خيم النزوح تجاور أقفاص الحيوانات الجائعة في حديقة غزة

تعيش عائلات فلسطينية في خيم داخل حديقة الحيوان التي قصفها الاحتلال في غزة، ولسان حالهم يقول إن "العيش بين الحيوانات أرحم مما نحصل عليه من الطائرات الحربية في السماء".

  • بعد العدوان: هذه هو حال حيوانات حديقة غزة
    حيوانات حديقة غزة عانت كثيراً بسبب الحصار والعدوان

دمّر الاحتلال الإسرائيلي حديقة الحيوانات في حيّ الزيتون شرق مدينة غزة وتسبّب بموت الحيوانات جوعاً بعد منعه طواقم البلدية من الوصول إليها وأصاب اثنين من العاملين في الحديقة حاولا الوصول إليها في بداية العدوان وحرب "الإبادة الجماعية" التي يرتكبها بحق المدنيين في قطاع غزة.

 بلدية غزة كانت قد ذكرت أن مساحة الحديقة تبلغ نحو 4 دونمات وتضم نحو 100 من الحيوانات المختلفة مثل الأسد والقرد والكلاب الهجينة والذئاب وأنواع مختلفة من طيور الزينة، إضافة إلى ألعاب للأطفال وجلسات للزوّار، ومبنى إدارة الحدائق والأسوار.

وتضم حديقة الحيوانات إضافة إلى أسدين: عدة نسور، بعض الحمام، وبعض الثعالب والنمس المصري، وبعض القطط، الكلاب، الخيول، الذئاب، الإوز، السلاحف،والغزلان والقردة والدجاج والدراج والطاووس والجمال.

خيم نازحين في الحديقة

وإلى حديقة حيوان رفح هجع العشرات من سكان غزة  النازحين والمعوّزين، وأقاموا خيمهم بين الأقفاص حيث تصرخ القرود والببغاوات والأسود الجائعة طلباً للطعام بسبب العدوان الإسرائيلي.

وعانت الحيوانات في الحديقة كحال السكان في غزة بسبب الظروف القاتمة التي يفرضها الحصار الإسرائيلي، وسبق للحديقة أن تعرّضت لأضرار كبيرة بعد تجريفها عام 2004 من قبل العدو، وكذلك خلال العدوان الإسرائيلي عام 2008 - 2009.

وترك عدوان 2012، آثاراً  كبيرة على الحيوانات والطيور التي نفق عدد منها، وخلق بيئة غير مواتية، وفاقم ذلك تردّي الأوضاع الاقتصادية وعزوف الناس عن التوجّه إلى الحديقة.

وفي السنوات الماضية، واجهت حديقة الحيوان الوحيدة في رفح في قطاع غزة نقصاً حاداً في غذاء الأسود وباقي الحيوانات بسبب شحّ اللحوم والارتفاع الشديد في أسعار الأعلاف.

الحيوانات أرحم من قصف الطائرات!

وكما هو الحال خلال الاعتداءات المتكررة، يخشى صاحب الحديقة أحمد جمعة فقدان الحيوانات واحداً تلو الآخر نتيجة نقص الغذاء، وهنا يقول "الوضع مأساوي للغاية، لا يوجد طعام أو ماء أو دواء أو أي شيء".

وأضاف: "ولدت اللبؤة، لكننا لم نتمكّن من توفير الطعام لها، فمات أشبالها". وحدث الشيء نفسه مع القرود والطيور".

وأضاف أن أم الصغار فقدت نصف وزنها منذ بدء العدوان، حيث انتقلت من وجبات الدجاج اليومية إلى حصص الخبز الأسبوعية.

وأوضح، إن 4 قرود ماتوا بالفعل، وأصبح الخامس الآن ضعيفاً للغاية لدرجة أنه لا يستطيع حتى إطعام نفسه عندما يتوفّر الطعام.

في السياق، يقول سفيان عابدين، وهو خبير بيطري يعمل في الحديقة، إن الحيوانات تنفق وتمرض كل يوم. وأضاف: "كل يوم نلاحظ حالات نفوق وجوع والضعف والأنيميا... بالنسبة للأكل، مفيش أكل".

