"مهرجان مالمو للسينما".. منصَّة سينمائية عربية في أوروبا

"مهرجان مالمو للسينما العربية" يختتم فعاليات دورته الـ11 بنجاح. عن المهرجان وأهدافه يحدثنا أثير محمد عباس في هذا الحوار مع الميادين الثقافية.

  • "مهرجان مالمو للسينما".. منصَّة سينمائية عربية في أوروبا

اختتم "مهرجان مالمو للسينما العربية" أيامه الأخيرة بنجاح، مُتجاوزاً معوقات فرضتها تداعيات فيروس "كورونا". إرادة مُنظّمي المهرجان والعديد من السينمائيين العرب أتاحت فسحة ثقافية في هذه الأيام العصيبة، فخرجت أفلام عربية من الظلّ إلى النور إستكمالاً لطموح المهرجان في وضع السينمائي العربي في اتصالٍ مباشرِ مع السينمائي الأوروبي ومُحبي السينما في أوروبا.

تحدثت الميادين الثقافية مع مُنسِّق الصحافة في المهرجان والمدير التنفيذي "لبارادايم تايمز" أثير محمّد عباس، وأجرى معه حسن عبد الله هذا الحوار.

ما هي الأهداف الاستراتيجية السينمائية لإدارة مهرجان مالمو؟

  • أثير محمّد عباس
    أثير محمّد عباس

لدينا الكثير من الأهداف الاستراتيجية السينمائية وغيرها، والتي شرعنا فعلياً بالعمل عليها منذ الدورة الأولى، وقد حقّقنا الكثير من الأهداف وما زال المهرجان يسعى إلى المزيد منها ما هو سينمائي، وفني، وثقافي، وسياحي واقتصادي. قدّم المهرجان الهوية الثقافية العربية إلى الجمهور الأوروبي من خلال الفن السينمائي بطرح أكثر من 100 فيلم من عدَّة ثقافات عربية مختلفة في بلد مثل السويد. الحديث يطول، لكن أستطيع القول إن الحضور المُلفت للجمهور العريض من الأوروبيين ليس فقط من السويد، ذلك أن أحد أهداف المهرجان هو الاندماج الثقافي ونقل الهوية الإنسانية الجامعه لكل البشر.

ويهدف المهرجان منذ العام 2011 إلى بناء الجسور بين الثقافة العربية والثقافات الغربية، اعتماداً على الفيلم، باعتباره لغة بصرية عالمية. 

ما الذي يريد المهرجان إبرازه؟

يستهدف "مهرجان مالمو للسينما العربية" الأفكار في قالب بين مخرج وكاتب سيناريو ينقل فكرة ما من حق أي إنسان أن يطّلع عليها، ويتناول الموضوع على الصعيد الفني عبر اختيار مجموعة مُنتقاة من الأفلام المُميَّزة التي تُعْرَض على لجنة مُختصّة، ثم بعد دراسة الأفلام تختار الأفكار المختلفة التي تتناول عدّة موضوعات مثل الحريات، وحقوق الإنسان، وغيرها من السِمات النبيلة التي ينقلها الفن السابع.

بعد 11 عاماً على إطلاقه، ما هي الإنجازات التي حققها المهرجان؟

دعني أقول إن انعقاد دورة مهرجان مالمو واستمراره وجعله من أفضل المهرجانات في أوروبا بحسب مُختصّين، هو بحد ذاته إنجاز. يعرف الإنجاز كمُصطلح في عِلم السلوك الاجتماعي بأنه جهود ذهنية وجسدية لتحقيق الأفكار وجعلها حقيقة.

مهرجان مالمو على مدار السنة هو في إنجازات مُتتالية من خلال الفعاليات الثقافية والسينمائية، وعروض سينمائية عربية في دور العرض السويدية ومهرجانات سينمائية فرعية في أغلب المدن السويدية وأيضاً "مهرجان سينما المرأة".

هناك عشرات المهرجانات التي تهتمّ بالسينما، ما الذي يُميّزكم عنها؟

  • "مهرجان مالمو للسينما".. منصَّة سينمائية عربية في أوروبا

ما يُميِّز "مهرجان مالمو للسينما العربيّة"، هو اختياره الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة، ويُساعد الإنتاج الفني العربي في البروز والتداول داخل السوق الأوروبية خاصة في السويد. كما أنه يُتيح فرصة رَبْط العلاقة بين العاملين في الصناعة السينمائية بشكلٍ سَلِس بين المخرج العربي والمُؤسَّسة الإنتاجية السويدية.

وهذا ساهم في إنتاج أفلام وصلت إلى الأوسكار مثل الفيلم التونسي (الرجل الذي باع ظهره). المهرجان جزء من تاريخ السويد عموماً ومدينة مالمو خصوصاً وهو ما صرح به مرة عُمدة المدينة. إضافة إلى العروض التي تجرى في المدارس، حيث ولأول مرة في تاريخ السويد تعرض أفلام عربية على طلبة سويدين بمختلف الأعمار، ويستطيعون مناقشة الممثلين والمُخرجين.

هل تلقون تجاوباً من صنَّاع الفيلم العربي؟

الجواب يحتاج إلى تفصيل، مثل ما هي الضوابط التي من خلالها نفهم التفاعُل من صنَّاع السينما كشركات وأفراد. التجاوب يحمل مفاهيم عديدة من التواصل والاتصال مع حلقات تكوين الفيلم أو المركز الذي يجمعهم مع بعضهم بشكلٍ مباشر. منذ إعلان "أيام مالمو لصناعة السينما" سابقاً، كان يُسمَّى "سوق مهرجان مالمو"  فتح باب التسجيل لجميع صنَّاع السينما وتفاهمات صناعة السينما عبر موقعنا. ودفع المهرجان بتحفيز مسابقة تتمثّل بدعم مشاريع ما بعد الإنتاج وقبل الإنتاج "التطوير"، وجوائز نقدية ليست كبيرة لكنها ساعدت في خلق جو إيجابي لإكمال صناعة فيلم سينمائي جديد وتعزيز دماء جديدة في مفهوم هذه الصناعة.

