الأمم المتحدة تحذّر من استنزاف الموارد المائية

الأمم المتحدة تحذّر من استنزاف موارد كوكب الأرض المائية، وأمينها العام يقول إنّ العالم "يسير على نحو أعمى في طريق محفوف بالمخاطر".

  • الأمم المتحدة: لم نُفوّض حتى الآن بالتحقيق في تفجير أنابيب غاز
    الأمم المتحدة تعقد مؤتمراً يهدف إلى بحث كيفية تلبية احتياجات المليارات المعرّضين لأزمة مائية

حذّرت الأمم المتحدة من استنزاف موارد كوكب الأرض المائية "قطرة بعد قطرة"، قبل بدء مؤتمر اليوم الأربعاء الذي يهدف إلى بحث كيفية تلبية احتياجات مليارات البشر المعرَّضين لأزمة مائية عالمية وشيكة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مقدمة تقرير نُشر قبل ساعات من مؤتمر الأمم المتحدة حول المياه، الذي يعقد للمرة الأولى منذ قرابة نصف قرن، إنّ "الاستهلاك المفرط والتنمية المفرطة والاستغلال غير المستدام لموارد المياه والتلوث والاحتباس الحراري الخارج عن السيطرة، كلها عوامل تستنزف، قطرة تلو الأخرى، مصدر الحياة هذا بالنسبة للبشرية".

وأضاف غوتيريش أنّ العالم "يسير على نحو أعمى في طريق محفوف بالمخاطر... وكلنا نعاني من عواقب ذلك".

وتعاني بعض المناطق من شح المياه، وتواجه أخرى كميات غزيرة منها بسبب كثافة المتساقطات، أو تعاني من تلوث المياه.

ودفع تكرّر المآسي التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، إلى التحذير من "الخطر الوشيك لحدوث أزمة مياه عالمية".

وقال المؤلف الرئيسي ريتشارد كونور لوكالة "فرانس برس" إنّ "عدد الأشخاص الذين سيتأثرون بأزمة المياه العالمية هذه يتوقّف على السيناريو المتَّبَع... إذا لم يتم فعل أي شيء، سيعاني ما بين 40 و50% من سكان العالم من نقص خدمات الصرف الصحي ونحو 20-25% من شح المياه الصالحة للشرب".

وحتى إذا لم تتغيّر النسب المئوية، فإنّ عدد سكان العالم يتزايد، ومعه عدد الأشخاص المتأثرين بهذه المشكلة.

وفي محاولة لعكس الاتجاه مع الأمل في ضمان حصول الجميع على مياه الشرب ومياه للمراحيض بحلول عام 2030، وهي أهداف حُدِّدت في عام 2015، يجتمع نحو 6500 مشارك، بينهم مئات الوزراء وعشرات رؤساء الدول والحكومات حتى يوم الجمعة المقبل في نيويورك، للعمل على الخروج بالتزامات محددة.

ولم يتم تنظيم أي مؤتمر بهذا الحجم منذ عام 1977 حول هذه المسألة الحيوية التي تم تجاهلها طويلاً، لكن بعض المراقبين يبدون قلقهم بشأن نطاق هذه الالتزامات وتوفّر التمويل اللازم لتنفيذها.

"علينا أن نتحرك الآن"

وقال جيلبير هونغبو، وهو رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية التي تتولى تنسيق عمل الأمم المتحدة التي ليست لديها هيئة مخصصة لهذا الموضوع، "هناك الكثير من الجهد المطلوب والوقت ليس في صالحنا".

بدوره، قال المبعوث الخاص للمياه من هولندا هينك أوفينك لوكالة "فرانس برس": "لقد كسرنا دورة المياه... علينا أن نتحرك الآن لأنّ انعدام الأمن المائي يقوّض الأمن الغذائي والصحة وأمن الطاقة والتنمية الحضرية، ويفاقم المشكلات الاجتماعية. علينا أن نتحرك قبل فوات الأوان".

وفي عالم ازداد فيه استخدام المياه العذبة على مدار الـ40 عاماً الماضية بنحو 1% سنوياً، يسلّط تقرير لجنة الأمم المتحدة للمياه الضوء على نقص المياه الذي يوشك أن "يصير معمّماً على نطاق واسع"، ويزداد سوءاً مع تأثير الاحترار العالمي.

ومن المتوقع أن يطال نقص المياه قريباً المناطق التي كانت بمنأى عن هذه الفاقة في شرق آسيا أو أميركا الجنوبية.

ويعيش نحو 10% من سكان العالم في بلدان وصل فيها الإجهاد المائي إلى مستوى عالٍ أو حرج. ووفقاً لتقرير خبراء المناخ التابعين للأمم المتحدة الذي نُشر الاثنين، يعاني "نحو نصف سكان العالم" من نقص "حاد" في المياه خلال جزء من العام على الأقل.

ويسلّط هذا الوضع الضوء أيضاً على انعدام المساواة. وقال ريتشارد كونور: "أينما كنت، إذا كنت غنياً بما يكفي، ستتمكّن من الحصول على الماء... كلما كنت أفقر، كنت أكثر عرضة لأن تعاني من هذه الأزمات".

ولا تكمن المشكلة في نقص المياه فحسب، بل في تلوّث المتاح منها أيضاً، بسبب انعدام أنظمة الصرف الصحي أو تهالكها.

وتهدّد كل مصادر التلوث الطبيعة، ووفقاً للتقرير، تعد النظم البيئية للمياه العذبة التي تقدّم خدمات لا تقدّر بثمن للبشرية، بما في ذلك المساعدة على مكافحة الاحتباس الحراري وتأثيراته، "من بين أكثر النظم المهددة في العالم".

ويشرب ما لا يقل عن ملياري شخص المياه الملوّثة بالبراز، ممّا يعرّضهم للكوليرا والديزنطاريا (الزحار) والتيفوئيد وشلل الأطفال. هذا إضافة إلى التلوث بالأدوية أو المواد الكيميائية أو مبيدات الآفات أو اللدائن الدقيقة أو المواد النانوية.

ولضمان حصول الجميع على مياه الشرب بحلول عام 2030، يجب مضاعفة المستويات الحالية للاستثمار بـ3 أضعاف على الأقل، بحسب تقديرات لجنة الأمم المتحدة للمياه.