أين أنت يا ريما؟

ريما لم يخطفها الغجر من تحت خيمة مجدلية، بل اختطفتها الحرب.

  • أين أنت يا ريما؟
    صورة من استقبال أهالي القريتين لمخطوفين كانوا لدى داعش في العام 2017

20 كانون الأول/ديسمبر، قد يكون هذا التاريخ عادياً بالنسبة للبعض، لكنه في سوريا يحكي قصة انتظار يحترق أمامنا ويحرقنا معه. كيف للغياب أن يكون قاتلاً؟ كيف للإنسان أن يختفي من دون أن يموت!

اليوم، سنرفع أصواتنا، سنخلع الرداء المنمّق، سنخاطبكم بكل شفافية وبعيداً من الشعارات. نناشدكم من إنسان لإنسان ونقول إن قضية المخطوفين فوق كل السياسات والقمم والمؤتمرات. إنها قضية إنسان وقلب مفجوع يقف على عتبة الانتظار متمسّكاً بالرَمق الأخير من الأمل.

في 20 كانون الأول/ديسمبر أطلقت حملة "يوم المخطوف السوري" التي تتزامن مع تاريخ سقوط مشفى الكندي في حلب واختطاف عدد من الجنود السوريين. قرأ السوريون الكثير من الأخبار عن هذه الحملة في الآونة الأخيرة وتحدّثت بعض الصفحات الإلكترونية والقنوات السورية عن تفاصيلها وبدايتها التي كانت عبر التواصل مع ذوي المخطوفين وأهلهم من خلال منظمّي الحملة ومطالبتهم بتدوين قصص المخطوفين ونشرها متضمّنة التفاصيل الدقيقة، بما فيها مواعيد اختطافهم وآخر فيديوهات مسجّلة لهم قبيل الاختطاف.

كانت خطوة فعّالة هدفها التذكير بهذه القضية خوفاً من أن تضيع بين ملفات وتداعيات الحرب، حيث سيتم نشر أخبار تخصّ المخطوفين في هذا اليوم من كل عام.

لكن السؤال المشترك بين جميع السوريين يظلّ "إلى متى؟". ألم يحن الوقت بعد كي ندرك أن المواطن أهم من الآثار؟ وأغلى من الثروات الباطنية؟ وماذا سيعني الوطن لأبناء المخطوفين؟ بماذا سنُجيبهم عند سؤالهم؟ هل نقول لهم إن المخطوف حيّ يُرزِق؟ أم شهيد؟

اليوم في سوريا ستجد أمّاً تبكي وجعاً اذا سمعت أغنية "يا رايحين ع حلب..حبي معاكم راح"، وستسمع ألف تنهيدة مع قول فيروز: وعيت الشمس وزقزق العصفور وما إجت جلنار.

اليوم أكتب لكم بلسان ريما. ريما التي لم يخطفها الغجر من تحت خيمة مجدلية، بل اختطفتها الحرب وما تحتويه من جهات وسياسات وتوجّهات.

ما ذنب ريما؟ أجيبوني؟

اليوم نحاول أن نوصل إليكم الوجع من دون أية اعتبارات سياسية، بل إنسانية، إنسانية فحسب. نسعى لأن ندخلكم إلى أيامنا وحياتنا لتفهموا الشعور! فهل تسمعون أصواتنا؟ هل تعرفون وجعنا ونحن نغنّي: وحدهن وجوههن وعتم الطريق عم يقطعوا الغابة؟ ويا رايحين وتلج ما عاد بدكن ترجعوا؟ أجيبوني! هل تعلمون شعورنا في موسم الأعياد. جميعكم كنتم بجانب شجرة الميلاد تستقبلون العام الجديد، فيما نحن وحدنا كنا نقف عند شبابيك الانتظار. ننظر إلى الكرسي الفارغ وننتظر. تمرّ السنين ولم نزل ننتظر!

وتذرف العين ما تبقّى فينا من أمل كلما غنّت فيروز: ونطرتك ع بابي بليلة العيد.. مرقوا كل صحابي.. ووحدك البعيد. أين الرأي العام من كل هذا؟ أين الإنسانية؟ وأين ريما؟

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]