"الإنس والنمس".. محمد هنيدي في كوميديا غير مُضحكة

ربما نعيش أياماً غير ملائمة للضحك، أو أن الظروف العامة تمنع أمزجة الكوميديين كتاباً ونجوماً من الإبتكار لصناعة الضحك المفقود تماماً من حياتنا بفعل ما إستطاعه كورونا من تأثير. الإنس والجن، للفنان محمد هنيدي نموذجاً.

  • محمد هنيدي على ملصق فيلم:
    محمد هنيدي على ملصق فيلم: "الإنس والنمس"

عندما ظهر محمد هنيدي أضرت به بعض المواقع الأكترونية وصوّرته منافساَ قوياً للفنان عادل إمام الذي يلتزم حالياً الإبتعاد بعد عملين لم يُحققا المنتظر فإن كفأ، أما الفنان هنيدي فهو يحاول مسرحياً لكي يقطف سينمائياً، ويجيئه التعويض من العرض المسرحي في السعودية وهو لا يدري أن المشاهدين هناك يجذبهم الإسم أكثر من الفعل، وبالتالي فإن التعويض مادي نعم لكنه ليس معنوياً، والدليل هو فيلمه الأخير: "الإنس والنمس"، مع أحد أمهر المخرجين شريف عرفة الذي كتب القصة وتقاسم صياغة السيناريو مع كريم حسن بشير.

ومع ذلك جاء العمل خلطة عجيبة من التناقضات لم تخدم هنيدي على الإطلاق فهو لم يُبدّل من حركاته المعروفة وبدا مكرراً ما سبق وفعله أمامنا في العديد من الأشرطة، ومع فريق يحلق كل منهم في عالم مختلف منة شلبي، عمرو عبد الجليل، صابرين، سليمان عيد، صلاح عبد الله، عارفة عبد الرسول، في الأدوار الرئيسية.

  • الفنانة
    الفنانة "صابرين" كما ظهرت في الشريط

فانتازيا قريبة من أجواء الكوميديانات الأميركيين خصوصاً بن ستيلر في شريط يكون فيه حارساً في  أحد المتاحف وفجأة تدب الروح في التماثيل  وتهاجمه، لكن الفكرة لا تكتمل مع هنيدي الذي ينتقل من هذا المناخ إلى أجواء الثراء التي نراها عادة في الأشرطة التاريخية والقصور وما فيها من بهرجة وثراء، والمشكلة أن لا شيء في كل ما عبر أمامنا مضحك أو حتى يدعو لرسم إبتسالمة على موقف أو لقطة بعينها.

نعم نستشعر جدباً في روح السخرية سواء في الحوارات أو تركيبة الشخصيات، ولماذا لم يتعلم الكوميديون المعاصرون ممن سبقهم عندما إبتدعوا الضحكات من اليوميات في الحارة المصرية أو البيت المصري عموماً في وقت يسهل على كل مصري إطلاق الإفيه للفوز بالضحك فهذا الشعب مفطور على سرعة البديهة وخفة الدم.

لكن النصوص تتفلسف وتُدخل فذلكات على ما هو قائم فتفقد براءة الفعل وردة الفعل لتغيب الضحكة أو تنقلب إلى موقف ثقيل الدم.

إسم شريف عرفة وتاريخه االسينمائي ضمانة، وموهبة هنيدي لا نقاش حولها، لكنه يحتاج لمن يضع مواصفاته ككوميدي في إطار محبب، هذه هي القضية وجيد أن أحداً غيره في الشريط لم يستظرف في تصرفاته بما يعني أن جدية هؤلاء كانت تمهد لفعل الضحك من تلاقح الجدية مع ظرف هنيدي، لكن النص كان في مكان آخر غير قادر على فعل الإضحاك الذي بقي خجولاً مرتبكاً وغير جاهز لجذبنا إلى عمق وموضوع الفيلم.