"مملكة الزيتون والرماد": كتاب بمثابة حجر يُنزع من بنيان الاحتلال الإسرائيلي

أطلقت القاصة الفلسطينية فدى جريس مع مجموعة من الروائيين العالميين المعروفين النسخة العربية من كتاب "مملكة الزيتون والرماد"، مساء الاثنين، على مسرح خشبة في مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة.

  • "مملكة الزيتون والرماد": كتاب بمثابة حجر يُنزع من بنيان الاحتلال الإسرائيلي
    كتاب "مملكة الزيتون والرماد"

 

وشارك في حفل التوقيع والمناقشة الروائي الأميركي اليهودي الشهير مايكل شابون وزوجته الكاتبة إيليت والدمان، والأكاديمي الفلسطيني رائف زريق. وأدار اللقاء القاص الفلسطيني علاء حليحل.

 

إطلاق النسخة العربيّة في حيفا يأتي ضمن سلسلة أمسيات دوليّة تُجرى هذا العام لصدور الكتاب في 12 لغة حول العالم. حيث تم الآن نشره باللغات الإنكليزية والعربية والفرنسية والعبرية والإسبانية والإيطالية.

 

الأمسية الأولى كانت فى مدينة بيركلي في ولاية كاليفورنيا الأميركية حضرها ما يزيد عن ثلاثمائة شخص، ضمن فعاليات مهرجان BAY AREA BOOK FESTIVAL، قدم فيها عدد من الكتاب العالميين رؤيتهم عن مرور خمسين عامًا على الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، الذي بدأ عشية الخامس من يونيو حزيران 1967، ولا يزال مستمراً حتى اليوم.

 

يأتي صدور هذا الكتاب الضخم(448 صفحة) ضمن مشروع دوليّ موسّع بادرت له منظمة "كسر الصمت" التي تعمل على كشف ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيليّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، والتي تشنّ عليها المؤسّسة الإسرائيليّة حربًا مستعرة. وذلك بمشاركة 26 كاتبًا عالميًا، 23 منهم من دول غير عربية في مقدمتهم ماريو ڤارغاس يوسا (صاحب جائزة نوبل للآداب)، غرالدين بروكس، جاكلين وودسون، مادلين ثين، راشيل كوشنير، لارس سابي كريستنسن، ديڤ إيچيرز، إميلي رابوتيو، تاييه سيلاسي، كُولم توبين، أيمير ماكبرايد، هاري كونزرو، لورين آدامز، هيلون هَبيلا، إيڤا ميناسه، أنيتا ديساي، پروچیستا خاکپور، أرنون چرونبيرغ، كُولُم مكان، مايليس دي كيرنجال، وأَسَاف چَڤرون، إلى جانب ثلاثة فلسطينيّين هم: رجا شحادة وفدى جريس وعلاء حليحل، مايكل شابون وزوجته ايليت والدمان الذين قاما بتحرير الكتاب.

 

وزار الأدباء في العام 2016 مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، منها مدينة غزّة وبعض المدن في الضفة الغربية مثل رام الله ونابلس وبيت لحم والخليل، والقرى المضطهدة في المناطق المصنفة "ج" في غور الأردن، وأحياء القدس الشرقية المحتلة وخصوصًا حيّ سلوان وما يشهده من حملة استيطانيّة محمومة، وقرى جبال الخليل (أم الخير وسوسيا وغيرها) التي تخضع لحملات هدم ومطاردة لا تنتهي للتعرّف عن كثب على ما يعنيه الاحتلال الإسرائيلي، وكيف ينعكس على أرض الواقع وحياة الناس وتفاصيلها اليوميّة.

 

وعبر مؤلفين مشهورين، سعى مايكل شابون وإيليت والدمان أن يضم الكتاب نصوصاً سرديّة تسعى إلى رسم ملامح ما يعنيه الاحتلال الإسرائيليّ للضفة وغزة منذ 50 عامًا. وتستند هذه النصوص إلى القصص والتفاصيل الصغيرة المُعاشة، من أجل رسم ملامح واضحة لهذا الوحش الثقيل الجاثي على قلوب الفلسطينيّين "بشكل مؤقّت".

 

ويروي كلّ كاتب/كاتبة ما رآه في الجولات الميدانيّة في أرجاء الضفة وغزة، مبتعدين عن الأسلوب التقريريّ الصحافي، متتبّعين ملامح القصص الشخصيّة لأبطال نصوصهم، من رجال ونساء وأطفال وفلسطينيّين التقوهم عند الحواجز وفي القرى التي تُهدم ليلَ نهارَ وفي السهول الفسيحة حيث يُحظر الرعي؛ في مراكز المدن الفلسطينيّة والمناطق العمرانيّة، وفي المناطق النائية والمنسيّة؛ وتلك التي يحتدم حولها الصراع المرير والاستيطان الشرس مثل سلوان.

