الرواية هي تتمة لما كانت المؤلفة قد وصفته من "أهوال" في أعمالها السابقة، عن العالم السوفييتي. وكانت قد بدأت كتابتها بأوّل عمل لها بعنوان "الحرب ليس لها وجه إمرأة" التي صدرت عام 1985 وتتحدث فيها عن حقبة الحرب العالمية الثانية والدور السوفييتي فيها. واتهمت يومها بـ"معاداة الروح الوطنية"، إلا أن الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف الذي كان على رأس السلطة السوفييتية آنذاك، قد دعمها وحماها.

العمل الثاني للكاتبة كان "فتيان الزنك" الذي نشر عام 1991 الذي تنقل فيه شهادات الجنود وأهاليهم ممن شاركوا في حرب أفغانستان. أما العمل الثالث فهو "آخر الشهود" التي يرويها أشخاص عن فترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها والتي راح ضحيتها نحو 20 مليون نسمة.

وقد قامت اليكسيفيتش في روايتها الأخيرة "نهاية الإنسان الأحمر" بمقابلة عينات من الروس خلال عشرين عاماً كشهود من مختلف الشرائح والطبقات الذين عاشوا الحقبة السوفييتية من جنود سابقين وأشخاص وتعرضوا للظلم والتعذيب .

فب عام 1991 انهارت الإمبراطورية السوفييتية بشكل متسارع بعد ثورات واضطرابات وحروب أهلية دامية عديدة، واستيقظ الإنسان الأحمر ليجد نفسه فجأة يعيش في أنقاض إمبراطورية تتهاوى إلى عشرات الدول المتصارعة، وتشهد انهياراً اقتصادياً هائلاً ونهاية الأحلام الكبيرة التي عاشها.

شهدت روسيا ثورات واضطرابات وحروباً أهلية دامية عدة في بدايات القرن العشرين، نجم عنها ظهور الاتحاد السوفييتي الذي شكل صورة عن الإمبراطورية التي لا تقهر، ورأى فيها البعض تحقق الحلم الاشتراكي الأحمر في بناء الدولة عظمى التي امتد نفوذها على نصف العالم تقريباً، بينما رأى فيها البعض أحد أقسى اشكال الحكم الشمولي القمعي.

في كتابها لا تبحث الكاتبة عن إجابات الأسئلة الكبيرة التي تهم قارئ التاريخ، بل عن آلاف التفاصيل الصغيرة للحياة اليومية المنصرمة.

الكتاب ينقسم الى جزئين، الأول بعنوان "عزاء نهاية العالم" وهو عبارة عن عشرة قصص تتحدث عن مرحلة (1991 – 2001)، والثاني بعنوان "سحر الفراغ" تنقل فيه مآسي شهود رووا مآسي الاشتراكية.

تتميز رباعية سفيتلانا اليكسيفيتش التي يطلق عليها "إنسيكلوبيديا العصر السوفييتي" بتقسيمها "للاتحاد السوفييتي" إلى أربع فترات هي فترات " ستالين، خروتشوف، بريجينيف وغورباتشوف". وقد قامت بتوضيح أهم المعالم التي ميّزت هذه المراحل والتي تمثلت في امتثال وحضور المجتمع المدني. ولكن نقطة الخلاف كانت تتمثل في الصراع بين كل من المجتمع المدني والحكم والسياسة، وذلك طبقاً لما صرّح به بعض شهود العيان، الذين أرجعوا الأسباب الرئيسية لانهيار الدولة السوفييتية إلى تخلي أهم أقطابه الرئيسيين عن المجتمع المدني طمعاً في السلطة، الأمر الذي أدى إلى إصابته بالضعف الشديد.

استطاعت اليكسيفيتش أن تنشئ نوعاً جديداً من الأدب قائماً على كتابة رواية من الأصوات المتعددة لشهود مرحلة ما. وحازت سفيتلانا على عشرات الجوائز الدولية، أهمها جائزة السلام من معرض فرانكفورت للكتاب 2013، ونال هذا الكتاب الأخير "نهاية الإنسان الأحمر"، جائزة "ميديسيز للدراسات" في فرنسا عام 2013، كما كرّسته مجلة "لير" المتخصصة بالكتب، كـ"أفضل كتاب للعام 2013. وحازت على جائزة نوبل للآداب عام 2015.