تحية لفلسطين والجنوب من القبيات في الشمال اللبناني

لقاءات 2024 في شمال لبنان تسلّط الضوء على الاعتداءات المستمرة على جنوب لبنان، والإبادة الجماعية والبيئية في فلسطين من خلال محاضرة رئيسية، وأفلام تناولت هذه القضايا بشكل رمزي وواقعي.

  • تحية لغزة والجنوب من أقاصي الشمال اللبناني
    تحية لغزة والجنوب من أقاصي الشمال اللبناني

في نسخته السادسة، يزداد مهرجان "ريف" تطوراً في مفاهيمه، وفعّالياته، وينطلق من مركزه في أقاصي شمال لبنان في بلدة القبيات ليتحوّل إلى عروض مستدامة في مواعيد ومناطق مختلفة من لبنان، قد تتجاوز الصيف.

الدورة السادسة لـ"ريف" ركّزت على التنوع البيولوجي والبشري، وتُرجمت مسابقة أعمال الدورة عروض 8 أفلام قصيرة لبنانية نتاجاً لبرنامج "التنوع البيولوجي والسينما".

قصة الأفلام الثمانية ليست مصادفة، فللسنة الثانية على التوالي جمع برنامج سفراء ريف، مجموعة من 22 شاباً وشابة، تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة انضووا في لقاءات، وتابعوا برنامجاً صمّم خصيصاً لهم تركّز على التنوّع البيولوجي والتقليد الحيوي (biomimicry)، إلى موضوعات تتعلّق بعروض أفلام ومقدمة في النقد السينمائي، وانتهى البرنامج بـ 8 أفلام قصيرة تركّزت على البيئة من نواحٍ مختلفة.

ستعرض الأفلام في دورات لاحقة في بيت الفنان-حمانا 29 آب/أغسطس الجاري، ومعرض طرابلس الدولي في الـ 31 منه، ومتروبوليس بيروت 21 أيلول/سبتمبر المقبل، وجرى تأجيل عرض بكاسين الجنوبية بسبب الظروف، إلى عروض أخرى في البقاع ومناطق لبنانية أخرى.

نتائج المسابقة 

حكّمت لجنة متخصصة نتائج المسابقة، وضمت سولي غربية، مديرة المنح في الصندوق العربي للثقافة والفنون، وميشيل كسرواني، مخرجة أفلام، وبيتي توتل، ممثلة وكاتبة ومخرجة، ومارك بيروتي، مهندس زراعي، وكارلوس نفاع، أستاذ جامعي ومستشار متعدد التخصصات في السياسات العامة وتطوير البنية التحتية. 

وبرعاية المنظّمة الدولية للفرنكوفونية، ذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى فيلم "شجرة الجحيم" لرائد زينو، وقد أجمعت على أن "اختيار الشجرة الغازية هو اختيار مثالي لإظهار التوازي بين الطبيعة وسياسات الاستيطان". 

"غزو هذه الشجرة للأنواع المستوطنة يذكّر بالاحتلال والاستعمار، والقصة الشخصية تتكامل بشكل جيد مع القضايا العامة"، بحسب اللجنة، ووفقاً لرائد زينو: "لا يمكن الفصل بين القضايا البيئية والسياسية، فالتغيّرات المناخية التي نشهدها هي نتيجة سياسات الإنسان".

لجنة التحكيم أضافت تنويهاً خاصاً لفيلم "أفق" للمخرجَين موسى شبندر وشيرين رفول لأن "الفيلم يحمل رسالة بيئية إيجابية، ولأنّ التعصّب في هذه الحالة قد يكون خطيراً"، ورأت اللجنة أنّ "التحوّل الذي طرأ على الشخصية الرئيسية التي لا تخجل من ممارساتها السابقة من حيث ذبح الطيور أمر إيجابي للغاية" .

الأفلام الدولية القصيرة

فيما يتعلّق بمسابقة الأفلام الدولية القصيرة، منحت لجنة التحكيم جائزتها لفيلم "موسم" للمخرج حسين إبراهيم الذي يحاكي تجربة شخصية للعديد من الرجال في لبنان، بمن فيهم عضو لجنة التحكيم كارلوس نفاع، الذين أجبروا في طفولتهم على إثبات رجوليتهم من خلال ممارسة صيد الطيور.

وبحسب المخرج "يعكس الفيلم نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في أوائل التسعينيات التي لم تجلب ضمانة حقيقية للسلام". 

