"الميادين نت" يرصد طائراً مميزاً يقدّم هداياه للطبيعة!

هل سمعتم عن طير ينسى أمكنة مميّزة يضع فيها طعامه؟ إنه "أبو زريق" الجميل المفيد للطبيعة بطريقة فريدة، والذي استقرّ مؤخراً في محمية أرز الشوف في جبال لبنان العالية.

  • "أبو زريق" الذي يقدّم هداياه للطبيعة!

نتعرّف اليوم إلى صديق جديد للإنسان يساهم في عملية تحريج غابات السنديان اسمه "أبو زريق". إنه طائر "أبو زريق" الموجود والمتوفر بكثرة في المناطق المعتدلة المناخ. يتغذى خلال الربيع على الحشرات وجيف الحيوانات الصغيرة ويطعمها لصغاره.

لا تجد الحيوانات والطيور وحتى الحشرات النافعة موئلاً ومهجعاً هاماً لها كمحمية أرز الشوف في جبال لبنان. هنا وفي أكبر محميات الشرق الأـوسط، تتوفّر الدّعة الطبيعية والبيئة المناسبة بين آلاف أشجار الأرز الباسقة والهامة على صعيد العالم.

اقرأ أيضاً: "قمر مشغرة" الذي "أضاء" يوماً أكبر محمية في الشرق الأوسط

زد على ذلك أن إدارة المحمية تعمل بشكلٍ علمي وميداني على رفدها بكل الدراسات والإمكانات اللازمة، لجعلها مسكناً آمناً للمخلوقات النادرة والمنقرضة. لذا، لا يألو مديرها الدكتور في العلوم الزراعية والغذائية نزار هاني وفريق الإدارة والعاملون جهداً في عقد المؤتمرات والندوات والورش الميدانية التدريبية للفرق العاملة وللمزارعين، فضلاً عن تسويق المنتجات وغيره.

 وأكثر ما يميّزها هو غابات الأرز الثلاث الرائعة، وهي: غابة أرز معاصر الشوف، وغابة أرز الباروك التي تضم الأرزة الشهيرة، وغابة أرز عين زحلتا - بمهريه. وتغطيها الأشجار التي يُقدّر عمرها بنحو 2000 عام، وتحضن أصنافاً متنوعةً من الطيور والنباتات البرية والحيوانات، ومنها الثدييات المتوسطة الحجم.

كنا قد تحدّثنا في تقرير سابق عن "وعل الجبل"، وكيف تمكّن فريق المحمية من إعادته إلى جبال ومحميات لبنان كغيره من الطيور والحيوانات الفريدة من نوعها.

"الميادين نت " الذي أعدّ أكثر من تقرير حول المحمية وواكب أخبارها على الدوام انطلاقاً من حرصه على البيئة والحفاظ على المساحات الخضراء، وتقديراً للجهود المبذولة في هذا المضمار، رصد اليوم إعادة إدخال إدارة المحمية حيوان "وعل الجبل" إلى ربوعها بعد 100 عام على انقراضه من جبال لبنان، فأمّنت موطناً لـ 12 رأساً من هذا الحيوان البريّ وفق خطّة علميّة مدروسة تهدف إلى حماية قمم الجبال خلال 5 سنوات.

الاسم العلمي لـ"أبو زريق"

واليوم، سنتكلّم عن طير يسمى في لبنان وبلاد الشام "أبو زريق"، واسمه العلمي "القيق الأوراسي"!

يتهم بعض المزارعين "أبو زريق " بأكل ثمر التفاح، ولكنه في الحقيقة مهتم بالحشرات والآفات فيها، ولا يأكل من التفاحة سوى القليل. أمّا في الخريف، فيأكل البلوط، ويخبّئ منه كميات كبيرة لأجل الأيام الصعبة خلال الشتاء، ولكنه ينسى أحيانا أين خبّأها، فتنبت وتتحوّل إلى أشجار. وكل طائر يخزّن بين 4500 و11 ألف حبة بلوط.

