يا قاتلي ... عليكَ السلام!
إصرخوا للحب وغنّوا ... يا قاتلي عليك السلام!
نخاف الحبّ. سَعْينا إليه يُعادل ارتياعنا من خسارته. المحبّون يجزعون من الألم الآتي بعد بذل أنفسهم. نوافذ قلوبهم المفتوحة تظل مُشرّعة انتظاراً لاستقبال المحبوب الذي رحل. وجع الفقْد يوقظ البرد الفاجر في الأوصال وينتهي ببكاء مديد لا ينضب معينه. أسوأ ما يتوجّس منه المحبّون وهم في غزارة الحب، أن يُجبَروا يوماً على وصد نوافذ قلوبهم إلى الأبد. الأفئدة المُغلقة ميتة ولو نبضت.
وحيدون. أكتافنا التي ترتطم بأكتاف المارّة في الشوارع المُكتظّة لا نشعر بها. الناس خيالات ونحن في الأرض غرباء. هذا ما نحسّ به إذ نصرخ للحب ولا يلتفت إلينا. التماسنا للحب مجبول بالحسرة على ما مضى. نريد الحب ولا نتحمّل وجعه. عذابه يُصحّي فينا كل ما عداه من أحزان مُسجّاة في ثرى الذاكرة، حتى تستحيل جسماً حيّاً هائلاً من اللوعة.
... ومع هذا نروم الحبّ. حلم يُجمّل وجه الحياة القبيح. مرهم يجعل الآلام اليومية سهلة التحمّل. واحدنا يصبح أكثر قوّة لمجرّد أن يُمسِك أحدهم بيده. تنقشع الرؤية أمامه ويضحى قادراً على تلمّس الدرب. المحب عكّاز نتّكىء إليه في تعبنا. في وهننا. المُحب حكيم يدفعنا إلى الجنون ويحمينا من سقطاته في آن.
كم من مُهَجٍ سكتت أصوات قلقلتها؟ كم من أفئدة أرتجت شرفاتها إلى الأزل؟ أبواب قلوبكم شرّعوها عن آخرها. ثقوا ألا حبّ يدوم إذ يتخلّى عنه أحد الحبيبين. لا يُهرق أحدكم حياته منتظراً عودة محبوبه بعد هُجران، فمن يحب لا يهجر.
إبذلوا أنفسكم في الحب. أحفروا بصمة كرمكم السرمدية. تلك التي تبقى ماثلة أمام عينيّ الحبيب، ولو أن حبكم له سينطفىء مع الزمن ويتحوّل إلى رماد. سخاؤكم سيظلّ يسكن وجدان الحبيب في بُعده، مهما تعاقبت على قلبه لاحقاً أشخاص ووجوه.
إصرخوا للحب وغنّوا ... يا قاتلي عليك السلام!
ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]