الموسيقى والتراب!

الموسيقى منا ونحن من التراب.

تمازج عجيب بين الموسيقى والتراب!

تأسرنا الموسيقى فلا نقوى على تسرسب الألحان من دون الجرف بـــ (أجعص) المعاني والذكريات فينا. وأماكن تاهت بها أمنياتنا. وأمنيات وأدناها قصراً. وأمنيات قتلناها عمداً مع سبق وتأخّر الإصرار والتأكد.

بعض الأماني بل جُلها كانت شخصيات إعتبارية. وما اعتبرناها إلا لاعتبارات لحظية. كانت تطوّق أحلامنا واشتهاءتنا. شخوص ظننا أنا لا نقوى على المضيّ دونها. ومضينا. وظننا أن لن نعبر بنا دونهم وعبرنا. شخصيات كنا نظن أنا لن نسرب دونها وسربنا. شخصيات تخيّلنا أنا لن نتوغّل الدنيا دونها وأوغلنا. شخصيات تخيّلنا أنا لن نكتشف دونها ....خُلق ونبضات  ... فتخلقنا  واكتشفنا. شخصيات ظننا أنا لن نشكر ونمدح غيرها وشكرنا....وبقينا من الحامدين!

فاعتبار الشخوص يرتبط بالأوقات والأحداث التي تقترن عمداً بأحداث وأقوال وتفاصيل. فتتضخّم الهالة الحدثية والحسيّة في أوقات الذروة الحسيّة تلك. وتخفت بزوال المؤثّرات. الذين لا تخفت داخلهم الذكريات التي تحتال من أحداث عظيمة لذكريات مريرة... لفواتها. هم أولئك الذين يتحفّظون عليها بحمق وجهل. فيسارعون في ذكر الله عليها لحفظها. فيستجيب الله تعالى ويعمل القدر لتنفيذ رغباتهم الكامنات. وتُحفظ لهم الذكريات المميتات. الذكريات العبقات.وتستخرجها الصدف المباشرات. تضرب بأهوائهم عرض الحوائط الزمنية التي تتجمّد بين بين. فيظلّ هؤلاء الأشخاص قاب قوسين (لا أكثر). فتمضي السنون. وهم لا يدرون. لا يدرون. أن بياض الشعر هو أقسي بياضات العُمر. والذي  يمر على المرء المُفلِس. إفلاس أحداث. لن تكون. أبداً لن تكون. بَيْدَ أن التخلية تكون عادة قبل التحلية. التخلية والتخلّي عن ما يعتمر به القلب والصدر والإدراك. أولى خطوات التحلية. وتحلية العُمر في اعتباري. ليست الفوز بالحسنيين. الحب والاستقرار. بل الاستقرار الداخلي هو قوس النصر. وطوق النصر. وأول النصر. وكل النصر. فالاستقرار قوّة. كالاتحاد تماماً. فتتّحد مكوّنات العبد المستقرّ.لتنتج أجمل مكوّن هادىء في شكل. (أنا). لا تنقصها نقيصة. ولا تشوبها شائبة.ولا تنوبها نائبة.ولا تنغّصها ناغصة.ولا ترعبها أهوال دنيا بربها.فالرب يكون أقوى المؤثّرين بـــالأنا.والرب يكون الدليل الأوحد لـــلأنا.والدليل الأشمل للأنا.والدليل الأوضح للأنا.والدليل الأرسخ للأنا.والرب يكون ويظلّ الرفيق الدائم للذات.والمقيم بالذات.فيعتمر القلب بالرب.والرب يظل المرجع والقياس.فنشد أحداثنا على وثاق الثقة.ونثبتها بمقابض من وعي شديد.ويقين مقيم. وعلم على العالمين.

الموسيقى و التراب

الموسيقى منا ونحن من التراب. أصلنا تراب.وفصلنا موسيقى.خُلقنا منه وخلقناها بأيدينا...بأحاسيسنا ....بإبداعاتنا...أبدعنا الطرب.وطرب الروح ما هو بالدك ولا بالهزج.طرب الروح بما يخامرها.فالتبيان طرب روح.والأمان طرب روح .والمكان طرب عقل.والإنتماء غذاء روح.والهدوء طرب روح.والحب طرب روح.الطرب لا يتم بالترانيم فقط.فترانيم الصمت أبلغ من ترانيم المغني.وبين المغني والصوت أبعاد فلسفية.ذوقية .ثقافية.تفضيلية.وفضائلية.التراب أول ما طربنا باللهو به.فما كنا نرغب بأكثر من الـــ (تمردغ) بذاك التراب ... لـــنلهو.و ما كنا على علم بخلقنا منه.فقط شيء ما شدنا له.أسعدنا التراب كثيراً.كما تسعدنا الآن الموسيقى كثيراً.شيء ما جعل السكينة في اللهو بذاك التراب.شيء ما جعل من التراب ملاذاً فطرياً لصغار القلوب.والعقول.ما تمرّدنا على التراب وأحببنا التبر إلا بعد زوال الفطرة .والعبرة.

أما الموسيقى ما فهمناها إلا أنا كنا نستكين في صغرنا لموسيقات تختلف في ترانيمها.فــــ (طقطقة) الأصابع كانت رزماً ننام عليه بعد بكاء طويل.وهدهدة الصوت الشجيّ آنذاك من آبائنا كانت كفيلة بترنيمنا.فـــ (هدهدونا) بالموسيقى .وعلمونا بالنسق.وحفظونا بها الدروس.والقصائد الطوال ما ابتلعناها إلا بالسياقات الموسيقية.المتزنة والمتراصة.المنمّقة.والمُستطابة.فطابت لنا الدروس الموسيقية .والطروبات التعليمية.فحفظنا وتمايلنا مع المحفوظات.والأناشيد.والدعاءات.فالرابط بين الموسيقى والتراب كبير.فنحن بين ذلك وتلك .ربينا.

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك المقالات والتحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]