ونظّم المهرجان كل شيء من اللوائح وقوانين المشاركة إضافة إلى توفير جميع عمليات التقييم والاختيار التي تقوم بها لجنة تحكيم خاصة مُعْتَمَدة رصينة، والمكوّنة من نُخبة من السينمائيين والمُنتجين والنُقّاد العرب والأوروبيين.

هذا العام انعقد مُلتقى "أيام مالمو لصناعة السينما" للسنة السابعة، حيث تم توزيع أكثر من 115 ألف دولار ضمن برنامج المِنَح الخاص بالمهرجان.

تركِّزون على صناعة السينما ودعم إنتاج الأفلام العربية.. ما هي الترجمة العملية لهذا الهدف؟

ذكر مؤسّس ومدير المهرجان محمّد القبلاوي لإحدى الصحف على هذا السؤال. وهنا أذكّر بما قاله: "لدينا في المهرجان ذراع لصناعة السينما، تعتمد على شراكات في صناعة السينما، من بلدان عدّة.. وبالنسبة إلى التواصل لم تكن لدينا مشكلة أبداً في التواصل مع السينما العربية، لكن المشكلة كانت في التواصل مع صنّاع السينما في الدول الإسكندنافية. وفي الوقت الحالي ازدادت الجهات والشركات التي لدينا شراكة معها وستكون في المستقبل هناك مفاجآت تهدف إلى النهوض بدعم إنتاج الأفلام أكثر".

كيف تدعكم المؤسَّسات الأوروبية؟

الحضور الرسمي للدولة السويدية في المهرجان نعتبره بمثابة دعم يليق بالثقافة العربية وطرح هويّتنا الثقافية بمفهوم رسمي. ففي الدورة الــ 11 مثلاً كان من بين الحضور كارينا نيلسون رئيسة بلدية مالمو، وفريدا ترولمير رئيسة لجنة الثقافة في المدينة، وجيتا فيل مديرة مكتب الثقافة في مقاطعة سكونه، وتربيون نيلسون رئيس مكتبة المدينة، إضافة إلى ماغنوس لونديرغويست رئيس اللجنة الثقافية لمقاطعة سكونة.

هذا التمثيل الرسمي يُعبّر عن مدى الدعم العالي للمهرجان، والجدير بالذِكر أن حفل الافتتاح يُقام معظم الوقت في القاعة الملكية في مبنى البلدية حيث يستقبل به عُمدة المدينة ضيوف المهرجان.

كيف يتلقّى المشاهد السويدي الفيلم العربي؟ 

يقدّم المهرجان في السويد من خلال صورة بانورامية أبرز إنتاجات السينما العربية، ومنها مجموعة من أبرز الأفلام التي تطرح قضايا إنسانية هامة ومتنوِّعة، وهو ما يُبرز دور السينما في تحقيق الاندماج والتكامُل بين المجتمعات، فضىً عن الحوار الذي يجرى بين الحضور والمخرجين والممثلين. 

هناك من يقول إن تأثير المهرجان لا يتعدّى النخبة من المُهتمّين بالسينما؟

  • "مهرجان مالمو للسينما".. منصَّة سينمائية عربية في أوروبا

هنا في أوروبا لغة أرقام هي الحاكِمة في جميع ما يطرح من أسئلة. لقد بات "مهرجان مالمو للسينما العربية" أحد أهم الفعاليات السينمائية العربية في أوروبا، والتي تستقبل سنوياً العشرات من المخرجين والنجوم والنقّاد العرب، بالإضافة إلى صناديق دعم تلمشاريع السينمائية الشابّة والفرص الحقيقية لدخول الأسواق الأوروبية. النخبة تعرفيها هم مجموعة محدَّدة يعني نتاول جدلاً نقول 50  أو أكثر ولكن عندما يتعدّى حضور الجمهور إلى الآلاف لفترة انعقاد المهرجان لأسبوع كامل يكون الأثر يتعدّى النخبة. السينما ثقافة والشعب الأوروبي مثقف سينمائياً ومحب للتنوّع.

عقدت الدورة الأخيرة من المهرجان في ظل ظروف صحية عالمية صعبة. كيف تأثرتم بجائحة "كورونا"؟

على غرار العديد من المهرجانات السينمائية حول العالم، التزمنا بقرارات وزارة الصحة السويدية واتجهنا إلى إقامة الدورة أونلاين عبر منصَّة رقمية مُخصَّصة للمهرجان. ربما هنا تبرز أهميّة التحدّي والعمل المهني للمهرجان في دورته  الـ 11 التي جمعت بين الحضور والعروض الافتراضية. نظمنا المهرجان وبثّت جميع فعالياته عبر المنصَّة الإلكترونية الخاصة وتطبيق zoom للمشاركين من حول العالم. لكننا رغم ذلك حافظنا على كافة تفاصيل حفل الإفتتاح والختام، وورشات العمل، واللقاء بين المخرجين والنقّاد.

أما حضور الجمهور في صالات العرض فاقتصر على 8 أشخاص في قاعات السينما المتعدّدة، التزاماً بشروط التباعُد الاجتماعي.