سلاحف "تتحدى" على طريقتها من بحر جنوب لبنان!

بحر جنوب لبنان حيث كان على موعد مع حدث علمي وبيئي مميز، رغم العدوان الإسرائيلي اليومي، فقد خرجت السلاحف البحرية من نوع سلحفة ذات الرأس الضخم، من بيوضها منطلقة نحو البحر في أول تفقيس على الشاطئ اللبناني خلال العام 2019.

  • رغم عدوان الاحتلال..  أيادٍ تواكب عودة السلاحف إلى بحر الجنوب اللبناني!
    رغم عدوان الاحتلال.. أيادٍ تواكب عودة السلاحف إلى بحر الجنوب اللبناني!

لم تُثنِ الاعتداءات الإسرائيلية المواطن اللبناني عن مواصلة حياته اليومية، بل أن آلاف المغتربين يعودون إلى وطنهم لتمضية عطلة فصل الصيف، مع عددٍ هام من السوّاح.

لا يلوي اللبناني على شيء! فقد اعتاد معايشة الأزمات والحروب، لا بل اجترح المعجزات في سبيل البقاء، ومن اللبنانيين من أبدع كلٌّ في مجاله ومضماره.

"أمل رغم الألم"!

هذا الشعار لازَم الشعب اللبناني طيلة أعوام، بل عقودٍ من الزمن، ما فقأ أعين الأعداء وأصابها في مقتل!

فهذا البلد العربي الصغير كان الوحيد الذي تمكّن من تحرير أرضه من العدو الإسرائيلي عام 2000، وعاد وهزمه عام 2006، كما دحَر الإرهاب عن أرضه وعن دول الجوار عام 2017.

  • حفظ البيض تحت الرمال
    حفظ البيض تحت الرمال

يقول محللون إن دولاً لم تحقق مآربها في لبنان عبر العدوان، فمضت إلى تنفيذ مخططاتها عبر الفتن وتشديد الحصار الاقتصادي والتضييق عبر رفع سعر الدولار إلى مستويات سحابية.

اقرأ أيضاً: "أمل رغم الألم" في لبنان... وعينٌ على البحر!

 رغم كل ذلك، بقيّ اللبناني على تفرّده وتمايزه، كلٌّ في نطاق عمله وشغفه، فلم يسجّل أن دولة العالم، يستهدفها العدو يومياً باعتداءات واغتيالات، ورغم ذلك، تجد الحياة فيها شبه طبيعية في الأغلب الأعمّ من مناطقها! مع انعقاد مهرجانات في معظم القرى والمدن، ومناسبات واحتفالات وحجوزات كاملة للمطاعم والفنادق!

في المقلب الآخر، يرزح الاحتلال تحت ضربات ردع المقاومين،من لبنان وغيرها من جبهات الإسناد، فمرافقه العامة  تعطلت، وشركاته الكبرى قد أقفلت، مع نزوح آلاف الإسرائيليين، خاصة من المناطق القريبة من لبنان، ما جعل إعلام الاحتلال يقول "إننا فقدنا الشمال"!  

اقرأ أيضاً: بين نفق الناقورة و"كاريش".. ظهورنا محمية والخيارات مفتوحة (فيديو)

وعلى الرغم من الحرب المستمرة على جنوب لبنان تطالعنا مبادرات بيئية لا يمكن إلاّ التوقّف عندها منها احتفالية بإطلاق السلاحف البحرية عند شاطئ "حمى المنصوري"  جنوب لبنان (بين الناقورة و صور) . 

الحفاظ على السلاحف: مهمة وطنية

على مسافة بضعة كيلومترات من أماكن الاستهدافات الإسرائيلية لجنوب لبنان أطلقت الناشطة البيئية فاديا جمعة مع فريق "حمى المنصوري" الدفعة الأولى من صغار السلاحف البحرية من نوع ضخمة الرأس Caretta  Caretta عند شاطئ الحمى، و السلحفاة الخضراء (chelonia mydas)، بالتعاون مع  جمعية كشافة الرسالة الاسلامية في البلدة و حضور عشرات المواطنين.

