المسيرة السنوية الكبرى... استنفار حاشِد نحو العودة
تنطلق يوم بعد غد الخميس، المسيرة السنوية الـ21 التي تنظمها "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" في فلسطين، وتتجه هذا العام إلى بلدة عتليت المهجرة.
تنطلق الخميس المقبل مسيرة العودة السنوية، وهي المسيرة الـ21 التي تنظّمها "جمعية الدفاع عن حقوق المُهجّرين"، مُعتمدة شعار "يوم استقلالهم.. يوم نكبتنا".
وتأتي مسيرة العودة هذا العام بالتزامُن مع انطلاق مسيرات العودة الكبرى في غزّة ل"تُخرج الفلسطيني أينما كان من حال الخوف والعجز والاعتماد على الغير، إلى استعادة المبادرة عبر الإرادة الفردية، والجماعية لممارسة الحق بالعودة"، بحسب البيان الصادر عن الجمعية المُنظّمة للمسيرة.
وفي كل عام، تحدّد وجهة المسيرة إلى بلدة من البلدات المُهجّرة، فبعد "الكابري" العام الماضي، تتجه المسيرة نحو بلدة "عتليت" هذا العام.
وفي البيان يقول المُنظّمون إنه "منذ حوالى الـ 25 عاماً نرفع لواء الدفاع عن حق العودة، ونرسّخه من خلال المسيرة السنوية التي تكتسب زخماً جماهيرياً متزايداً، يعزّز إيماننا بانتمائنا الفلسطيني، ويؤكّد رفضنا لكل البدائل من تعويض أو تبديل أو توطين".
ويتابع البيان: "بعد قيام العصابات الصهيونية باحتلال قرانا ومدننا، وتهجير نحو 850 ألف فلسطيني إثر ارتكاب مجازر تقشعّر لها الأبدان، وتدمير أكثر من 530 قرية ومدينة، ومصادرة أملاكنا، وأراضينا، لم تتوقّف إسرائيل منذ قيامها عن التخطيط لتدمير عشرات القرى العربية، ومصادرة الأراضي، والاستيلاء عليها، وهدم البيوت، وترحيل المواطنين، وتجمعيهم في معازل ليتسنّى لها بناء المستوطنات، والمدن اليهودية على حساب حقوق، وممتلكات شعبنا الفلسطيني".
ودعا البيان "الفلسطينيين للمشاركة الفعّالة في النشاطات التي ستنظّمها الجمعية واللجنة الشعبية لمسيرة عتليت، ومنظّمات المجتمع المدني المُشاركة، وبدعمٍ من لجنة المتابعة العُليا، بعد سبعين عاماً من النكبة المستمرة لشعبنا الفلسطيني".
وفي اتصال مع الجمعية المُنظِّمة للتحرّك، أفاد مديرها فتحي مرشود "الميادين نت" أن "التحضيرات للمسيرة بدأت من بداية شهر كانون الثاني، وتضمّنت اجتماع هيئات الجمعية، وتم إقرار موقع المسيرة على أن يكون على الساحل الفلسطيني من حيفا جنوبا".
ويبرّر مرشود اختيار الساحل بالقول: "لقد أجرينا تقييماً مهنياً قبل سنتين، وتبيّن بأننا لم ننظّم مسيرة في منطقة الساحل منذ أن بدأنا مسيراتنا قبل 21 سنة، وبأن الشاطىء منطقة مُتميّزة من ناحية أساليب التهجير القسرية، والهمجية التي تخللتها مجازر فظيعة، وحدثت فيها عمليات التطهير العرقي بشكلٍ مُمنهج".
ويرى مرشود "ضرورة التواصل مع مُهجّرين يعيشون في قرى الساحل التي لم تُهجّر، وهي اثنتان فقط: الفرديس، وجسر الزرقاء بهدف استقطاب، وتحشيد مُهجّري قرى الساحل".
وتحدّث عن لجان جرى تشكيلها لتغطية مهام المسيرة التي يُرتقب أن تكون ضخمة، فتم تنظيم لجنة شعبية تضمّ مُهجّرين، وآخرين بطريقة تمثّل القرى المُهجّرة، ويكون لها دور فاعل، وهذه اللجنة شريكة في كل التحضيرات اللوجستية والجماهيرية وغيرها، ومعها تم تحديد الموقع، بالإضافة للجنة لوجستية شاملة للتحضير وتحمل المسؤولية على جميع الأمور ذات العلاقة، وتنظيم لجنة إعلامية، وأخرى للنشاط الفني، وإدارة المنصّة".
