تحذير أممي: الوضع في غزة غير معهود في التاريخ الحديث للبشرية

تسجّل مراكز الإيواء بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية ونقص المراحيض وخدمات الصرف الصحي، معدلات كبيرة لأمراض وحالات معدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والتهابات الجلد والحالات المرتبطة بالنظافة.

  • تحذير أممي: الوضع في غزة غير معهود في التاريخ الحديث للبشرية
    تتزايد المخاوف بشأن الفئات الضعيفة من الأشخاص الذين يعانون من ظروف المأوى الصعبة

حذّر المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، من تصاعد مخاطر تحوّل قطاع غزة إلى منطقة منكوبة تتفشّى فيها الأوبئة والأمراض السارية بصورة كارثية وغير معهودة في التاريخ الحديث للبشرية.

وقال الأورو متوسطي في بيان له إن 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة أكثر من 45% منهم من الأطفال يواجهون صراعاً مع الموت ليس فقط بالقنابل والصواريخ الفتاكة، بل كذلك بالأوبئة والأمراض المعدية مع انهيار صحي شامل بهدف تعميق الإبادة الجماعية الحاصلة للشهر الثالث.

ونبّه إلى أن انعدام مياه الشرب النظيفة، وعدم وجود الصرف الصحي الملائم، وسوء التغذية وسط تكدّس واكتظاظ قياسي للنازحين يشكّل الصيغة التي تُدرس عن ظروف انتشار الأوبئة وخطر كارثة صحية عامة.

ومع مواصلة الاحتلال هجماته الدموية جواً وبراً وبحراً منذ 63 يوماً على كل أرجاء قطاع غزة، فقد نزح أكثر من 1.8 مليون شخص إلى مراكز إيواء شديدة الزحام وفي مناطق جغرافية محدودة.

معدلات كبيرة للأمراض والحالات المعدية

وتسجّل هذه المراكز للإيواء، بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية ونقص المراحيض وخدمات الصرف الصحي، معدلات كبيرة لأمراض وحالات معدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والتهابات الجلد والحالات المرتبطة بالنظافة، وفق البيان.

وأكد المرصد تزايد المخاوف بشأن الفئات الضعيفة من الأشخاص الذين يعانون من ظروف المأوى الصعبة، بما يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة، النساء الحوامل أو اللاتي أنجبن حديثاً أو المرضعات، الأشخاص الذين يتعافون من الإصابات أو العمليات الجراحية، والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

اقرأ أيضاً: "أونروا" تتهم "إسرائيل" بالتمهيد لتهجير جماعي للفلسطينيين من غزة

وأدى نقص الوقود في ظل أزمة انقطاع الكهرباء كلياً، إلى إغلاق محطات تحلية المياه ومحطات الصرف الصحي، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية، إذ أن مياه الشرب الملوّثة تنقل أمراض الإسهال والدوسنتاريا والتيفوئيد وشلل الأطفال، بحسب البيان.

ومنذ بدء هجماته، أغلق الاحتلال الإسرائيلي الأنابيب التي تمدّ غزة بالمياه وقطع إمدادات الكهرباء والوقود، علماً أن أكثر من 96% من موارد المياه في القطاع "غير صالحة للاستهلاك البشري" منذ سنوات طويلة.

بموازاة ذلك، تتصاعد مخاطر تكدّس النفايات في الأحياء السكنية مع مصاعب شديدة تواجهها أطقم البلديات، سواء في جمع تلك النفايات – بسبب الغارات الإسرائيلية وأزمة الوقود- أو حظر وصولهم إلى المكبّات الرئيسية الواقعة على الأطراف الحدودية لقطاع غزة – الذي ينتج يومياً ألفي طن- بغرض ترحيل النقابات ما يهدّد بتفاقم مكرهة صحية وكارثة بيئية خطيرة.

وبحسب إفادات لأطباء ومسؤولين صحيّين وفي منظمات إغاثية دولية جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي، فإنه تمّ توثيق أكثر من 20 ألف حالة مرتبطة بعدوى في الجهاز التنفسي العلوي خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري فقط، مع العلم أن قطاع غزة يسجّل نحو 2000 حالة مرتبطة بأمراض الجهاز التنفسي بأنواعه شهرياً في الأوضاع الاعتيادية.

نقص حاد في غاز الطهي

كما أدى النقص الحاد في غاز الطهي بفعل الإغلاق الإسرائيلي، وفق الأورومتوسطي، إلى الاعتماد الكبير على مصادر أقل نظافة مثل الحطب وبقايا الخشب وحرق النفايات، مما يضاعف معدلات خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.

وخلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحده جرى تسجيل أكثر من 50 حالة إسهال عنيف نحو نصفها لأطفال أصغر من خمس سنوات، علماً أن الإسهال العنيف قد يسبّب الوفاة في ظل سوء التغذية وضعف الحالة الجسمانية التي يعاني منها السكان ولا سيما فئة الأطفال.

يضاف إلى ذلك تسجيل تفشٍ غير مسبوق لأمراض الالتهابات الجلدية، منها أكثر من 5 آلاف حالة إصابة بجدري الماء، و18800 إصابة طفح جلدي، و10 آلاف إصابة بالجرب، وعشرات آلاف حالات الإصابة بالإنفلونزا الشديدة.

وقال المرصد: بينما جرى تأكيد رصد حالات إصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي في مناطق متفرقة من قطاع غزة، فإنه تعذّر إجراء التحاليل الطبية اللازمة في المستشفيات المحلية، والحاجة إلى إرسال عيّنات للخارج لا تزال تعيق معرفة حدة انتشار المرض والعدد الدقيق للإصابات.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه في ظل خطر سوء التغذية وافتقاد الأدوية وانهيار المنظومة الصحية بفعل خروج غالبية المستشفيات عن الخدمة فإن الخطر يتضاعف من تداعيات انتشار الأوبئة والأمراض المعدية.

وأشار إلى مخاطر نقص أدوية مكافحة العدوى والمواد المطلوبة للتعقيم والتطهير في المستشفيات المحلية، فمن دون أدوية يمكن أن تتدهور صحة المرضى ولا سيما الأطفال ما يؤدي إلى وفاتهم بسرعة كبيرة، خصوصاً مع اقتصار تقديم اللقاحات على عدد بسيط من الأطفال لا يتجاوز 10% منذ أسابيع.

وجدّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تأكيده الحاجة الماسّة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ورفع الإغلاق المشدّد عنه بوصفه عقاباً جماعياً وجريمة حرب لإنقاذ حياة المدنيين المحميّين بموجب القانون الدولي الإنساني.