وأُعطي تنويه خاص للفيلم الصيني "شياوهوي وبقرته" للمخرج شين يينغ لاو لأنه أظهر بطريقة خفية العلاقة بين الأم والابن، من وجهة نظر الطفل، رأينا صراعه الشخصي في التعامل مع الانفصال عن والديه والطبيعة والبقرة.

وبرعاية المجلس الثقافي البريطاني، ذهبت جائزة سفراء ريف هذا العام إلى فيلم "يوم انتقام الطبيعة" للمخرجة اللبنانية كيم إلياس مجدلاني عن كيفية استعادة الطبيعة أرضها من خلال التعاقب البيئي بعد أن هجر الإنسان محطة قطار لبنانية. 

إشارة إلى أنّ هذا الفيلم عرّف بدقة إلى الأنواع التي تشكّل جزءاً من التنوّع البيولوجي في لبنان في مشهد جميل. 

كما تأثّر الكثير من سفراء ريف بفيلم رائد زينو وأعربوا عن إعجابهم بالتوازي الذي تم بين المستوطنات والاحتلال الإسرائيلي والشجرة الغازية، كما أنهم عبّروا عن تأثّرهم بفيلم "موسم" لكونه يطرح مشكلة ثبوت الرجولية من خلال العنف في مجتمعنا والوقوف ضد الرأي الخطأ ولو كان صادراً من سلطة أبوية، وذهبت جائزة الجمهور إلى فيلم "شجرة الجحيم" تأكيداً للقوة التأثيرية لفيلم رائد زينو.

فعّاليات متنوّعة

وكانت أيام ريف قد مرّت بعدة محطات، منها "التنوّع البيولوجي والسينما"، ومسابقة الأفلام القصيرة الدولية السنوية،  وعرض 5 أفلام دولية خارج المسابقة، ومحاضرة: التنوّع البشري والبيولوجي تحت التهديد- حالة جنوب لبنان، والرحلات في الطبيعة، وزيارات معالم أثرية، منها مسيرات "براري وحكايات"، وفيها التعرّف إلى النباتات، والطيور، والزواحف، و"درب الشوح، بردّ الروح" ، وحكايات الشجر بالقمّوعة لاكتشاف الشوح الكيليكي وأشجار اللزاب.

  • لقطات من الأفلام المشاركة
    لقطة من الأفلام المشاركة

وجرت "لقاءات خالية من النفايات"، ومسابقة جمع البلاستيك وورشة إعادة التدوير، وأقيم معرضان "لبنان: كنز من التنوّع البيولوجي" نظّمه المعهد الفرنسي عرضت فيه 25 صورة رمزية لأنواع الطيور المهاجرة والنظم البيئية الطبيعية، إضافة إلى فعّالية "من حبر على ورق إلى فعل" وفيها استخدام فن القصص المصوّرة لإنقاذ الكوكب.

كذلك،  أقيم معرض رقمي من إنتاج مهرجان بحيرات الدولي لفن الكوميكس (LICAF) والمجلس الثقافي البريطاني - منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والهدف استكشاف فنانين من لبنان والعالم العربي تحديات أزمة المناخ والتهديدات البيئية.

تراثياً، أقيمت ليالي عشاء "من القلب": تحية لتراث النساء الريفي في الطهي، جرى خلالها تكريم تقاليد الطهي الريفية التي تتناقلها النساء على مدى ثلاثة أيام.

بالإضافة إلى ذلك، استضافت لقاءات ريف ورشة عمل عن البطاطا.

تضامن مع فلسطين

سلّطت لقاءات 2024 الضوء على الاعتداءات المستمرة على جنوب لبنان، والإبادة الجماعية والبيئية في فلسطين من خلال محاضرة رئيسية، وأفلام تناولت هذه القضايا بشكل رمزي وواقعي.

  • الفنانة الفلسطينية الملتزمة سلوى جرادات
    الفنانة الفلسطينية الملتزمة سلوى جرادات

وأقيمت أمسية فنية موسيقية للمغنية الفلسطينية سلوى جرادات، تميّزت بالتعاطف والتضامن والتواصل بين الجمهور، وأشادت الفنانة بجنوب لبنان وكذلك بالملحنين الفلسطينيين الذين تمّ نفيهم إلى مصر ولبنان والعراق في ثلاثينيات القرن الماضي والذين تركوا بصماتهم على المشهد الموسيقي في هذه البلدان.

جرادات فنانة فلسطينية ولدت في بيروت، أدّت حفلات ضمن عدة فرق وإنتاجات مسرحية في بيروت. وحفلها في موسم "ريف" كان تحية لجنوب لبنان وفلسطين.