 

ولطالما محرر الكتاب، شابون، المعروف بمعارضته للاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، على هويته اليهودية في أعماله الروائية، خصوصاً مع روايته "مغامرات كافالير وكلاي العجيبة"، الحائزة جائزة بوليتزر 2001، ورواية "اتحاد الشرطة اليديشية" الصادرة العام 2007.

 

وأكد شابون ان الهدف من هذا الكتاب هو بدء حوار حول الاحتلال لدى الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وقال: "شعرنا بأن علينا العثور على طريقة للفت انتباه الناس، أو لفت انتباه مجموعة منهم".

 

وكغيره من اليهود الأميركيين، شعر شابون برابط يجمعه ب‍"إسرائيل" عندما زارها للمرة الأولى العام 1992، لكنه لم يبدأ الاهتمام شخصياً بموضوع الاحتلال الإسرائيلي إلا بعد زيارة زوجته ايليت والدمان، المولودة في "إسرائيل"، لها قبل سنتين، وهي زيارة قال إنها "فتحت عينيها" على الواقع، وبعدها قرر الزوجان الانخراط في حملة مناهضة الاحتلال الإسرائيلي.

 

الكتاب نُشر باللغات الإنكليزية والعربية والفرنسية والعبرية والإسبانية والإيطالية، وضم فصولاً كتبها كل كاتب حول زيارته الى الأراضي الفلسطينية المحتلة في العامين الأخيرين.

 

وفي الفصل الذي كتبه شابون، تطرق الى الطبيعة "التعسفية" للاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، حيث يعلق الفلسطينيون بين البيروقراطية ومزاج الجنود الإسرائيليين وقادتهم. والهدف من ذلك هو "الإثبات للشعب الذي تحتله أنه لا يسيطر أبداً على مصيره".

 

أما والدمان، فتقول إنها شعرت بأن عليها الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي لأنه يأتي باسمها كيهودية. وتضيف: "الاحتلال بنيان وعلى المهتمين بالقضية العمل على تفتيته. هذا الكتاب هو بمثابة حجر ننتزعه من بنيان الاحتلال... وفي نهاية المطاف، سيزول ما يكفي من حجارة الصرح (الاحتلال) وسيسقط".

 

ويقول شابون ووالدمان إن هناك هوة تتسع مؤخراً بين الأميركيين اليهود التقدميين، وبين إسرائيل.

 

وتحرص إسرائيل على علاقتها مع يهود الخارج، وتطرح نفسها "موطناً لليهود جميعاً" من أنحاء العالم.

 

وبحسب والدمان، "كان أسهل على اليهود من جيل والدي، وحتى من جيلي، أن يكونوا أكثر تقدمية في القضايا كافة، ما عدا إسرائيل"، مشيرة إلى أن "اليهودي من جيل أطفالي، واليهود في الأربعينات والثلاثينات والعشرينات من العمر، لم يعودوا مستعدين لتقديم استثناءات لإسرائيل في نظرتهم الى العالم". وتضيف: "ليسوا مستعدين للانخراط في النفاق نفسه الذي تورّط فيه جيلي والأجيال التي سبقته".

 

وأشارت والدمان إلى الفارق العظيم بين الرخاء الذى يعيشه الإسرائيليون فى تل أبيب وما يعانيه الفلسطينيون تحت نير الاحتلال فى الضفة الغربية على بعد نصف ساعة، الأمر الذى دفعها إلى العمل على تحرير كتاب "مملكة الزيتون والرماد" بمشاركة 23 كاتبًا معروفًا لينقلوا صورة الاحتلال القميئة إلى قرائهم في مختلف بلدان العالم.

 

وبيّنت القاصة الفلسطينية فدى جريس وجهة النظر الصهيونية في التعامل مع الفلسطينين، من خلال كلمات بيتزاليل سموتريخ من حزب "البيت اليهودي" في إسرائيل، التي أشارت إلى ثلاثة خيارات متاحة للفلسطينيين وهي: مغادرة البلاد، والبقاء كمقيمين غرباء من دون جنسية وكمواطنين من الدرجة الثانية "الأغيار" حسب القانون اليهودي، أو المقاومة وساعتها يعرف الجيش الصهيوني كيف سيتصرف بما في ذلك الإبادة الجماعية، مبررًا ذلك بقوله "الحرب هي الحرب".

 

ويعود ريع كتاب "مملكة الزيتون والرماد" لصالح منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية غير الحكومية، والتي تعمل على كشف انتهاكات جيش الاحتلال الاسرائيلي من خلال جمع شهادات جنود إسرائيليين حول التجاوزات التي يرتكبونها خلال عملهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تثير غضب المسؤولين الإسرائيليين.

 

 وكان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون، اتهم في العام 2016، منظمة "كسر الصمت" بـ"الخيانة". وأقرّت حكومة بنيامين نتانياهو قوانين تستهدف المنظمات التي تتهمها بمحاولة نزع الشرعية عن "إسرائيل".