"غارقون بالبلاستيك".... فماذا عن أدوات المائدة؟

تشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة إلى أن "البشر يستخدمون حوالى تريليون كيس بلاستيك كل عام في أنحاء العالم، ويُلقي البشر حوالى 13 مليون طن من النفايات البلاستيكية في المحيطات سنويّاً.

  • غارقون في البلاستيك
    تحذيرات من الغرق في البلاستيك

ما  لا يعرفه الكثيرون هو أن استخدام الأكياس الورقية عند ذهابنا إلى التسوّق يسهم في تعزيز صحتنا، والحفاظ على بيئتنا وطبيعتنا بسبب قدرتها الهائلة على التحلل خلال أشهر من رميها، كما أنها تشكّل مصدراً جيداً لخصوبة التربة.

فهل نستخدم حقيبة قماش نضع فيها مشترياتنا لدى زيارتنا إلى المتاجر؟ أو نجهد للتفتيش عن من يبيعنا البضاعة بأكياس ورقية؟

في عام 1907 اخترع ليو بايكلاند أول بلاستيك صناعي حقيقي "الباكليت"، وكان مكوّناً من جزيئات جديدة غير موجودة في العالم الطبيعي واُعتبر حينها اختراعاً مذهلاً لكثرة مزاياه، فهو متين ومقاوم للحرارة ويمكن تشكيله في أي شكل تقريباً. وأطلق عليها الناس اسم "مادة الألف استخدام" ومن وقتها ونحن محاطون بالبلاستيك في كل مكان، ومنه يتم تصنيع الكثير من الأثاث والملابس والإلكترونيات كما تغلّف فيه الكثير من المواد الغذائية.

لا يمكن التخلّص منه!

علينا أن نعيّ جميعاً أن البلاستيك غير قابل للتحلل، ما يعني أنه لا يمكنك التخلص منه أبداً!

والخبير البيئي مضر العودة يكشف للميادين نت، أن زجاجة المياه المصنوعة من مادة البلاستيك الفارغة  تستغرق من 100 إلى 1000 سنة لتحللها في التربة، في حين تستغرق عبوة الزجاجة المصنوع من الزجاج ما يقرب من 4000 عام للتحللّ!

وكل عام "ينتهي المطاف بأطنان من البلاستيك في المحيط، ما يتسبب في اكوام من القمامة الضخمة. وبالتالي، فإن البلاستيك ليس خياراً صديقاً للبيئة أبداً. من المياه الجوفية الفاسدة إلى تعريض الحياة البرية للخطر ، فإن البلاستيك يضر أكثر مما تعتقد".

ويوضح "عندما يتشكّل البلاستيك، يتم إطلاق البنزين، مزيج من المواد الكيميائية الضارة في الهواء. هذا الغاز مادة مسرطنة وتجعل الناس الذين يعيشون حول منطقة التصنيع أكثر عرضة للإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية".

تتآكل أدوات المائدة البلاستيكية بسبب الحرارة والفرك يومياً ، ما يؤدي إلى إتلافها بسرعة كبيرة. وبالتالي ، من خلال إنفاق المزيد ، يمكنك اختيار خيارات أكثر أماناً مثل الفولاذ أو الخشب أو السيليكون.

يمكن أن يؤدي استخدام البلاستيك على المدى الطويل في تناول وتخزين الطعام إلى الإصابة بالسرطان والعيوب الخلقية وضعف المناعة.

 ورغم ابتكار  شركة ناشئة في لندن حلاً لإشكالية تلوّث البلاستيك، إذ طوّرت أغلفة صالحة للأكل أو قابلة للتحلل الطبيعي، مصنوعة من الأعشاب البحرية، لكن هذا بعيد المنال حالياً.

أضرار صحية

وبحسب تعبير العودة فإن "البلاستيك ليس مجرد مشكلة بيئية، فقد تؤثر المواد البلاستيكية على صحتنا أيضاً، كما أشار عالم السموم البروفيسور د. ديك فيثاك حيث قال"نحن نتعامل مع قضية تتعلق بصحة الإنسان أيضاً" ، ويمكن حصر أضرار وتأثير البلاستيك في 3 مسارات.

