مسيرات في الكابري والدامون تكريسا لحق العودة

العودة إلى فلسطين عقدة العصر. إنها تحل دفعة واحدة، فذلك يندرج في اللامنظور. وإذا قلنا أنها تتم تدريجيا وعلى مراحل مختلفة، وممتدة، فيمكن القول إن العودة بدأت، والدلالة على ذلك التحركات الشعبية من الفلسطينيين الذين ما زالوا مقيمين في فلسطين الأم.

أكثر من عنصر يمكن ملاحظته في التحركات، أولا، تناميها، ثانيا، تنوع مظاهرها

أكثر من عنصر يمكن ملاحظته في التحركات، أولا، تناميها، ثانيا، تنوع مظاهرها، ثالثا، كسر عقدة الخوف من العودة إلى القرى والبلدات المهجرة.

 

 

 

كانت السلطات المحتلة في ذروة قوتها بعد نكبة ١٩٤٨، وظلت قوية بقوة الواقع العالمي الذي أنشأها، وحماها، واستفاد منها، لكن مع تصاعد انتفاضات الداخل، والمقاومة الوطنية والإسلامية، وصولا إلى انتصارات حربي ٢٠٠٦ مع لبنان، و٢٠٠٨ مع غزة، بدأ ميزان القوى بالاهتزاز، وبدا الفلسطيني يستعيد ثقته بقدرته على التحرك، فكسر الفلسطينيون الطوق  ، حتى إذا جاء اليوم الذي شعر فيه بنوع من الاطمئنان، بدأ الحراك يتسع على خلفية ما بدأه من مسيرات ابتداء من سنة ١٩٩٨.

 

 

 

يكفي أن نعرف أن مبيت شباب في أرضهم وبلدتهم المهجرة الدامون قد حصل لنعرف أن ظاهرة من ظواهر العودة قد تمت. وأن يشاهد العالم الآلاف زاحفة إلى بلداتها المدمرة لنعرف أن العودة بصيغتها التدريجية قد بدأت حقا، وفتحت الباب أمام العودة الكبرى مستقبلا، مرهونة بالتطورات العالمية والاقليمية.

 

 

 

محطتان أعادتا فلسطين إلى صدارة الأحداث، مسيرتا الكابري والدامون، وأمسية الدامون الثقافية، وقريبا إحياء ذكرى مجزرة الطنطورة.

 

الكابري

معارض كثيرة ظهرت، فيها التصوير والتوثيق للقرى والتهجير والتغريبة الفلسطينية، وفعاليات للعديد من الفنانين.

أشهر مرت على التحضير للمسيرة السنوية التي تنظمها "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، تحت عنوان "يوم استقلالكم يوم نكبتنا"، وكانت إلى "الكابري" هذا العام. أمين عام الجمعية واكيم واكيم قال ل"الميادين نت": "مسيرة الكابري كانت ام المسيرات، فمن ناحية العدد قد فاقت كل المسيرات، ومن ناحية المشاركين فقد برز حضور مكثف للشرائح الشبابيه والاطفال وكذلك  عائلات باكملها باعداد كبيره جدا، مما يعكس ارتفاع كبير في منسوب الوعي الوطني".

 

 

 

أضاف: "كذلك فقد نجحنا بان ندرج قضايا هامة اخرى مثل قضية اضراب اسرى الحريه الذي كان مهيمنا على نشاطات الجمعيه من خلال خيمة الاسرى، وابراز قضيتهم العادله اضافة الى معاناة اهلنا في النقب”.

 

 

 

وقال واكيم: "الثمرة الحقيقيه لاي مسيرة لن تكون الا بالعودة الحقيقية،  ولكن الان نحن بصدد مراكمة الوعي حتى نصل الى مرحلة الجهوزيه كي نعبر مع شعبنا الى مرحلة اخرى نوعيه تقربنا اكثر ، مع توفر الظروف الموضوعيه ، الى مرحلة العودة الحقيقيه فمشوارنا ومسيرتنا طويلة، وسنصل حتما الى نهاية الطريق الذي وضعناه هدفا لأنفسنا”.

 

 

 

وتحدث عضو الجمعية المحامي وسام عريض ل"الميادين نت" عن الفعاليات، حيث أقيمت العديد من الخيم، واحدة مخصصة للأسرى، بعنوان "تعالوا واسمعوا قصة ابني"، احتضنت أمهات الأسرى، فقصوا معاناة أبنائهم في السجون، وما قاموا به من نضالات. وخيمة "منسوب الوعي" استضافت الجيل الجديد، والأطفال، واستمعوا من الكبار عن بلداتهم المهجرة، وبمساهمة فعاليات ترفيهية، وأناشيد وطنية، وأغان خاصة بالمناسبة "يا كابري يا مكابرة يللي على جرحك صابرة". وسمعنا مطالبات الأطفال بمسيرات عودة يومية إلى القرى المهجرة، بحسب عريض.