وتمتلك Caretta caretta توزيعاً عالمياً، حيث يتردد على المياه الساحلية المحيطة والقريبة من الشواطئ في المناطق الاستوائية والمعتدلة "في البحر الأبيض المتوسط، وتوجد جميع أعشاش هذا النوع تقريباً في الحوض الشرقي، بشكلٍ أساسي في اليونان وليبيا وتركيا وقبرص وبدرجة أقل في بلدان أخرى، مثل لبنان وفلسطين المحتلة وتونس.

أمّا السلحفاة الخضراء (chelonia mydas) فهي أحد أنواع السلاحف التي تعيش في مياه البحار، تبيض الأنثى في المتوسط حوالى 100 بيضة وتدفنها في الرمال.

ومن أهم الاخطار التي تواجه البيض ، كما ورد في مجلة "البيئة والتنمية"، سرقته بهدف البيع أو الاستهلاك الشخصي. لكن الخطر الأعظم يأتي قبيل خروج صغار السلاحف من البيض، حيث تشغّل الكلاب البرية حاسة شمّها القوية لديها موقع الاعشاش بدّقة لا مثيل لها،وتحفرها لالتهام صغار السلاحف قبل أيام معدودة من خروجها من تحت الرمل".

  • البيض بعد فتح الحفرة
    البيض بعد فتح الحفرة

"لذا من الضروري حمايتها في السنوات المقبلة بوضع شريط حديدي مشبك فوق كل عش لكي يصدّ الكلب عند محاولته حفر العش"، وهذا ما تقوم به الناشطة جمعة من خلال جهد مضاعف للحفاظ على السلاحف.

اقرأ أيضاً: سلاحف صغيرة إلى البحر الواسع!

والجدير بالذكر أن بحر مدينة صور صُنِّف كرابع أفضل شاطئ في البحر الأبيض المتوسط، بحسب مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" العالمية، بينما تبعد المنصوري عن  مدينة صور 13 كلم، وعن العاصمة بيروت 95 كلم .

وتقع المنصوري قرب الناقورة في أقصى الجنوب اللبناني على الحدود مع فلسطين المحتلة في موقع مميز بالقرب من الشاطئ، وارتفاعها عن سطح البحر يبدأ من الصفر حتى 100 متر.

جمعة: يجب تعزيز الوعي

جمعة تؤكد أن "الهدف من عملية الاطلاق بين جموع المواطنين هو تعزيز التوعية لدى ابناء المجتمع المحلي، الذي يقع على عاتقه حماية السلاحف والحفاظ على التنوع البيولوجي".

كما تثني جمعة "على التعاون مع جمعية كشافة الرسالة  بمتابعة موسم تعشيش السلاحف البحرية خلال صيف 2024.

 وفي السياق تشدد على أهمية الشاطئ الذي يعتبر مأوى لتعشيش نوعين من السلاحف البحرية، وهي السلحفاة الخضراء (chelonia mydas) وكبيرة الرأس (caretta caretta) ، منوهةً  "بالتعاون اللبناني الايطالي للعام الثاني على التوالي وبالرغم من استمرار الحرب  ضمن مشروع BlueTyre المموّل من الوكالة الايطالية للتنمية والتعاون".

  • إطلاق السلاحف الصغيرة نحو الماء.. بحمى العلم اللبناني
    إطلاق السلاحف الصغيرة نحو الماء.. بحمى العلم اللبناني

عملنا فعل مقاوم

وعن المشروع توضح "هو  شراكة محلية بين بلدية تريكازي في جنوب ايطاليا وبلدية صور في لبنان هدفها  التنمية الساحلية والريفية،   كما وأنه يعنى  بدراسة الكائنات البحرية والأسماك الغازية في بحرنا والتوعية البيئية".

  • أعشاش حماية السلاحف (فيديو)

ابنة الجنوب اللبناني ترى أنه "بالرغم من الحرب واستمرارها آثرنا كفريق ان نكمل عملنا فهو فعل مقاوم من نوع آخر"، مؤكدة أن "العمل البيئي هو التزام ومسؤولية وليس ترفاً وعن الأنشطة المعتادة خلال موسم 2024".

وتختم جمعة بقولها "حتى تاريخه تحتضن الحمى 43 عشاً محمياً، وهو عدد كبير و قابل للارتفاع خلال الأيام القادمة، 6 أعشاش منها لسلاحف من نوع الخضراء المهددة بالانقراض عالمياً" .