من جهته، قال عادل جمعة، الذي غادر مدينة غزة: "هناك العديد من العائلات التي تم القضاء عليها بالكامل. والآن تعيش عائلتنا كلها في حديقة الحيوان هذه، فالعيش بين الحيوانات أرحم مما نحصل عليه من الطائرات الحربية في السماء".

وبالفعل، فقد نصب العشرات من سكان غزة المعوزين خياماً بين أقفاص حديقة حيوانات في رفح، وسط أصوات القرود والببغاوات والأسود الجائعة طلباً للطعام، بعد مرور 12 أسبوعاً على شن "إسرائيل" هجومها على القطاع الفلسطيني.

 

تحنيط الحيوانات النافقة!

ومنذ أيام، دمّر "الاحتلال الإسرائيلي" مشتل بلدية غزة في شمال شرق المدينة والذي تستخدمه البلدية في توريد الشتلات والأشجار لزراعة الشوارع والحدائق والأرصفة والمؤسسات.

اقرأ أيضاً: الاحتلال يدمّر مشتل غزة ويقتلع نحو 55 ألف شجرة

وتبلغ مساحة المشتل نحو 13 ألف متر مربّع ويضم نحو 100 ألف شتلة موزّعة على 700 صنف من نوعيات مختلفة من الأشتال، إضافة إلى الدفيئات الخاصة وشبكات الري الخاصة بالمشتل.

واقتلع العدو منذ بدء العدوان وحرب الإبادة الجماعية نحو 55 ألف شجرة من الشوارع والجزر والحدائق والمزارع الخاصة بالمواطنين، وكذلك دمّر 8 حدائق عامة و20 ميداناً رئيساً في تقاطعات الطرق.

  • بعد العدوان: هذه هو حال حيوانات حديقة غزة
    صورة أرشيفية لحيوانات حديقة غزة

من جهتها، أكدت البلدية أن "الاحتلال الذي يمنع وصول الغذاء للمدنيين في قطاع غزة منع وصول الطعام الخاص بالحيوانات للحديقة، ما تسبّب بموتها جوعاً في خرقٍ كبير لأبسط قواعد القانون الدولي".

وشملت قائمة الحدائق التي دمّرها الاحتلال، (حديقة الجندي المجهول ومتنزّه البلدية وهما أكبر وأقدم الحدائق في المدينة، وحديقة الحيوان، وحديقة الصداقة، وحديقة الشجاعية، وحديقة القبّة، وحديقة برشلونة)، وحدائق أخرى في المدينة.

في السابق، لجأت حديقة الحيوان تلك إلى التحنيط للحفاظ على الحيوانات النافقة وعرضها، في حين قامت حديقة حيوان أخرى بالقطاع برسم خطوط على الحمير في محاولة لجعلها تبدو كالحمير المخططة!

  • القيّمون على الحديقة لجأوا إلى تحنيط الحيوانات!
    القيّمون على الحديقة لجأوا إلى تحنيط الحيوانات! (الصورة: الأناضول)

 وخلال الأعوام الماضية، تمّ تحنيط 15 حيواناً نافقاً منها أسد وشمبانزي ووضعها للعرض في الحديقة التي كان سكان غزة يطلقون عليها "غابة الجنوب".

بالتوازي، نقلت جمعية "فور باوز" الخيرية  السلاحف وغيرها من الحيوانات إلى مركز إنقاذ في الأردن، كما نقل النمر الوحيد بالحديقة إلى ملاذٍ في جنوب أفريقيا.

ولـ 9 مرات  عاد فريق من "فور باوز العالمية/ Four Paws" التي تُعنى بشؤون الحيوانات والطيور المفترسة والجارحة لقطاع غزة"، للسبب والغرض ذاته، وهو إنقاذ حيوانات وطيور تعيش داخل حدائق غير حكومية من خطر النفوق، لسوء الأوضاع الاقتصادية والظروف البيئية المحيطة.

ونزح جميع سكان غزة تقريباً البالغ عددهم 2.3 مليون تحت وطأة القصف الإسرائيلي الذي حوّل معظم القطاع إلى أنقاض.

ويتجمّع الكثيرون الآن في مدينة رفح الجنوبية، حيث تعجّ الشوارع والأراضي الخلاء بمخيمات مؤقتة للاحتماء.