تقرير: التاريخ الإمبريالي وراء حرائق هاواي

موقع "Scheerpost"، يعتبر أنّ الولايات المتحدّة والإمبريالية تقفان خلف حرائق الغابات في لاهاينا، والعديد من الأزمات في هاواي، بدءاً من تهجير سكانها الأصليين وصولاً الى أزمة المياه. 

  • كيف خلقت الإمبرالية الأزمات المتعاقبة في هاواي ووصلت الى حرائق الغابات؟
    حريق غابات لاهاينا. 

رأى موقع "Scheerpost"، أنّ تغيّر المناخ والكوارث الأخرى يترتبط ارتباطاً مباشراً بالرأسمالية بشكل عام، وخصائص كيفية لعب الاستعمار والإمبريالية في هاواي.

وأضاف أنّه "من أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى إعصار كاترينا، تستخدم البرجوازية كارثة الطبقة العاملة كمصدر خصب "للتجديد" لتحقيق أرباحها الخاصة". 

وتابع أنه، في 8 آب/أغسطس، اندلع حريق في غابات في لاهاينا، باعتبارها العاصمة السابقة لمملكة هاواي، تعد لاهاينا موقعاً تاريخياً وثقافياً مهماً لسكان هاواي الأصليين (كاناكا ماولي). 

في قلب هذه الكارثة يكمن النضال الطويل والمستمر من أجل حقوق المياه والأراضي لسكان هاواي الأصليين.

وأضاف الموقع أنّه في المئة عام الأولى من الاتصال بالعالم الغربي، بدءاً من البريطانيين في أواخر القرن الثامن عشر، تعرّض سكان هاواي لمعاملة وحشية بسبب المرض والعنف والتدهور البيئي الناجم عن استغلال الموارد الطبيعية للجزر.

جاء "المبشّرون" من نيو إنجلاند (إقليم إنكلترا الجديدة)، لمحاولة تحويل السكان الأصليين إلى المسيحية، وقمع الممارسات الثقافية التقليدية، وفتح المدارس الدينية، وتأكيد النفوذ السياسي في الحكومة المتأثرة بالغرب.

وبحلول عام 1840، قدّرت سجلات التعداد أن ما لا يقل عن 84% من السكان الأصليين قد تم القضاء عليهم أو غادروا الجزر.

زراعة قصب السكر.. ذريعة للاستعمار الأميركي

طوال القرن التاسع عشر، اهتمت الولايات المتحدة بشكل كبير بهاواي لمواردها الطبيعية الخام وموقعها الجغرافي الاستراتيجي للمصالح الإمبريالية والعسكرية الأميركية في المحيط الهادئ.

 أصبح قصب السكر مورداً أساسياً، خاصة خلال الحرب الأهلية، عندما تم قطع الولايات الشمالية عن السكر المزروع في الجنوب. وأنشأ "الرأسماليون" من الولايات المتحدة مزارع ومطاحن السكر، وشحنوا منتجاتهم لبيعها في الولايات المتحدة. 

في سبعينيات القرن التاسع عشر، وقّعت الولايات المتحدة ومملكة هاواي معاهدة ألغت التعريفات الأميركية على السكر والأرز، مما مهّد الطريق لمضاعفة أرباح المزارع.

وبسبب انخفاض عدد السكان الأصليين، احتاجت شركات قصب السكر إلى المزيد من العمال، مما أدى إلى وصول العمال الصينيين واليابانيين والبرتغاليين إلى الجزيرة بحثاً عن عمل. وفي الوقت نفسه، جلب الجيش المزيد من الأميركيين "البيض" وعائلاتهم.

 في العام 1893، أطاحت "رابطة هاواي"، وهي جمعية سرية من رجال الأعمال "البيض" بمساعدة البحرية الأميركية، بالملكة ليليوكالاني وسجنتها، وضمت الولايات المتحدة الجزر رسمياً كمستعمرة في عام 1898. ومع نمو القاعدة العسكرية والصناعات، نما الاستعمار الاستيطاني. 

في نهاية المطاف، كان عدد كبير جداً من  الأميركيين يعيشون في الجزر (نحو 90% من سكانها)، لدرجة أن الإقليم منح صفة "الدولة" في عام 1959.

أمّا بالنسبة لسكان هاواي الأصليين، فلم تكن هذه "الدولة" موضع ترحيبٍ أبداً. إذ مثّلت مصالح الشركات ومعقل الاستعمار الاستيطاني في وطنهم "المتغيّر بسرعة".

 أنتجت مصالح الشركات هذه أيضاً أزمة المياه في هاواي، والتي مهّدت الطريق للمأساة في لاهاينا.

فيما، حافظ سكان هاواي الأصليون على أنظمة زراعة وتربية الأحياء المائية المتجددة الواسعة النطاق التي غذت سكانها وحافظت على البيئة الطبيعية، قبل التدخّل الغربي. 

 "كانت لاهاينا قبل الاستعمار نظاماً بيئياً للأراضي الرطبة وفيراً بالحياة. لكن، في أواخر القرن الـ 19 وأوائل القرن الـ 20 بدأت مزارع السكر المملوكة للبيض في ماوي لتحويل المياه بشكل غير قانوني إلى محاصيلها، وتجفيف الأراضي الرطبة. كما أدخلت هذه المزارع أنواعاً نباتية غير محلية لرعي الحيوانات التي ساعدت في تأجيج حرائق ماوي".

الجيش الأميركي.. سبب رئيسي في أزمة مياه هاواي

 كان الجيش الأميركي أيضاً سبباً رئيسياً لأزمة المياه في هاواي، والتي تعود إلى أكثر من مئة عام، إذ تم بناء قاعدة "بيرل هاربور" البحرية على ما كان في السابق بركة أسماك مستدامة مزدهرة، والتي كانت جنباً إلى جنب مع ما يقرب من 360 بركة أسماك أخرى حول هاواي، تغذي نحو نصف مليون شخص. 

وبحلول عام 1985، لم يتبقَ سوى سبع من تلك البرك. اليوم، قاعدة "بيرل هاربور" البحرية هي موقع مخصص للتمويل الفائق على القائمة الفيدرالية للمناطق الملوثة ذات الأولوية للتنظيف.

 في السنوات الأخيرة، تفاقمت أزمة المياه في هاواي. على الرغم من أن الجيش حاول التستر على ذلك.  إن التأثير الاجتماعي والبيئي الضار للجيش ليس محسوساً بأي حال من الأحوال على هاواي وحدها - فالجيش الأميركي يقود الانهيار البيئي في جميع أنحاء الكوكب.

وإضافة إلى المؤسسة العسكرية، تستهلك صناعة السياحة المياه بمعدل غير مستدام. وشعب هاواي هو الذي يدفع ثمناً باهظاً لأزمة المياه.

في العام الماضي (2022)، تم فرض قيود إلزامية على المياه للسكان المحليين مع غرامات تصل إلى 500 دولار، في حين لم يتم وضع مثل هذه القيود على صناعة السياحة، على الرغم من أنها تمثّل ما يقرب من نصف استهلاك المياه في الجزيرة الكبيرة. 

ويخشى الكثيرون من أن تؤدي الحرائق إلى نزوح السكان الأصليين من لاهاينا، الذين يتم بالفعل الاتصال بالكثير منهم من قبل مطوّري العقارات لشراء منازلهم للسياحة. من أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى إعصار كاترينا، تستخدم البرجوازية كارثة الطبقة العاملة كمصدر خصب "للتجديد" لتحقيق أرباحها الخاصة.