماعي.

تعاون التابعي مع أسماء فنية كبيرة، أمثال الفنّان علي الحجار والموسيقار ياسر عبد الرحمن. واستطاع بمساعدة رفاقه ممَّن شاركوه العمل، أن يحقِّقوا نجاحات ملحوظة، تلك التي جعلتهم يفكِّرون في صنع مشروعٍ ثقافي خاص بهم: "قولنا ما دام ربّنا رازقنا الموهبة والقدرة على التنفيذ؛ فليه ما نأسسش مشروع تنويري ثقافي"، يقول التابعي في حديثه مع "الميادين الثقافية".

ويؤكِّد «التابعي» أن وجود ميول فنية لدى أغلب فريق العمل، ساعد على تنفيذ الفكرة بشكلٍ أسرع. فقد جرى العمل بينهم على مبدأ تخصّص كل منهم، حيث وزِّعت المهام كل حسب موهبته: "تولّت الفنانة منار عادل رسم الاسكتش ووضع القوالب الفنية والهوية البصرية، أما المهندس محمد أسامة فكان دوره تنفيذ الغرافيكس، بينما يقوم أحمد والي بكتابة الستوري بورد، وحمدي الشربيني ومها طه تولّيا المونتاج". على أن يتولّى هو التابعي الإدارة ووضع الرؤية العامة والأفكار.

أبصر مشروع "نوتة" النور في العام 2012، معتمداً على بعض الأعمال الفنية التراثية، برؤية قائمة على دمج الفنون في قالب واحد، يختلط فيه الرسم بالموسيقى والشعر. وأيضاً التقنيات الحديثة من التحريك والغرافيكس. وذلك وفق ما يؤكّده التابعي: "بما يتناسب مع جمهور السوشيال ميديا، التي أتاحت لنا فرصة أن نقدِّم لهم هذا النتاج المنسي، آملين أن نقدِّم لاحقاً منتجاً فنياً وثقافياً خاصاً".

كانت أغنيات الشيخ إمام وقصائد الشاعر أحمد فؤاد نجم أبرز الأعمال التي قدّمتها "نوتة"، لكن تبقى قصائد الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، أكثر الأعمال التي حظيت بتقدير الجمهور واحتفائه، لاسيما "الخواجة لامبو" وقصيدة "العمّة يامنة".

ويشير التابعي إلى أن: "الخال الأبنودي ليه معزّة كبيرة عند الناس وعندنا، ولما الناس شافت رسمة بسيطة للعمّة يامنة أثّرت فيهم جداً، وتعلّقوا بيها وحبّوها".

لم يتوقّف الأمر عند استحسان الجمهور لأعمال الأبنودي، بل ويحكي مؤسِّس المشروع، عن موقف جَمَعَه بالإعلامية نهال كمال، زوجة الشاعر الراحل، فما إنْ عرفت أنه من القائمين على "نوتة" حتى أثنت على العمل، مؤكِّدة سعادتها به.

اعتماد المشروع على الأعمال التراثية جعل القائمين عليه يصطدمون بحقوق الملكية الفكرية، لكن التابعي يُشير إلى أن الأمر ينقسم إلى حقوق صوتية، هي تلك التي يشاركهم فيها أصحاب الأعمال الأصليين، سواء كان شركات إنتاج أو أفراداً، وأيضاً حقوق بصرية، هي الصورة التي يصنعونها بأنفسهم، وتكون ملكاً لهم فقط، مؤكَّداً أنه يوجد لديهم قسم مختصّ بحقوق الملكية الفكرية.

ويضيف التابعي أنهم كانوا حريصين منذ البداية على صنع هوية خاصة بهم. لذلك ألّف زميلهم الموسيقي محمد أبو النجا، مقدِّمة موسيقية خاصة بالمشروع، يستهلّ بها الأعمال التي قدّمت، والتي تميّزهم عن غيرهم. لكن يظلّ مشروع "مش مسامح حسين" هو أول مشروع لهم مصحوباً بموسيقى خاصة، منذ بدايته وحتى النهاية، والتي وضعها أيضاً محمد أبو النجا.

