إليكم قصة شاب عراقي تحدى داعش ... ثقافياً!

في العاصمة العراقية بغداد تنتشر مكتبات ذات تنوع في الشكل والمكان تعدت بحضورها المقاهي والمطاعم. "المكتبة المتنقلة" أو "Iraqi Bookish"، مثال حيٌ على دور الثقافة في مواجهة الإرهاب. فتعالوا نتعرف عليها.

علي الموسوي مؤسس مشروع "عراقي بوكيش - Iraqi Bookish"

حلم القارىء بوصلة تتجه نحو رفوف الكتب، أشبه بالحنين لرائحة عشب الأرض، بعيداً عن فوضى الحروب والواقع المرير. تتجه نحو أداة من أدوات تكوين المعرفة البشرية في مواجهة العصر الرقمي والتحولات الجذرية في ثقافة المجتمعات.

في العاصمة العراقية بغداد، إنتشرت بشكل لافت مكتبات ذات تنوع في الشكل والمكان، تعدت بحضورها المقاهي والمطاعم وحتى المولات التجارية، منها الثابتة والمتحركة .. "المكتبة المتنقلة" أو "Iraqi Bookish"، مثال حيٌ على ذلك.

 

بداية "Iraqi Bookish"

أخذ النادي على عاتقه مناقشة الكتب الأدبية

بدأت حكاية الكتب مع علي الموسوي (26 عاماً) في فكرة مرنة تنغرس بين ثنايا عقل القارئ، عندما أنشأ "مجموعة - Group" على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" في عام 2014، ثم صفحة بعنوان "عراقي بوكش"، سرعان ما تحولت وبعد نشاط مكثف إلى تأسيس ناد للقراءة والكتابة، وبشكل مستقل.

أخذ النادي - إنطلاقاً من مراكز ثقافية وعدد من المقاهي والمطاعم - على عاتقه مناقشة الكتب الأدبية من الرواية والشعر، وإقامة الحلقات الدراسية والندوات الأدبية، بحضور عدد من الكتاب والنقاد والشعراء، مع تقديم فقرة موسيقية للعازفين الشباب والتعريف بهم، بالإضافة إلى تشجيع المواهب الصغيرة.

الموسوي الحاصل على شهادة البكالوريوس في قسم الترجمة (إنكليزي) من كلية المأمون الجامعة، تحدث للميادين نت عن تجربة المكتبة قائلاً: "بدأت انطلاقتنا الحقيقية مع دخول داعش للعراق، إذ كان هدفنا محاربة الارهاب وتثقيف المجتمع نحو التغيير. نحن مؤمنون تماماً أن الحرب الحقيقية هي حرب الكتب وليس السلاح"، مضيفاً "المشروع تلقى عروضاً كثيرة من قبل أحزاب سياسية، لكنني رفضت، من أجل أن أحافظ على الاستقلالية، وأن يكون نادي القراءة والكتابة لجميع العراقيين".

من جهتها، قالت النائب شروق العبايجي للميادين نت خلال حضورها إحدى فعاليات نادي القراءة والكتابة:"هذه تجربة رائدة، وفيها مميزات كثيرة جداً لتشجيع تبادل الأفكار بناء على القراءات المتنوعة التي يعكسها شريحة كبيرة من الشباب"، مردفة "هي من المبادرات التي تعكس روحية الشباب وطريقة تعاملهم مع ما يجري في العالم من أفكار وطروحات، والنقاش فيها بحرية".

النادي وضع إلى جانب نشاطاته أيضاً برنامجاً على موقع "يوتيوب" بعنوان "حديث بوكيش –bookish talk" يتطرق من خلاله الموسوي إلى مراجعة للكتب القديمة والحديثة مابين الأدب والعلم والاجتماع والفلسفة، ويتحدث فيه عن فن القراءة أيضاً.

موسيقى ترافق الأوراق

للموسيقى طقس يختلف عند القُراء، يوطد العلاقة مع الكتب ويعزز مهارات اللغة، ويجعل الإنسان أكثر استجابة لأصوات الكلام.

ولأنها حاضرة في فقه الحياة، وجدت من نفسها مكاناً ضمن فعاليات نادي القراءة والكتابة، بما يضيف روحاً جميلة للندوات والحلقات النقاشية.