القيق الأوراسيّ أو الزرياب الأوراسيّ أو أبو زُريق الأوراسي هوَ طائر قيق ينتمي إلى فصيلة الغرابيات التابعة لرتبة العصفوريات، ويقطن في كل قارات العالم القديم، وهو يُعد أكثر أنواع فصيلة الغرابيات تلوّناً وزهاءً.

تفضّل هذه الطيور العيش في الغابات، ويَكسو أجسامها ريش ذو لون بني مُزهَرّ. أما جناحاه فهما يَتلونان بالأبيض والأسود، ويَمتد على حافتهما شريط ذو لون أزرق برّاق.

تعيش هذه الطيور في منطقة واسعة تمتد من غرب أفريقيا إلى أقصى شرق آسيا، متضمّنة أجزاءً عديدة من الوطن العربي. وقد تطوّرت عبر هذه المساحة الشاسعة تحت أنواع مختلفة منها حظي كل منها بتصنيف علميّ خاص به.

اقرأ أيضاً: من أهم المناطق الرطبة... لوحاتٌ تأسر الأنظار في مستنقع عمّيق

تملك طيور القيق الأوراسي صوتاً فريداً ومميّزاً تطلقه أحياناً. هذا النداء المُميَّز قليل السماع نسبياً في العادة، لكن مع ذلك، فإنها تمتلك أيضاً عدداً من النداءات الأخرى الأقل ندرة.

كيف يخدم الطبيعة؟

يتحدث موقع مجلة "غدي نيوز" البيئي عن الطائر الجميل، فيقول: "يعد طائر "أبو زريق" الموجود بوفرة في الأراضي اللبنانية، والجميل الريش، صديقاً للبيئة بامتياز، إذ إنه يبدأ في شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر من كل عام في جمع ثمار حبات البلوط والملول ودفنها في التراب بأعداد كبيرة، لتكون "مونة" له استعداداً لفصل الشتاء الطويل وشح الغذاء".

  • "أبو زريق" 

وعندما يحلّ الشتاء ويقل الغذاء، يهرع "أبو زريق" إلى البحث عن أماكن دفنه ثمار البلوط ليتغذّى عليها. وهنا، قد لا تسعفه ذاكرته في تحديد جميع أماكن التخزين، فيجد البعض ولا يجد الآخر، وهو في العادة لا يجد أكثر من 35% من مجموع ما دفن، والثمار التي ينساها تكون قد نالت نصيباً وافراً من مياه الأمطار، وسرعان من تنبت بشكل طبيعي. وبذلك، يكون أبو زريق قد أدّى خدمة طوعية بامتياز لتشجير الأراضي.

ألوان برّاقة وزاهية

"القيق الأوراسي" هو عامة طائر متميّز أنيق ذو ألوان براقة وزاهية وحجم جسد مُتوسط، ويُمكن التعرّف إليه بسهولة عن طريق طرف جناحه الأزرق البراق.

يَبلغ طول هذا الطائر بالمتوسط 33 سنتيمتراً، ويَزن تقريباً 140 إلى 170 غراماً، فيما يَبلغ عرض جناحيه 52 إلى 57 سنتيمتراً تقريباً.

يَمتلك هذا العصفور لوناً بنياً مُزهراً بشكل أساسيّ يُغطي معظم جسده، إلا أن جناحيه مكسوان بخطوط ومسحات من اللونين الأسود والرمادي تتخللهما بعض الخطوط البيضاء، ويَمتد عبر طرف الجناح شريط بلون أزرق برّاق يَجعل تمييز الطائر أسهل بكثير. وبهذا، يَتألف الجناح بالمُجمل من خليط معقّد من الألوان المُختلفة.

اقرأ أيضاً: بعد 100 عام.... "وعل الجبل" في لبنان

بشكلٍ عام، لا تختلف طيور القيق الأوراسي اليافعة عن البالغة منها كثيراً، فجميع أفرادها مُتشابهون جداً، سوى أن طيورها اليافعة تملك ريشاً أغمق قليلاً ومنقاراً رمادياً داكناً وساقين أفقع لوناً وعينين زرقاوين أكثر.

يبقى أن الإناث والذكور في هذه الطيور مُتشابهون كثيراً أيضاً في الحجم واللون، غير أن بعض التغيّرات تطرأ عليهم خلال فصول السنة.