وقرّر المنظّمون جملة فعاليات فنية وطنية ومنها إشراك الفنانة دلال أبو آمنة، ومجموعة النساء اللاتي يعملن معها لنشر الأهازيج الفلسطينية، وسوف تقمن بزفة القرية والساحل، وتنشدن النشيد الوطني على المنصّة، وينتهي البرنامج بأغاني العودة، ودبكة العودة وسواها من فعاليات متنوّعة، كما ستقدّم الشابة الفلسطينية المُهجّرة عدن واكيم فقرة فنية خاصة.
عن باقي الفعاليات ذات الخصوصية، لفت مرشود إلى "حضور غزّة، وحراكها نحو العودة منذ بداية المسيرة، وذلك بفعاليات تعكس ما يحصل في غزّة، وبشكل إبداعي، فعلى سبيل المثال سوف تحمل مجموعة 35 شبيبة تُسمّى شبيبة العودة تصميمات غرافية تمثل حراك غزّة إضافة إلى خيمة غزّة، والتي ستشمل صوَر، وفعاليات أخرى، إضافة إلى تحضير أربع خيم لفعاليات للأطفال تستهدف التثقيف لشؤون الوطن، والنكبة، وخيمة إضافية ستتضمّن حوارات تولّت كتابتها شبيبة لاجئون من لبنان.
كما تناول مرشود عمليات التواصل مع لاجئين في مخيمات الأراضي المحتلة سنة 67، وفي لبنان بالتنسيق مع جمعية بديل في بيت لحم، وتحضير معسكر العودة لـ 50 شاباً وصبية، والذي ينطلق يوماً واحداً قبل المسيرة، والهدف تثقيفي، وإعطاء الشبيبة دوراً قيادياً خلال المسيرة، إضافة للتطوّع بتحضير الموقع وما شابه.
وعن سبب اختيار عتليت، شرح مرشود حيثيات القرار، وقال: "لقد تقرّر تنظيم المسيرة الـ 21 هذه إلى الساحل الفلسطيني، وبعد زيارة لأغلبية قرى مُهجّرة، وهي الصرفند، وعين غزال، والطنطورة، وجبع، واجزم، وكفر لام، وعتليت، تقرّر بداية أن تكون "جبع" كونها على منحدر يطلّ على البحر. ولكن للأسف، ونظراً لأن المكان لا يتّسع لآلاف السيارات، والحافلات التي ستصل، وجدنا أنه من الأنسب، والأسهل اختيار "عتليت" من ناحية مثالية للوصول السهل، وتأمين مواقف السيارات وغيرها".
ماذا عن عتليت؟
هي قرية ساحلية لا تعلو أكثر من خمسة وعشرين متراً عن البحر، عدد سكانها سنة 1931 كان 452 عربياً، و496 يهودياً، أي 948 نسمة، ومنازلها 193. وفي عام 1945، أصبح العدد 150 عربياً، و510 يهوديا1931.
وفي "تاريخ الهاغاناه" إشارة إلى أن عتليت كانت مركزاً لنشاط هذه المنظمة، ومقراً لتجنيد المُجنّدين.
بعد تدمير البلدة، وتهجيرها، لم يبق أي أثر للمنازل العربية، وهناك محطة لقطار سكة الحديد كانت توفّر الخدمات للقرية في الماضي، وما زالت قيد الاستعمال. وثمة سجن في الجوار استخدمته إسرائيل في سنة 1989، وسجنت فيه المُعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين".
في القرية آثار تاريخية تشير إلى وجود الإنسان الأول منذ العصر الحجري.
(المعلومات مستقاة من كتاب "كي لا ننسى" لوليد الخالدي).
وفي بيروت، يواكب "مركز حقوق اللاجئين-عائدون" المسيرة، ويقول المسؤول الإداري للمركز أحمد عبدالرحمن إن "المواكبة تتم بمقابلة أشخاص من عتليت، والقرى المجاورة لها في فلسطين، وتؤخَذ لهم لقطات، وكلمات، وشروح عن بلداتهم، وما يعرفون عنها، مع تسجيل فيديو عن هذه القرى، ورسالة عن فلسطين، والقرى التي هُجّروا منها، وتبثّ إلى أهل المنطقة في الداخل".