ذكرى يوم عالمي

يا أحمد! لا خير فيهم أنا أدرى بما في نفوسهم، أبرَّهم بي همّه الوحيد هو أن يقطع بحوري الستة عشر سباحة بشتّى الوضعيات، ليصل إلى برّ الرواية.

  • ذكرى يوم عالمي
    ذكرى يوم عالمي

 في ذكراه السنوية المُتزامنة مع ذكرى شقيقيه اليوم العالمي للأمّ واليوم العالمي للشجرة، هاتفته مُهنئاً بعيد ميلاده البهيج؛ فهمسَ لي رداً عن سؤالي عن حالته الصحية قائلاً:

 - يا أحمد! لستُ على أحسن ما يُرام

 - كيف ذلك يا سيّدي وكل العالم يُخلّد ذكراك والشعراء ينشدون القصائد العصماء في حضرتك احتفاء بطلعتك البهيّة وبطيب نفسك الزكيّة، فيكف لا تكون مزهوّاً مَرِحاً، تطير بأجنحة السعادة في السماوات السبع؟

- ومع ذلك يا أحمد؛ فأنا لستُ على أحسن ما يُرام..

 - ربما بسبب كثرة الشعراء وانخفاض الشعر وارتفاع منسوب الأخطاء اللغوية وسماجة الأخطاء التعبيرية.

- ذلك غيضٌ من فيضٍ؛ فالأمرّ العلقم، الحنظل، هو عقوق شعراء هذا الزمان لي وتنكّرهم لصمتي عما اقترفوه في حقّي من جرائم، باسم الحداثة تارةً وباسم الضرورة الشعرية تارةً أخرى، تحت شعار تفجير وتدمير اللغة وتحطيم القواعد وتجاوز المعنى إلى اللامعنى واللعب بالألفاظ..

- هوِّن على نفسك يا سيّدي؛ كل شيء مُمكن أن يعوَّض، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، من يدري فقد يأتي الفَرَج يوماً ما مع جيلٍ آخر يردّ لك الاعتبار..

-  يا أحمد! لا خير فيهم أنا أدرى بما في نفوسهم، أبرَّهم بي همّه الوحيد هو أن يقطع بحوري الستة عشر سباحة بشتّى الوضعيات، ليصل إلى برّ الرواية..

-  بمعنى؟

 - إنهم يسعون ليصبحوا أو ليتحوّلوا إلى روائيين..

 - يا للعجب!

 - لا وفاء لهم يا أحمد.

-  ولِمَ يهجرون بيتك أقصد بيت الشعر؟

-  إنه الطمَع يا أحمد الطمَع ولا شيء سواه يا أحمد!

-  يطمعون في ماذا؟

-  يطمعون في الشُهرة والمال..

-  ولكن؛ أعرف شعراء هم أشهر من نارٍ على علَم، نالوا وسام المجد والشهرة، من دون أن يبرحوا عتبة خيمتك.

-  كيف تريدني أن أكون سعيداً في عيد ميلادي اليوم، مع ناكري الجميل من هؤلاء؟

  •  ومع ذلك؛ سأقول لك كل عام وأنت بألف خير، وإلى اللقاء.

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]