"حياة خفية" وشلالات ساخنة في صحراء "أتاكاما" الوردية

أفضل وقت لزيارة المسطّح الملحي هو عند غروب الشمس.  بينما يكون كلّ شيء خلال النهار شاحباً، ولكن مع غروب الشمس، تتحوّل المناظر الطبيعية من اللون الوردي إلى اللون الأحمر الناري النابض بالحياة.

  • الأكثر جفافاً.. حياة خفية في صحراء أتاكاما الوردية
     صحراء أتاكاما الوردية (الصورة: رويترز)

تحلّت صحراء "أتاكاما"، التي تعتبر الصحراء الأكثر جفافاً على هذا الكوكب، بثوب من الورود الأرجوانية والبيضاء بطول كيلومترات عديدة، هذا الأسبوع، والتي أزهرت بفضل الأمطار غير العادية، التي سجّلت وجودها قبل فترة في تلك المنطقة من شمال تشيلي.

وتعدّ صحراء أتاكاما واحدة من أكثر المناطق عزلة وجفافاً في العالم. وتتعرّض بعض أجزاء الصحراء التي تزيد مساحتها عن 40 ألف ميل مربّع إلى هطول أمطار من حين لآخر، لكن المناطق الأكثر جفافاً لا ترى قطرة واحدة من الأمطار طوال العام.

 ولكن رغم ذلك تكيّفت الحياة في أتاكاما (في تشيلي بأميركا الجنوبية) بشكلٍ فريد لتزدهر في هذه الظروف. وأصبحت بلدة "سان بيدرو"، التي تقع على بعد نصف يوم بالسيارة من حدود بوليفيا، واحدة من أكثر المراكز شهرة في المنطقة، حيث يتوافد المئات لرؤية العجائب الجيولوجية الطبيعية.

الوديان الصخرية

وعلى ارتفاعات منخفضة، يمكن للسيّاح الاستمتاع بمجموعة متنوّعة من التكوينات الطبيعية، حيث تعدّ الصحراء موطناً لعدد من البراكين الصغيرة والنشطة ولكنها نادراً ما تكون مزعجة.

وتقع الوديان الصخرية بين هذه التكوينات ويمكن الوصول إليها بسهولة من "سان بيدرو". عن قرب، تبدو الجدران الصخرية حيّة، كما لو أنها لم تستقرّ في مكانها تماماً. ذلك لأنه مع ارتفاع درجات الحرارة على مدار اليوم وتوسّع المياه في الصخور، يمكن سماع مئات الأصوات الصغيرة عندما تنكمش الصخور ببطء.

من حين لآخر، يمكن رصد عش صقر الشاهين في الأخاديد الصحراوية، على الرغم من صعوبة رؤية الصقر في الواقع. ويلاحظ المرشدون السياحيون أن الطيور تميل إلى تجنّب الناس-. كما أن أحد أنواع الطيور التي لا يبدو أنها تهتم بالناس وهي طيور النحام، وتقع أعشاشها بالقرب من سالار دي أتاكاما (أكبر مسطّح ملحّي في تشيلي). ويمكن العثور عليها في برك صغيرة من المياه المالحة تتخلّلها مساحة ملحّية تبلغ 1200 ميل مربع.

  • الصحراء تضم 80 ينبوعاً حاراً مع أعمدة من البخار
    الصحراء تضمّ 80 ينبوعاً حاراً مع أعمدة من البخار

أما المسطّحات الملحّية فهي تكوينات جيولوجية تنفرد بها الصحاري. بينما تتكوّن البحيرات عادةً عند وجود منخفضات في التضاريس، يتبخّر الماء بسرعة في الصحاري، تاركاً وراءه المعادن. في حين أن بعض المسطّحات الملحّية ناعمة تماماً، فإن مسطّحات أتاكاما فيها الآلاف من تشكيلات الملح الصغيرة المصغّرة التي تبدو وكأنها نتوءات مقلوبة رأساً على عقب.

أما أفضل وقت لزيارة المسطّح الملحي فهو عند غروب الشمس.  بينما يكون كل شيء خلال النهار شاحباً، ولكن مع غروب الشمس، تتحوّل المناظر الطبيعية من اللون الوردي إلى اللون الأحمر الناري النابض بالحياة.

وبمجرّد التأقلم مع ارتفاعات المنطقة يمكن للسيّاح زيارة حقل قريب من الينابيع الحارة يسمى El Tatio.

يحتوي حقل الطاقة الحرارية الأرضية على أكثر من 80 ينبوعاً حاراً مع أعمدة من البخار تتدحرج عبر المناظر الطبيعية. يعيش في المنطقة عدد من الحيوانات التي تنفرد بها المرتفعات الصحراوية مثل. الفيكونيا أحد أقارب اللاما، والقوارض من عائلة شينشلا.

الليل في صحراء أتاكاما يبدو مختلفاً، فسماء المنطقة المرتفعة والصافية تجعله مكاناً مثالياً لمشاهدة النجوم. حتى وكالة ناسا قد لاحظت ذلك، حيث قامت بتركيب تلسكوبات ضخمة تلتقط صوراً عالية الدقة للكواكب البعيدة وتبحث عن علامات الحياة. الأكثر من ذلك أن الصحراء تساعد وكالة الفضاء على فهم شكل الحياة على كوكب المريخ بشكل أفضل.

إذ إنّ معظم الكائنات الحية في أتاكاما عبارة عن ميكروبات، فهي الكائنات الحية الوحيدة القادرة على العيش في مثل هذه الظروف الجافة.  الأمر الذي جعل العلماء يعتقدون أن هذا قد يكون هو الحال على المريخ أيضاً، على الرغم من أن الكوكب الأحمر أكثر برودة بشكلٍ ملحوظ.