موسيقى عازف الكمان أمين مقداد وفرقة أنغامي الفلكلورية، تركت أنغاماً ساحرة بين القراء، ووجهت رسالة إنسانية مفادها أن الموسيقى ترافق الكتاب في عالم جميل من الثقافة والابداع.

الكتب تتجول

الكتب تتجول

هي سيارة صغيرة تحولت إلى معرض صغير يحتوي على نحو 500 كتاب، بعد إعادة تصميمها من الداخل على شكل رفوف خشبية مرتبة، هي قصة يصفها الموسوي بـ"الصدمة" للشارع، حين قرر إنشاء مكتبة متنقلة تحت عنوان "Iraqi Bookish" في خطوة غير مسبوقة، تتحدى الوضع الأمني بالتجول في شوارع بغداد وتختصر المسافة بين المواطن والكتاب.

"فكرة إنشاء مكتبة متنقلة جاءت لنشر الثقافة والوعي في المجتمع العراقي ومحاربة الجهل والتخلف"، يؤكد الموسوي "وليس لهذه المكتبة مكان ثابت بل تتجول في أزقة وشوارع بغداد لبيع الكتب بأسعار رمزية أولاً، وارسال رسالة مفادها أن الشارع يقرأ ثانياً".

 

ثقافة تتجاوز المكان

ثقافة تتجاوز المكان

المكتبة لم تتوقف وعجلة البحث عن القارئ مستمرة. هكذا وضعت "Iraqi Bookish" أسس مكتبات ثابتة في المولات المنتشرة في العاصمة العراقية، تتضمن مختلف الكتب الأدبية والعلمية والدينية، وتضاف إليها في خطوة جديدة كتباً تتعلق بالديانة المسيحية.

رفل الشمري، أمينة المكتبة في مول الواحة الواقع بمنطقة الجادرية قرب جامعة بغداد، قالت للميادين نت إن هدف وجود هذه المكتبة في هذا المكان بالذات "هو جذب الشاب غير القارىء إلى عالم القراءة. فالكتاب بحث عن الذات وتغيير طريقة الفكر ووعي الانسان"، وأشارت إلى أن "المجتمع العراقي بحاجة اليوم إلى ثورة فكرية".

الشمري أشارت إلى أن المكتبة ""خصصت مساحة مجانية لقراءة الكتب لمدة 24 ساعة، وحتى للموجودين من موظفي المول"، موضحة أن "موقع المكتبة جذب طلاب جامعة بغداد إلى اتخاذها شكلاً من أشكال الاستراحة، والاطلاع على آخر النتاجات الثقافية الأدبية والاجتماعية، وحتى آخر إصدارات الكتب باللغة الانكليزية".

 

 

نادي قراءة للأطفال

تم الاعلان مؤخراً عن أول نادي قراءة خاص بالاطفال

وضمن آخر نشاطات "Iraqi Bookish"، تم الاعلان مؤخراً عن أول نادي قراءة خاص بالاطفال في العراق، بهدف بناء شخصية الطفل العراقي، وتعليمه ثقافة الموسيقى والرسم.

يوصي الموسوي في حواره مع الأطفال خلال إحدى جلسات النادي، باعتماد الفكرة كأساس للتعلم والكتابة والرسم، والتشجيع على قراءة القصص، ويعتبر أن نادي القراءة للبالغين "لم يعد كافياً لتثقيف المجتمع، بل يجب العمل على تنشئة جيل جديد عبر تثقيف الأطفال، وتحفيزهم على القراءة والتعلم والإبداع".

كما كشف الموسوي عن خطة جديدة لمكتبة "Iraqi Bookish" وهي إقامة غاليري لرسوم الأطفال والشباب خلال ورشات نادي القراءة وفي المكتبات، بالإضافة الى عزمه طباعة قصص الأطفال.

بدورها تقول الشمري "نحن نعمل على تعزيز ثقافة الاطفال وبناء شخصية الطفل العراقي، بالاضافة إلى تعليم الطفل ثقافة الموسيقى والرسم، وتشجيع المواهب".

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]