كيف تقتل هذه السمكة الزاهية الإنسان! (فيديو وصور)
يشير مدير متحف الحياة البحرية والبرية د.جمال يونس إلى أن مكمن خطورة السم في السمكة المنتفخة يتجلى في جلدها وكبدها، ورغم ذلك تعتبر من الأطباق الباهظة الثمن في بعض الدول الآسيوية.
هل لك أن تتصوّر سمكة منتفخة الوجنتين تواجهك وأنت تغوص في أعماق الماء؟
هل تتخيّل أن هنالك سمكة ترفل برداءٍ ملوّن على شكل صندوق!؟
تعجّ المحيطات والبحار بملايين المخلوقات والأسماك، منها ما هو معهود ومعروف لدى البشر، ومنها ما هو غامض كالأسماك المنتفخة والسامة وغيرها.
وفي السياق، تعيش معظم أنواع الأسماك المنتفخة (Tetraodon بالإنكليزية) في المياه القليلة الملوحة، لكن يمكن لبعض أنواع الأسماك أن تدخل المياه العذبة، إذ تقضي نحو 35 نوعاً من هذه الأسماك دورة حياتها بأكملها في المياه العذبة، كتلك الموجودة في المناطق الاستوائية المنفصلة في أميركا الجنوبية، وأفريقيا، وجنوب شرق آسيا.
ويوجد أكثر من 120 نوعاً من الأسماك المنتفخة، تتميز بأجسادها الطويلة المدببة برؤوس منتفخة.
الباحثة في علم الغذاء الدكتورة كريستل أبو متري توضح أن هذا النوع من السمك لم يكن موجوداً في لبنان، كونه يعيش أكثر في المياه الدافئة. لكن تكاثر في السنوات الأخيرة، منتقلاً من البحر الأحمر حيث لطالما كان موجوداً بمعدلات كبرى.
وتلفت إلى أن السبب وراء كونها سامة يعود إلى أن ثمة بكتيريا تنمو فيها وتنتج مادة كيمائية سامة هي الـtetrodotoxin وهي لا تتأثر بالحرارة. وبالتالي حتى في حال طهوها لن يكون من الممكن التخلص منها".
بدوره، يشير مؤسس ومدير متحف الحياة البحرية والبرية في منطقة جعيتا اللبنانية الدكتور جمال يونس لـ "الميادين نت" إلى أن أشكال هذه السمكة المعروضة في متحفه عديدة، وهي تتفاوت في "السميّة"، بين نوع وآخر، وأخطرها Brown Buffer Fish المستطيلة الحجم، فجلدها سام أيضاً، لكن مكمن الخطورة هو في الكبد.
المفارقة هنا أن هذه السمكة مدرجة على مائدة الأطباق الشهية في اليابان والكوريتين والصين، وتعتبر من الأطعمة الغنية والباهظة الثمن، بحسب يونس، الذي يكشف أن طهوها يحتاج إلى "طباخ" متخصص ممتاز في هذا النوع من السمك.
#حقائق_اليابان تحتاج 11 سنة من التدريب الشاق لتصبح طباخ لسمك الفوجو( سمك سام) و اكله بنفسك بعد طبخه لتأخذ الشهادة. pic.twitter.com/ke7RAYhCg0
— جابنيزي (@Japnesy) August 16, 2016
ويوضح أنها تعيش إجمالاً في المياه الدافئة، خاصة المحيطين الهندي، والباسيفيكي، والبحر الأحمر، والخليج، وقد وصلت عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط واستوطنت فيه حديثاً، أي قبل نحو 20 عاماً فقط".
سمكة "الصندوق" السامة!
والمتحف يضم أيضاً سمكة سامة نادرة وهي تُعرف بسمكة الصندوق، وأيضاً باسم سمكة البقرة إشارة لشكل الرأس، وهي من عائلة الأسماك البحرية العظمية، وتتميّز هذه السمكة بشكلها الغريب وجسمها المربع ومقاييسها المدرعة الثقيلة، وتعتبر من الأسماك السامة البطيئة للغاية في السباحة.