 

 

 

اللافت في تحرك هذا العام، تصدر أبناء الجيل الرابع للمشهد، مما يعطي الكثير من الأمل بأن أبناء فلسطين متحفزون لقضيتهم الوطنية.

 

 

 

معارض كثيرة ظهرت، فيها التصوير والتوثيق للقرى والتهجير والتغريبة الفلسطينية، وفعاليات للعديد من الفنانين.

 

 

 

وخيمة ل"الكتاب والرواية الفلسطينية"، واحتفالية خطابية على المنصة بدأت بالنشيد الوطني الفلسطيني ألقاه الفنانان أمل مرقس وعلاء عزام، ثم كلمات للجمعية المنظمة ألقاها المحامي واكيم واكيم، ثم كلمة البلد المضيف ألقاها عبد الناصر الحصري، المهجر من الكابري ويقطن عكا، وكلمة للجنة المتابعة ألقاها محمد بركة، وركزت على وحدة الصف.

 

 

 

وخيمة تخص النقب وأم الحيران والعراقيب وكل قضايا الترحيل ومصادرة الأرض، وكلمة لنديم يونس، شقيق عميد الأسرى كريم يونس، وفنون، وتراث، ودبكة فلسطينية، على أنغام "خبطة قدمكم عالأرض هدارة"،  عبرت عن حقيقة حضور الكابري، مؤكدة أن "لا عودة عن حق العودة، ولا سلام دون عودة آخر مهجر إلى دياره"، كما قال العريض.

 

 

 

وكلمة للقوى التقدمية اليهودية التي تتنكر للصهيونية، وتدعو إلى حق العودة، وتحمل اسرائيل المسؤولية الكاملة في التهجير والمجازر. 

 

 

 

 

الدامون

من التحضيرات للمبيت في الدامون

وشهدت بلدة الدامون تحركات مماثلة ككل عام، ومن أبرز المحطات أن أصر عدد من المتطوعين على المبيت في البلدة، وأحضروا فرش اسفنج وبطانيات لتلك الغاية، وظلوا فيها في العراء حتى الصباح يتسقبلون الحشود التي لبت الدعوة للمسيرة إلى الدامون قبل ظهر أمس الثلاثاء، لتلتحق بعد الانتهاء بمسيرة الكابري عصرا.

 

 

 

بدأ تحرك الدامون مساء الاثنين، تحت عنوان "ليلة العودة الى الدامون" بدعوة من "لجنة مهجري قرية الدامون" بمشاركة مهجرين من الطائفتين المسيحية والإسلامية من اهالي الدامون، وعدد من أهالي البلدات المهجرة.

 

 

 

المحامي نضال عثمان عرف بالأمسية، وقال ل"الميادين نت": “كانت أمسية ثقافية فنية جرت فيها عروض فنية وحوارات مع كبار السن حول الحياة في الدامون قبل التهجير، بالإضافة إلى اتصالات وحوارات بالهاتف مع أهل الدامون المهجرين في ١٩٤٨، المتواجدين في لبنان، وأوروبا”.

 

 

 

وتحدث عثمان عن أنشطة نهار الثلاثاء: "المئات من أهالي الدامون والضيوف تجمعوا على العين، وقاموا بجولة على أنحاء البلدة، وتعرفوا على بقايا البيوت، واستذكار لمن يعود كل بيت، ومن سكنها قبل الاحتلال والتهجير. كما قام عدد من الحاضرين بشرح كيف كانت الحياة والبيوت في الدامون، وجرت قراءة الفاتحة في المقبرة الإسلامية، وإضاءة شموع وإحراق بخور في المقبرة المسيحية بمشاركة كافة الحضور من الطائفتين”.

 

 

 

 وتحدث في الأمسية عضو لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين محمد كيال الذي قال إنه "لا بديل عن حق العودة"، وغنت الطفلة دانا ابو الهيجاء اناشيد وطنية واخرى للحنين للارض والعودة، وألقى البروفيسور اسعد غانم القى محاضرة أشار فيها إلى ان "العودة قائمة، وان على الجميع ان يبني مشروعا واسعاً للعودة الى الدامون".

 

 

 

وتحدثت عضوة بلدية طمرة غدير بقاعي حول عرس الدامون حيث أقامت سهرة زفافها بقرية الدامون المهجرة، وشجعت احياء هذه المناسبات لتعزيز نبض العودة.

 

 

 

المهندس عثمان عثمان من بلدة الدامون، يسكن في مخيم نهر البارد في لبنان قال ل”الميادين نت”: "هذه الانشطة تشعرني بالراحة والامل بالمستقبل، وهذه التحركات تمهد لعصر جديد من آليات واستراتيجيات الحفاظ على الحق رغم تنازل المتنازلين تحت مسميات واهية حول الواقعية والممكن، والتحركات رسالة واضحة لكل الفصائل الذين يتفننون في فلسفة سياسة الانهزام والرضوخ للامر الواقع”.

 

 

عبدالناصر الحصري يلقي كلمة الكابري