-تنفس وأكل اللدائن الدقيقة: نحن نأكل ونشرب ونتنفس اللدائن الدقيقة كل يوم، وقد تضر هذه الجزيئات البلاستيكية الصغيرة بصحتنا بمجرد دخولها أجسامنا.
-الإضافات الكيميائية للبلاستيك: تحتوي المنتجات البلاستيكية على إضافات كيميائية أخرى، وارتبط عدد من هذه المواد الكيميائية بمشاكل صحية خطيرة كالسرطانات والعقم واضطرابات النمو العصبي كاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد.
كما أن الإضافات الكيميائية التي تمنح المنتجات البلاستيكية خصائصها المرغوبة عند الاستخدام، لها آثار سلبية كثيرة على البيئة وصحة الإنسان أيضاً، وتشمل هذه الآثار:السمية المباشرة، كما في حالة الرصاص والكادميوم والزئبق.
المواد المسرطنة، كما في حالة ثنائي إيثيل هكسيل فثالات (DEHP).
-اضطرابات الغدد الصماء، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية وقمع جهاز المناعة ومشاكل في النمو لدى الأطفال.
-ضرر البلاستيك على البيئة: عندما ينتهي الأمر بالمواد البلاستيكية واللدائن الدقيقة كنفايات في البيئة، فإنها تجذب إليها الكائنات الحية الدقيقة، كالبكتيريا الضارة المسببة الأمراض وإذا دخلت هذه المواد البلاستيكية الدقيقة التي تحتوي على العوامل الممرِضة إلى أجسامنا، فقد تزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالعدوى.

بريطانيا تمنع أدوات المائدة البلاستيكية

منذ يومين أعلنت وزارة البيئة والزراعة البريطانية أن لندن ستحظر أدوات المائدة البلاستيكية  ذات الاستخدام الواحد في إنكلترا اعتباراً من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ذلك من أجل حماية المحيطات من التلوث بالنفايات البلاستيكية.

وستحظر أيضاً الأطباق البلاستيكية وأدوات تناول الطعام والأوعية والصواني وأنواع معينة من أكواب أو عبوات البوليسترين ذات الاستخدام الواحد، خصوصاً من الموزعين والمطاعم والفنادق وأكشاك بيع الأطعمة.

 واتّخذت هذه الإجراءات بعد استشارة عامة بيّنت وجود دعم قوي لإزالة هذه الأواني من السوق.

وبحسب الوزارة البريطانية، تستخدم  2,7 مليار قطعة من أدوات المائدة الأحادية الاستخدام سنوياً، ويعاد تدوير 10 في المائة منها فقط.

وستغرَّم الشركات التي لا تمتثل للحظر، وفي حال تكرار الانتهاكات، يمكن إنزال عقوبة جنائية.

هل هذه الخطوة كافية؟


وزيرة البيئة البريطانية، تيريز كوفي، عبرّت عن "الفخر بجهودنا" للحد من التلوث البلاستيكي ولحماية المحيطات، مستشهدةً بالحظر المطبق أصلاً على "الميكروبيدات وقش الشراب وعيدان تحريك المشروبات والنكاشات القطنية".

وأضافت أن فرض رسوم على الأكياس البلاستيكية أدى إلى انخفاض مبيعاتها بنسبة 97 % في المتاجر الكبرى.

إننا غارقون في البلاستيك!

 ومع ذلك، لن يطبق الحظر على الأطباق والصواني والأوعية المستخدمة في التعبئة والتغليف في "الأطباق والأطعمة المحضرة مسبقاً للخدمة الذاتية".

وتدرس الحكومة حالياً إمكانية اتخاذ إجراءات جديدة تستهدف المناديل وفلاتر القهوة والأكياس.

ورحبت منظمة "غرينبيس" البيئية غير الحكومية بالحظر المفروض على "بعض المواد" المصنوعة من البلاستيك، لكنها قالت "إننا غارقون في البلاستيك وهذا القرار يشبه استخدام ممسحة للماء بدلاً من إغلاق الصنبور". وأضافت في بيان "نحن في حاجة إلى أن تتبنى الحكومة استراتيجية ذات مغزى للحد من المواد البلاستيكية مع أهداف وأنظمة لإعادة استخدام" الحاويات.

يذكر أن الأواني البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد قد حُظرت في الاتحاد الأوروبي منذ  تموز / يوليو2021.