وتنمو الأنواع المختلفة من سمك الصندوق بأحجام مختلفة تتراوح ما بين 3 إلى 18 بوصة، وعندما تكون صغيرة يكون لونها أصفر ساطعاً، ومع التقدّم في العمر قد يتلاشى اللمعان وفي العيّنات الكبيرة في السن قد يتحوّل اللون الأصفر الباهت من الأزرق إلى الرمادي ثم الأسود.
واللافت أن بعض هذه الأسماك يحتوي على رسومات وألوان زاهية تعكس درجة سمّيتها، في حين أن البعض الآخر يكون أقل وضوحاً بألوانه، ويستخدم تقنية التمويه مع الألوان المحيطة.
وتعد المادة السامة الموجودة في بعض أنواع "المنفاخ" أقوى من الزرنيخ بـ 10000 مرة، فكل 0.75 ملغ منها تستطيع قتل شخص بوزن 70 كيلوغراماً، بينما إذا كانت أقل سميّة فيعالج المصاب عبر دعم هوائي باكر للقلب وإفراغ المعدة من السوائل في المستشفى.
سمّها لا يقتل القرش!
وبحسب دراسة لمجلة "آسيا والمحيط الهادئ للطب الاستوائي"، فإن السم العصبي الأشد فتكاً لديها وجد في المقام الأول في المبايض والكبد، في حين أن كمية السم تأتي أقل في الأمعاء والجلد، وأقل من ذلك في العضلات.
ونشير إلى أن سميّة هذه الأسماك لا تقتل دائماً الكائنات الأكبر حجماً (كسمكة القرش)، لكنها قادرة على قتل البشر.
ومع ذلك، ليست كل أنواع المنفاخ سامة بالضرورة، فعلى سبيل المثال، لحم "المنفاخ" الشمالي ليس ساماً، وكذلك نوع “ليزارد فيش” (Lizardfish).
وقد تسبب أسماك "البالون" تسمماً سريرياً مميزاً مع معدل وفيات مرتفع، ولكن في اليابان والصين (اللتين تشتهران بالمأكولات البحرية) تعتبر طعاماً شهياً. بينما في الدول الغربية، لا يتم استهلاك الأسماك المنتفخة إلا بشكل متقطع، إذ كانت مسؤولة عن حالات تسمم.
يمكن أن تكون السمكة المنتفخة مميتة إذا لم تقدم بشكل صحيح، إذ ينتج التسمم من هذا النوع من الأسماك عند طهوها بشكل خاطئ، وذلك بإزالة الأجزاء التي تحمل السم بجسد السمكة.
لا ترياق للتسمم!
الخطير في الإصابة أنه حتى يومنا هذا لا يوجد أي ترياق مضاد لسم سمكة "المنفاخ".
وعادة ما يؤدي تناول سمكة "المنفاخ" من نوع “فوغو شيري” (إذا لم تطهَ بشكل صحيح)، إلى التسمم وخفة الرأس وتنميل الشفاه.
بينما يسفر أكل سمكة "تيترودوتوكسين" عن شلل اللسان والشفتين، فضلاً عن الدوار والقيء والتنميل في الجسم، يلي ذلك تسارع ضربات القلب، وانخفاض ضغط الدم، وشلل العضلات.
السم قادر على شل عضلة الحجاب الحاجز، ما يمنع المصاب من القدرة على التنفس، وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة، أو الدخول في غيبوبة تستمر لأيام في أفضل الأحوال.
أعراض
في حال تناول السمكة المنتفخة، والتسمّم منها يمكن أن تظهر أعراض أولى كالثقل في اللسان والتنميل في الشفتين، فالمادة السامة تدخل إلى الجهاز العصبي وتعطّله فتسبّب الشلل وتعطّل عضلات الجهاز التنفسي والاختناق وصولاً إلى الوفاة.