ويختتم محمد التابعي حديثه مؤكّداً أن "نوتة"مشروع ذاتي، لكنهم يأملون في فُرَص مستقبلية للتعاون. فهم يرحّبون بذلك، لأن التكلفة المادية هي ما تجعل الأعمال تستغرق وقتاً أطول، لاسيما وأنهم يحرصون على تقديمه بأفضل جودة ممكنة: "صنع محتوى جديد هو الهدف الأساسي من المشروع الأصلي، لكننا بدأنا بالتراث لنذكِّر الناس إننا بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وليس من الصفر".

حسام إبراهيم: "مش مسامح حسين" محاولة لرصد أمراض العصر

  • سامح حسين
    سامح حسين

آخر المشاريع التي عملت عليها "نوتة" كانت بعنوان "مش مسامح حسين"، وهي حلقات يكتبها الشاعر حسام إبراهيم بالعاميّة المصرية، ويقدِّمها الفنان سامح حسين. ويتناول خلالها عدداً من القضايا والمشاكل الاجتماعية.

وجاءت الحلقة الأولى بعنوان «أجيال بتسلّم أجيال» لرَصْد فكرة صراع الأجيال، وإيقاع العالم السريع؛ الذي عمَّق الهوَّة بين الشباب والكبار، ومنها:

أجيال بتسلّم أجيال 

وما بين الجيل والجيل فجوة

وسنين ضوئية بتفصل

بين فيديو "التيك توك"

وصوت بكار..

وصباح الخير مع ماما نجوى

وحملت الحلقات التالية عناوين: "السعادة"،"أوفرثنكينج"، "ساعة المطر"، "ست قرود"، "ربنا"، "ما كانتش صدفة"، وصولاً إلى الحلقة الثامنة التي جاءت بعنوان "الشارع الافتراضي".

حقَّقت هذه الحلقات نجاحاً ملحوظاً بين روّاد مواقع التواصل والأوساط الثقافية المصرية، والتي حاول من خلالها القائمون على المشروع تقديم رؤى بسيطة لأمراض العصر الحديث، ومحاولة تقديم ما هو أشبه بـ "روشتة" (وصفة طبية) لعلاجها.

وبشأن فكرة المشروع، يقول الشاعر حسام إبراهيم لـ "الميادين الثقافية"، إنه يعمل مع "نوتة" على أكثر من مشروع آخر، لكن منذ سنة تقريباً، تواصل الفنان سامح حسين مع محمد التابعي، مؤسِّس المشروع، واتفقا على أن يجمعهما عمل مشترك، ومن ثم؛ سأله التابعي عمّا يمكنهما العمل عليه.

بداية، سعى حسام إبراهيم في أكثر من اتجاه، بحثاً عن فكرة مناسبة، لكن الأفكار كانت بعيدة تماماً عمّا يريده، مضيفاً: "بعد فترة استقرّيت إن أحنا هنعمل حلقات تتصاغ بشكل موزون ومقفّى نسبياً. لكن مش شعر صرف ولا زجل صرف.. تقدر تسميه شوية دردشة جاية من أفواه الناس اللي في الشارع.. ومتصاغة عشان ترجع تاني لمسامع الناس".

تشكّلت الفكرة لديه بحيث يكون هناك مزج بين كتابته وأداء الفنان سامح حسين، تتولّى الفنانة منار عادل رسم حلقاتها، إضافة للموسيقى، وباقي العناصر التي عرفت بها "نوتة" في أعمالها السابقة.

أما بالنسبة إلى إسم الفقرة أي "مش مسامح حسين"، فيشير الشاعر الشاب إلى أن "الإفيه" كان الحاكم الأول، ثم سرعان ما استجاب له، وأقام فكرته على الإسم، قائلاً: "مش إحنا بنناقش مواضيع اجتماعية.. فليه لا؟.. ما نوجّه دايما كلامنا الحلو والوحِش لواحد إسمه حسين"، لاسيما وأن الإسم منتشر جداً في الأوساط الشعبية المصرية. وقد وضعه الإسم في بيئة مناسبة للكتابة، لأسباب يجهلها هو شخصياً.